تجربة في صحراء الجزائر مصدر إلهام إيمانويل شميت

  • 4/18/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج» يعتبر الكاتب الفرنسي «إيريك إيمانويل شميت» (28 مارس 1960) واحدًا من خمسة عشر كاتباً هم الأكثر مقروئية في العالم، وهو كاتب غزير الإنتاج، يمارس الكتابة المسرحية والقصصية والروائية، إضافة إلى أنه كاتب سيناريو وعازف بيانو وكاتب مقالات صحفية وفكرية، وقد ترجمت أعماله إلى حوالي 50 لغة عالمية، ومثلت مسرحياته في أكثر من 50 بلداً، وانتخب سنة 2012 عضواً في الأكاديمية الملكية للغة والأدب الفرنسيين ببلجيكا، وبدءاً من عام 2002 انتقل للإقامة في بلجيكا وحصل على جنسيتها سنة 2008 وقد عرفه العرب من خلال فيلم «السيد إبراهيم وزهور القرآن» المأخوذ عن مسرحية بالعنوان ذاته، وقد لعب الدور الرئيسي في الفيلم الفنان عمر الشريف. كان الأب الذي عمل لفترة مدلكاً طبياً، ملاكماً، وجرب الابن في مرحلة مبكرة من عمره أن يدخل في مجال الملاكمة، فخرج منها بكسر في الأنف، ليتخلى عن تمرده، ويصبح أميل للهدوء والتركيز في التفكير، وكان منشغلاً عن دراسته، ليستمع إلى الموسيقى بإفراط، ويعزف على البيانو، ويقرأ الروايات، ويكتشف الفلسفة، وقبل أسابيع من اختبارات الثانوية أو شهادة البكالوريا عزل نفسه في غرفة، وعمل ليلاً ونهاراً، حتى هزل جسمه، وبعد الفراغ من الاختبارات انهمك في قراءة رائعة بروست «البحث عن الزمن المفقود». بينت له العزلة أنها مفيدة جدا للعمل الفكري الذي اتجه نحوه، وقد صرح لجريدة لوموند سنة 2008 قائلا: «اختبارات الثانوية والجرعة الكبيرة من بروست، حولاني أخلاقيا إلى صفاء الذهن، ففي العزلة تم توجيه حياتي، والعزلة هي وحدها الفن الذي يمكنه أن يشفينا، وهي الصداقة الحقيقية» ويستمر في اطلاعاته ودراساته حتى يحوز الدكتوراه بعنوان «ديدرو أو فلسفة الإغواء» فقد كان شميت يرى أن ديدرو هو أستاذه ومثله الأعلى، وكان يعد نفسه تلميذا له، حتى أطلق عليه البعض لقب «ديدرو القرن الحادي والعشرين» وكان يقول عن نفسه: «إنني المؤلف الوحيد الذي لا يزال حيًا من القرن الثامن عشر». مارس شميت مهنة تدريس الفلسفة، التي علمته أن يكون هو نفسه، وأن يكون حرا، ثم ترك التدريس منذ سنة 1993 ليتفرغ للكتابة بعد نجاح مسرحيته الأولى «ليلة فالوني» وكان يذكر أن سبب ميله إلى المسرح أن أمه اصطحبته وهو طفل لحضور مسرحية «سيرانو دي برجيراك» لإدمون روستان، فتأثر الطفل بها حد البكاء، وكانت محاولاته لكتابة المسرحيات تقوم على تقليد كتابات الآخرين، خصوصا موليير وشكسبير، وما يدل على ولعه بالمسرح أنه يقول: «عندما كنت أدرس الفلسفة، كثيرا ما كنت أتحدث لطلابي عن المسرح وأوجههم إلى مطالعة سوفوكليس وكذلك شكسبير». في سنة 1989 ذهب شميت مع عدد من أصدقائه إلى الجزائر، وارتقوا هناك قمة عالية، ولما أرادوا الهبوط رغب شميت في النزول بطريق اختاره، بعيداً عن زملائه، وهبط الظلام عليه، وحل البرد الصحراوي، وانتابه الخوف الشديد، فما كان منه إلا أن دفن نفسه في الرمال ليتقي شر البرد، وشعر حينئذ بأن هناك قوة خارقة تدير الكون، وبقيت تلك الليلة الصوفية تجربة مؤسسة في حياته، يقول: «عندما عثرت على أصدقائي في صباح اليوم التالي شعرت بالخجل من جعلهم يقلقون من اختفائي، ولم أجرؤ على إشراكهم في فرحتي، وكانت تلك الليلة في 4 فبراير». يقارن شميت بين كتاباته قبل هذا التاريخ الفاصل وبعده، قائلا: «انطلاقاً من ذلك التاريخ تمكنت من الكتابة، وبدا لي حتى ذلك التاريخ أن كل ما كتبته إنما كان عبثاً»

مشاركة :