الخرطوم- عادل أحمد صديق: تعكس اللافتات التي تنتشر وسط جموع المُعتصمين أمام مقرّ القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية المزاج العام لثوّار السودان الذين يثبتون كل يوم وعياً حالياً بطبيعة ما يجري حولهم. وعلى مدى ٣٠ عاماً عانى السودانيون من تقلّب حكومتهم بين المحاور الإقليمية ومُحاولات جرّ السودان إلى اصطفاف لم يخدم مصالحه ولم يساعده في تجاوز أزماته الداخلية. وقبل أن يستوعب السودانيون الذين فجّروا ثورتهم منذ ١٩ ديسمبر الماضي، حقيقة التحول الذي يحدث في بلادهم بعد إعلان عزل البشير، تفاجأوا بأن محوراً إقليمياً يحاول قطف ثمار جهدهم الذي رسموه بالدم والعرق. وليس خافياً على الشارع السوداني أن محور السعودية الإمارات ومصر، الذي أظهر تسرعاً غير مبرّر بمباركة تولي المجلس العسكري الانتقالي، يحاول تجيير ما تمّ في السودان لصالحه. وينتشر في ميدان الاعتصام عشرات اللافتات التي تظهر وعي السودانيين بتحرّك الدول الثلاث، كما تعبر تلك اللافتات عن رفض شعبي مطلق لسرقة الثورة. ويعتقد بعض المُراقبين والمُحلّلين من أهل اليسار السوداني أن الانقلاب الذي تمّ بالسودان الحادي عشر من أبريل الجاري تمّ بتخطيط من السعودية والإمارات ومصر. وتقول مواقع التواصل الاجتماعي وفقاً لخبراء «مالم تفهم أطماع محمد بن زايد الاستعمارية لن تستطيع أن تصل إلى توقّع نهاية المسرحية داخل المسرحية وقالت لا تدعوا محمد بن زايد يحكم السودان.. محمد بن زايد ينهب موارد السودان». وتعاني الإمارات العربية المتحدة، منذ فترة، تدهوراً في اقتصادها، واقتصادها ذاهب إلى الهاوية لا محال.. خصوصاً أنها تعتمد على النفط كمصدر أساسيّ (70 %) والسياحة كمصدر ثانوي (15 % ) والموانئ البحرية (10 %) وأخرى (5%) .. باعتبار أنّ النفط لا يمكن أن يكون المصدر الإستراتيجي الاقتصادي للدولة، خصوصاً أن العالم في الطريق إلى التخلّي عنه، فلا بد لمحمد بن زايد من إيجاد بدائل حقيقية إستراتيجية كإحدى مهامه كرئيس (حالي أو مستقبلي) لهذه الدولة. فكرة تقليل رسوم الموانئ البحرية الإماراتية هي شيء مستحيل من ناحية إستراتيجية اقتصادية، فكان لابد ل بن زايد من احتلال جميع الموانئ التي يمكن أن تشكّل مُنافسة له.. حيث قامت هيئة موانئ دبي باحتلال ميناء الصومال، وميناء جيبوتي.. وعقد اتفاقيات مع السعودية فيما يخصّ ميناء جدة (خاصة أن ابن سلمان هو ابنه المطيع).. وساعد عبد الفتاح السيسي في الانقلاب والاعتراف الدولي به فأصبحت مصر دولة حبيسة لدى ابن زايد.. فلما كانت فضيحة هيئة موانئ دبي في الصومال وجيبوتي، قرّر سحب موانئ دبي من الصورة والدخول بشركات وهمية لاحتكار الموانئ المُنافسة، فكانت الشركة الفلبينية (مقرّها دبي)، هي التي فازت بعطاء تشغيل ميناء بورتسودان الجنوبي وهو الميناء الأساسيّ في السودان.. أما موانئ اليمن، فقرّر ابن زايد احتلال اليمن ككل.. بحيث يجب إبقاء كافة الميليشيات العسكرية اليمنية بعيداً عن الموانئ اليمنية بأي ثمن. وهنا وافقت حكومة السودان بالتدخل البري.. وتسلمت قوات الدعم السريع هذه المهمة. قرّر ابن زايد أنه لن يسمح بحكومة تسحب القوات البرية من اليمن أو تضيع عليه فرصة تشغيل ميناء بورتسودان. وتضيف مواقع التواصل الاجتماعي لهذا قرّر حكم السودان بنفسه.. أرسل محمد بن زايد (عن طريق الشركة الأمنية المملوكة لأخيه طحنون بن زايد) خبراء روساً لدراسة الأوضاع ووضع المسرحية (شُوهد عدد من الروس في السوق العربي عند بداية أحد المواكب في شهر يناير وظن البعض أنهم يتبعون للأمم المتحدة لمراقبة سلمية تعامل النظام مع الاحتجاجات).. وضعت الشركة الأمنية الإماراتية تصورها للخطة بأن الشارع السوداني لا يمكن أن يقبل كلاً من (البشير، علي عثمان، نافع، قوش) بتاتاً. وإرسال العتاد العسكري والمركبات للسودان على وجه السرعة. (في أواخر فبراير، قام أحد السودانيين الموجودين في السعودية بتصوير مقطع فيديو لعدد مهول من سيارات الدفع الرباعي جاهزة للشحن إلى السودان.. وغالباً بتمويل إماراتي).
مشاركة :