تمتلك الفنانة السورية نسرين طافش حضورا خاصا على الشاشة يتميز بالأناقة والجاذبية، أحبت الفن منذ الطفولة، فشاركت في أعمال هواة، ثم درست فن المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وتخرجت منه عام 2008، امتزج فيها الفن العربي، فوالدها الشاعر الفلسطيني يوسف طافش، ووالدتها من مدينة وهران الجزائرية، وولدت ونشأت في حلب السورية عاصمة الفن الأصيل، شاركت في العشرات من الأعمال التلفزيونية والمسرحية، وقبل سنوات قليلة دخلت مجال الغناء الذي تسير فيه بخطى هادئة ومدروسة. بين جسد وروح “العرب” التقت نسرين طافش، وهي تصوّر مشاهدها في المسلسل الرمضاني المرتقب “مقامات العشق” إنتاج تلفزيون أبوظبي، وإخراج أحمد إبراهيم أحمد، والذي يقدّم شخصية الشيخ الصوفي محي الدين بن عربي، فسألتها عن الدور والمضامين التي جعلتها مبهورة، كما تصف هذا العمل، فقالت “أنا محبة للفلسفة الصوفية، إضافة إلى ذلك أنا درست علوم الطاقة ولديّ شهادة مدرب محترف فيها، والصوفية فيها جزء كبير عن الطاقة، وهي السباقة في طرحه، في حين لم يكن الناس يدركون هذا المعنى”. وأضافت “التنمية الذاتية والصوفية وعلم الطاقة تلتقي في نقاط عديدة، لذلك أنا أحب الصوفية، والتي في معناها العميق التسامح وتقبل الآخر، فكلنا خلقنا من مصدر واحد، كلنا نفس الروح وإنما بنسخ مختلفة، هذا موجود في علم التنمية الذاتية والصوفية كذلك، لذلك وبسبب معرفتي وولعي بهذا العالم لم أتردد لحظة في قبول الدور الذي عرض علوتؤكد نسرين طافش أن ما جمعها بطاقم عمل المسلسل وتقبّلها للدور أتى ضمن هذا المسار، وتقول “أؤمن بأن ذلك لم يكن صدفة، فأنا لا أؤمن بالصدفة، كل شيء مهيأ ومدبر في الحياة، فالشخص هو الذي يُمنهج حياته بشكل محدد ثم تأتي التفاصيل لتلاحق ذلك وتجعله حقيقيا، أنا كشخص أمثل المغناطيس الذي يجذب لنفسه التفاصيل المحيطة به بالشكل الذي يصنعه، فيكون الشخص هو الخلاق للفرص التي تأتيه، وهي هبة كما أراها أعطاها الله لكل الناس، ليكونوا واقعهم، لذلك فإن أي شيء يحدث معي كشخص، يكون مسؤوليتي أنا، وليس لأحد سواي، وليس للصدفة مكان فيها”. وعن الشخصية التي تقدّمها طافش في العمل، وهي “ست الحسن”، تقول “هي شاهد على الأحداث وراوية العمل، من البداية إلى النهاية، هي بمثابة المؤرخة في المسلسل، حيث تمثل شخصية امرأة غير عربية تعيش مرافقة للشيخ ابن عربي منذ مرحلة والده علي وحتى آخر يوم في حياته، أحسست أن فيها شيئا من روح رابعة العدوية، بفكرها بقصتها بجوهرها وبعض تقاطعات حياتها، أنا أحب رابعة العدوية، لأنها كانت صوفية ولم تكن متزمتة، كما يصنّفها البعض”. وترى نسرين أن طرح هذه الأفكار والمواضيع في هذا التوقيت بالذات، أمر بالغ الأهمية، وعن ذلك تقول “مهم جدا أن نحكي عن تلك الشخصيات في هذا الوقت، نحن بحاجة إلى هذا الفكر لأنه فكر متوازن، والفكر الصوفي الذي يقدّمه مسلسل ‘مقامات العشق’ هو الفكر الوسطي، ليس دينيا فحسب بل حياتيا واجتماعيا أيضا”. وتضيف طافش “المتبلد وصل إلى مرحلة من الإحباط جعلته كذلك، والغاضب وصل إلى درجة من الغضب فانفجر، لذلك لا بد من آلية ما، تجعل الإنسان المحاط بهؤلاء في مأمن من الموقفـين، هنا تبرز هـذه الوسطيـة التي يقدمها هذا النموذج الفني والفكري مما يجعل المرء منسجما مع محيطه وذاته ومتوازنا”.”. شغف بالغناء تشدّد الفنانة السورية على أن الفكر الوسطي يمكّن الإنسان ويعلّمه كيف يعبر عن ألمه لو تألم وكيف يتوازن لو حدث معه طارئ، ومن خلال هذا الفكر النير يتم إحياء ثقافة التسامح. وتسترسل “الطفل يخلق مفطورا على الحب، ابن عربي كان ينادي بدين الحب وهو ليس خروجا عن الدين كما يعتقد البعض، وهو القائل إن الله حب، فالطفل يفطر على الحب ولا يعرف الكره، لو أحببت ذاتي لأحببت الخالق، والمسلسل هو كل هذا وذاك، هو أول عمل درامي عربي يقدم بهذا العمق، هو عمل بالغ الأهمية يذهب بعيدا إلى حيث يمكن القول إن الطاقة لا تثبتوعن دخولها عالم الغناء حديثا وآفاقها الفنية فيه، بيّنت نسرين طافش لـ”العرب”، “بدأت منذ سنتين، ولكنني تأخرت عشر سنوات في اقتحام المجال، إذ غنيت سابقا أمام مدرّسي في المعهد العالي للمسرح، فقال إنه يمكنني النجاح في الغناء، وانتهى الأمر عند هذا الحد، حديثا دربتني أستاذة موسيقى على الصولفيج، وفعلا جهزت أول أغنية وأطلقتها ثم تلتها أخريات”. وتعترف طافش بأن الناس ذهبوا في ذلك بين مؤيد ومعارض، ما تراه أمرا طبيعيا، حيث تقول “كل جديد له ردود فعل متناقضة، عبدالحليم حافظ في أول ظهور له عانى الكثير، الآن أدخل للنت فأجد ردود فعل جاهلة وأخرى جاحدة، كما أرى في المقابل آراء مؤيدة، فإرضاء الناس غاية لا تدرك كما يُقال”. وتؤكد نسرين أنها في النهاية مخلصة لما تفعل ومؤمنة به، حيث تعمل عليه بكل طاقتها وجديتها، وتقول “عملت وسأعمل مع أهم الأسماء في مجال الكتابة والتلحين وكذلك في إخراج الكليبات، أعمل للناس الذين يحبونني وأعدهم بالمزيد”. ونسرين التي اتجهت إلى عالم الغناء في العامين 2017 و2018، أصدرت العديد من الأغاني المنفردة على غرار “متغير عليّ” و“123 حبيبي” و“إلاّ معك”. وتضيف نسرين طافش “كل شيء يحدث في هذه الدنيا مآله الخير، مهما كان بشعا أو قاسيا، فالإنسان يتعلم من الآلام وخيبات الأمل، فالألم عندي أستاذ ورسول، وعلينا جميعا أن نرجع إلى فطرة الحب الأولى التي تحكم الحياة والتي ترى فينا طيفا إنسانيا واسعا.. روعة جمال الكون أننا مختلفون”. ، ”.
مشاركة :