وسط مشاركة بلغت ضعف العدد المتوقع، وفي مبادرة تصب في اطار خطط العمل الوطنية المتعلقة بالتنمية المستدامة، افتتح الدكتور عبدالحسين بن علي ميرزا وزير الكهرباء والماء امس بمركز المؤتمرات بفندق الخليج ملتقى الطاقة المستدامة الدولي الأول الذي ينظمه مركز الطاقة المستدامة بالتعاون مع جمعية المهندسين البحرينية وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي تحت شعار «تعزيز الطاقة المستدامة في مملكة البحرين»، وذلك بحضور عدد من كبار المسؤولين والسفراء ورؤساء الشركات الصناعية والمؤسسات الحكومية وأكثر من 500 مشارك من داخل وخارج المملكة. وفي كلمته بافتتاح الملتقى، أشاد الدكتور عبدالحسين ميرزا بتوجيهات القيادة والحكومة الموقرة لتشجيع الاستفادة من الطاقة المستدامة والعمل على تحسين كفاءة الطاقة من أجل التنمية الشاملة وتحقيقًا لأهداف الامم المتحدة في التنمية المستدامة وخاصة الهدف السابع المتعلق بتوفير طاقة نظيفة ومتجددة للجميع، كما استعرض الوزير إنجازات مملكة البحرين في مجال الطاقة المستدامة وتحسين كفاءة الطاقة، والخطوات الواسعة التي تم احرازها في هذا المجال، وتحدث عن الأهداف الوطنية التي اعتمدتها الحكومة لبلوغ نسب محددة من الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة بحلول عام 2025 وتوفير ما يقارب 230 مليون دينار بحلول العام ذاته. من جانب آخر، أوضح ميرزا أن هذا الملتقى يركز على هدفين اساسيين، الأول هو تعزيز قاعدة المعلومات وتحسين قدرات الجهات المعنية بتطوير وتنفيذ البرامج والاستراتيجيات المتعلقة بالطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وذلك من خلال تبادل المعلومات والخبرات على الصعيد المحلي والإقليمي، والهدف الثاني هو فتح أسواق جديدة للطاقة المستدامة وجذب الاستثمارات، بالإضافة إلى توفير فرص عمل جديدة، ورفع مستوى الوعي بأهمية اعتماد الطاقة المستدامة كطاقة بديلة تعتمد على المصادر الطبيعية المتجددة مما يساهم في توفير الاعباء الصحية والاقتصادية التي تنتج عن استخدام الطاقة التقليدية وهدر مصادرها. وتطرق الوزير إلى جدول أعمال التنمية المستدامة 2030 الذي اعتمدته 193 دولة، مبينا انه يقدم مبادئ تتحقق من خلال العمل المشترك وتضمن العيش على كوكب مستدام يتم بالسلام ومعيشة وبيئة أفضل. موضحًا أن الاعتماد على الطاقة المستدامة والنظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومن خلال أساليب التكنولوجيا الحديثة، يحقق فوائد بيئية جمة ويحد من انبعاثات الكربون، ويخفض كلفة وفاتورة استهلاك الطاقة. وبنفس الوقت، فإن المؤسسات والاستثمارات ستضمن العمل في نظام استثمارات مربح يحقق عوائد اجتماعية واقتصادية وبيئية كبيرة في إطار مصادر الطاقة المتجددة بما يضمن أن تكون بيئتنا نظيفة وأن الهواء الذي نتنفسه صحي. الامر الذي يؤدي إلى توفير مئات الملايين من الدنانير التي تنفق على علاج الأمراض ذات الصلة بالبيئة. ودعا الوزير في كلمته المستثمرين إلى المساهمة الفاعلة في هذا الجانب من خلال الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، مشيرًا إلى ان السنوات العشر الأخيرة قد شهدت ثورة في قطاع الطاقة ونمت مصادر الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بمعدل لم يسبق له مثيل في العقد الماضي وتجاوزت. وقال الدكتور عبدالحسين ميرزا ان البحرين تتمتع بوفرة من الطاقة الطبيعية التي يمكن استغلالها مثل الطاقة الشمسية، الامر الذي يعد ميزة كبيرة لتسخير الطاقة المتجددة لتوليد الطاقة التي تحتاجها المملكة. واستعرض الوزير امام الحضور عددا من الخطط الحكومية في هذا الصدد، مشيرًا إلى ان الحديث عن الطاقة المستدامة بات جزءا من رؤية وطنية مستقبلية. ويتلخص الهدف الوطني المعتمد من قبل مجلس الوزراء الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 5% بحلول عام 2025 و10% بحلول عام 2035 مع تحسين الكفاءة بنسبة لا تقل عن 6% بحلول عام 2025. وهذا ما يؤدي إلى توفير مالا يقل عن 230 مليون دينار. وبات الهيكل التنظيمي لوزارة الكهرباء والماء ينقسم لقسمين هما مركز الطاقة المستدامة وهيئة الكهرباء والماء. ومن الأهداف المنشودة في خطط وبرامج التنمية المستدامة ضمان حصول الجميع على طاقة نظيفة ومستدامة وبأسعار، خاصة وان البحرين قد تعتبر جزءا من الاتفاقيات التي تلزم بالحد من انبعاثات الغازات. ولخص الوزير الالتزامات الوطنية في هذا الشأن بحماية البيئة الطبيعية وتوجيه الاستثمارات إلى الاعتماد على تقنيات من شأنها أن تقلل من انبعاثات الكربون ومن التلوث، وتشجع على استخدام مصادر الطاقة المستدامة، والبحث عن مصادر جديدة للطاقة المتجددة لتلبية الطلب المتزايد في البحرين. منوها بأنه ومنذ شهر مارس 2018. بات هناك أكثر من 40 نظاما شمسيا مفعلا أو قيد الاعداد لخدمة الشبكة الوطنية، كما تم أمس الأول افتتاح أول مختبر للطاقة المتجددة في جامعة البحرين. بعدها القى رئيس جمعية المهندسين البحرينية الدكتور ضياء عبدالعزيز توفيقي كلمة تحدث خلالها حول أهمية عقد مثل هذه اللقاءات في الوقت الذي تتزايد فيه أهمية الطاقة المستدامة في مختلفة المجتمعات، حيث تشير الاحصائيات إلى ان عشرة ملايين شخص حول العالم يعملون في مجال الطاقة المستدامة، مما يعني ان هذا المجال الذي يشهد نموا مطردا يخلق العديد من فرص العمل وتتزايد أهميته بشكل ملفت. كما ان الشركات والدول باتت تتنافس في تقديم الحلول الناجحة في مجال الطاقة المستدامة التي أصبحت هاجسا يحمل الكثير من التحديات والفرص بنفس الوقت. وبات خمس طاقة الكهرباء في العالم يعمل على الطاقة المستدامة. كما القى مدير الملتقى ألكسندر السماهيجي كلمة مختصرة رحب فيها بالحضور في النسخة الأولى من الملتقى مشيرًا إلى ان أحد أهم اهداف الملتقى هو اطلاع الرأي العام على ما تحقق حتى الان في مجال الطاقة المستدامة إلى جانب تبادل الخبرات والتجارب بين الخبراء والمشاركين. وتضمن برنامج افتتاح الملتقى كلمة للمنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة بمملكة البحرين أمين الشرقاوي شدد خلالها على أهمية الملتقى الذي يعد من أهم الخطوات الداعمة لمبادرات الطاقة المتجددة والتي من شأنها أن تعزز خطى المملكة تجاه تحقيق النسب الوطنية للطاقة التي قام مجلس الوزراء باعتمادها مسبقا، وتحقيق التزامات المملكة الدولية والتي من ضمنها أهداف التنمية المستدامة وخاصةً الهدف المعني بكفاءة الطاقة والطاقة المتجددة. وأكد الشرقاوي في كلمته دعم الامم المتحدة للجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ خطط الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وكذلك دعم وحدة الطاقة المستدامة من خلال توظيف الخبرات المختصة في مجالات كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة، كما أعرب الشرقاوي عن ثقته في إمكانية تحقيق نسبة 6% لكفاءة الطاقة قبل حلول العام 2025 لما للحكومة في مملكة البحرين من دور فعال وداعم للتنمية المستدامة بمجملها وخاصة في قطاع الطاقة النظيفة. كما القى الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ستيفانو بيتيناتو كلمة أشاد خلالها بالخطوات التي تتخذها مملكة البحرين فيما يتعلق بالطاقة المستدامة والمتجددة. ونوه بما يتضمنه برنامج الملتقى من محاور هامة ونقاشات ثرية من قبل المختصين والخبراء وممثلي الشركات، الامر الذي يمثل فرصة كبيرة لتبادل الخبرات والرؤى والوصول إلى تصورات واستراتيجيات ناجحة تصب في صالح التوجه العالمي للاعتماد على الطاقة المستدامة. واستعرض بيتيناتو أبرز ما تم التوصل اليه على المستوى الدولي وتحت مظلة الأمم المتحدة في هذا المجال. وتضمن الملتقى معرضًا مصاحبًا شاركت فيه أكثر من 25 شركة ومؤسسة عرضت آخر التقنيات الحديثة في مجال الطاقة المتجددة, وكوكبة من المتحدثين والخبراء في الطاقة المتجددة. كما شملت فعاليات الملتقى الذي يستمر حتى مساء اليوم الخميس جلسات حوارية بمشاركة خبراء ومتخصصين من مختلف دول العالم. وفي تصريح لـ«أخبار الخليج» أشاد رئيس جمعية المهندسين البحرينية الدكتور ضياء توفيقي بحجم المشاركة في ملتقى الطاقة المستدامة الدولي الأول والمعرض المصاحب له، مؤكدا أن المعرض شهدا إقبالا كبيرا وتميز بمشاركة مخترعين شباب عرضوا ابتكاراتهم الجديدة في مجال الطاقة المستدامة. كما أن عدد الحضور بلغ رقما قياسيا وفاق التوقعات. وشدد على أهمية مشاركة الشركات المتخصصة في الاستثمار بمجال الطاقة المستدامة، إلى جانب ضرورة بذل الجهود التوعوية للمجتمع بضرورة التوجه إلى الاعتماد تدريجيا على هذه الطاقة خاصة مع ما يشهده هذا المجال من تطور متسارع على مستوى العالم. كما أن أسعار الطاقة الكهربائية باتت مرتفعة، وتوليدها بالآليات التقليدية له تأثيره السلبي على البيئة. وفي المقابل، فإنه ومع التطور التقني فإن كلفة الطاقة المستدامة في انخفاض مستمر. ومن ثم، فإن المعادلة باتت معكوسة، الأمر الذي يشجع على التوجه الجاد إلى هذه الطاقة. 37 شركة تتنافس للاستثمار في الطاقة المتجددة في 8 مدارس إذا لم نبدأ من الآن.. فقد يضطر أبناؤنا إلى ارتداء الكمامات في السنوات القادمة! أكد وزير الكهرباء والماء الدكتور عبدالحسين ميرزا أن هناك ثلاث تحديات على الأقل تواجه جهود الاستفادة من الطاقة المستدامة، وان الاستراتيجية الوطنية الشاملة وضعت ضمن برامجها خططا للتعامل مع هذه التحديات. وأوضح الوزير في تصريح لأخبار الخليج على هامش انعقاد ملتقى الطاقة المستدامة الدولي الأول، أن أول وأهم التحديات يتمثل في المساحة الأرضية المحدودة في المملكة. حيث تحتاج الطاقة الشمسية مثلا الى مساحات شاسعة. الأمر الذي يتطلب حلولا ذكية ومبتكرة، وقد عمدت الحكومة الى استغلال أسقف المباني الحكومية والمستشفيات والمدارس من اجل هذا الغرض. وهناك حوالي 535 مبنى سيتم استغلالها في ذلك. وتم البدء فعلا بثماني مدارس. وهناك 37 شركة أبدت رغبتها في المشاركة والتمويل ووضع التقنيات المطلوبة مقابل حصولها على تعرفة تنافسية للكهرباء. وأشار الوزير إلى أن التحدي الثاني هو الاعتماد على هذه الطاقة يمثل جانبا جديدا نوعا ما في المنطقة. وبالتالي، فإن ترسيخ هذه الثقافة يتطلب بعض الوقت مع برامج وفعاليات توعوية. فيما يكمن التحدي الثالث في الاعتقاد الخاطئ بأن اكتشاف كميات أكبر من النفط والغاز قد يعني عدم الحاجة الى الاستثمار في الطاقة المستدامة. وهذا اعتقاد خاطئ. فالمملكة العربية السعودية مثلا، والتي تمثل ثاني أكبر احتياطي للنفط الخام تستثمر المليارات في الطاقة المتجددة؛ لأنها تقنية المستقبل وهي طاقة نظيفة ضرورية للأجيال القادمة، ولا بد ان نبدأ من الآن وإلا قد يضطر ابناؤنا بعد عشرين عاما الى ارتداء الكمامات كما يحدث في بعض الدول. من جانب آخر، أشاد الوزير بحجم المشاركة في الملتقى مشيرا الى انه كان من المتوقع ان يبلغ العدد 250 مشاركا، ولكن العدد الإجمالي بلغ 500 الأمر الذي يعكس أهمية هذا الموضوع وحجم الوعي المتزايد سواء من قبل الافراد او الشركات، كما أن المعرض المصاحب قدم نماذج لأحدث المستجدات في مجال الطاقة المستدامة وترشيد استهلاك الكهرباء والماء. وقال الدكتور ميرزا أنه حرص شخصيا على دعوة عدد كبير من طلبة الجامعات من اجل ترسيخ مفاهيم وثقافة الطاقة النظيفة كونهم القيادات المستقبلية.
مشاركة :