كاتدرائية نوتردام.. جزء منا يحترق

  • 4/18/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لقد تفاجأ العالم مساء الاثنين وعبر محطات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي بحريق هائل يلتهم أقدم الكنائس الأوروبية، فقد شب حريق هائل في كاتدرائية نوتردام Notre Dame de Paris في العاصمة الفرنسية (باريس)، والتي الغى على إثرها الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) رحلته إلى الخارج وتوجه بخطاب إلى الأمة بعد أن غرد عبر حسابه على (تويتر) قائلاً: (كاتدرائية نوتردام في باريس تحترق، كل أفكاري مع الكاثوليكيين والفرنسيين، ومثل كل المواطنين، فإني حزين الليلة لمشاهدتي جزءا منا يحترق)!. لقد كانت لي زيارة إلى (كاتدرائية نوتردام) والمعروفة بـ«السيدة العذراء» في شهر يولية 2015م مع وفد من أعضاء جمعية (هذه هي البحرين)، وهي الكتدرائية التي يبلغ عمرها 850 عاماً، ومدرجة على لائحة اليونسكو للتراث العالمي منذ العام 1991م، وقد التقينا براعي الكاتدرائية الذي رحب بالجميع وكان استقباله للوفد البحريني حافلاً لما سمعه عن تاريخ البحرين ومستوى التعايش والتسامح الذي تنعم به المملكة في ظل جلالة الملك المفدى، وبعد كلمته الترحيبية أخذ بأيدينا إلى داخل الكاتدرائية الباريسية التاريخية التي شيدت بين القرنين الثاني عشر والرابع عشر والبالغ ارتفاعه 93 متراً للاضطلاع عليها من الداخل حيث كانت تحفة معمارية جميلة، والأجمل أن أبوابها مفتوحة للسياح، وهي تستقبل الملايين منهم كل عام. الكاتدرائية الباريسية تقع في قلب باريس التاريخي بالجانب الشرقي من جزيرة المدينة على نهر السين، وقد كانت الكاتدرائية كمكان رئيسي للأحداث في رواية (أحدب نوتردام) للكاتب فيكتور هوجو والتي تحولت فيما بعد إلى فيلم عالمي، وتقوم الكاتدرائية حالياً في مكان بناء أول كنيسة مسيحية في باريس«بازيليك القديس استيفان»، والتي بدورها مبنية على أنقاض معبد جوبيتير الغالو-روماني. لقد تغزل في الكاتدرائية الشعراء وجاءت أحدى الأغاني الفرنسية في وصف الكاتدرائية التاريخية قائلة: «إنها النبيلة بلا حدود، الأم اللامتناهية، البهجة اللامتناهية، المؤلمة بلا حدود»، وهذا الوصف (المؤلمة) يمكن أن يطلق على الكاتدرائية والعاصمة الفرنسية (باريس) بعد حادث الحريق المؤلم. لقد شهدت الكاتدرائية الباريسية الكثير من الأحداث والمواقف، ولا تزال الذاكرة الفرنسية تحتفظ بالكثير من ذلك التاريخ ومنها الزيجات الملكية التي كانت تقام في الكاتدرائية، وتتويج الملوك والرؤساء مثل نابليون الأول، والاحتفال بانتصار عام 1945م، وغيرها من المناسبات الوطنية التي يحتفل بها الفرنسييون. إن الحريق الذي أصاب كاتدرائية نوتردام وصفه الرئيس الفرنسي (ماكرون) قائلاً: (جزء منا يحترق)، هو وصف دقيق للحزن والأسى الذي أصاب العالم في هذا الموروث الديني والتاريخي والثقافي، وقد جاء في برقية التضامن التي أرسلها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة للرئيس الفرنسي: (إن هذه الكارثة خسارة فادحة لكل البشرية)، وقد عبر جلالته عن أسفه الشديد (لفقدان ذلك الرمز الديني والأثر التاريخي العالمي والإنساني العظيم)، وفعلاً مثل تلك الأماكن لا يمكن تعويضها، فالكثير من الموروث الإنساني الذي فقد في بعض الدول لا يمكن استرجاعه، لذا يتألم العالم بأسره لهذه الكارثة، ويتضامن مع الشعب الفرنسي، وقد عبر شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب في تغريدة عبر حسابه في التويتر عن حزنه تجاه الحريق الضخم الذي اندلع في كاتدرائية نوتردام بالعاصمة الفرنسية (باريس). إن قلوبنا جميعاً مع الشعب الفرنسي في الحادث الذي أصاب كاتدرائية نوتردام، لذا نتضامن مع شعوب العالم للمحافظة على الإرث التاريخي والحضارة البشرية التي سطرها الأولون، ولا يختلف أحد بأن الحضارة والثقافة الفرنسية لها مكانتها بين شعوب العالم، من هنا فإننا نمد أيدينا متضامنين مع الشعب الفرنسي لإعادة بناء الكاتدرائية وليعم السلام والتسامح والتعايش بقاء الأرض.

مشاركة :