قوبل ترحيب عدد من الدول العربية والعالمية ببيانات وقرار المجلس العسكري الانتقالي بالارتياح في الشارع السوداني. واعتبر سياسيون ومحللون سودانيون، أن هذا الترحيب يفتح الباب أمام انتهاء عزلة السودان الدولية، خاصة صدوره من عواصم مهمة في الإقليم والعالم. وأنعشت الإطاحة بالرئيس السوداني المخلوع عمر البشير آمال قطاعات واسعة من السودانيين بإمكانية خروج بلدهم من عزلته الإقليمية والدولية التي ظل يراوح فيها طيلة 30 عاماً، بسبب علاقاته المتوترة بالإقليم والعالم على خلفية اتهامه في جرائم إرهابية وقضايا مرتبطة بحقوق الإنسان، مما فرض على السودان عزلة، وحرمه من فرص كبيرة على جميع الصعد، بل وفرض عليه عقوبات دولية. وأعربت رشا عوض، رئيسة تحرير صحيفة «التغيير» السودانية الإلكترونية، عن أملها أن تؤدي الإطاحة بالنظام السابق إلى رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتحسين علاقاته بدول جواره والمجتمع الدولي. وقالت لـ «الاتحاد»: «إن رفع العقوبات سيساعد كثيراً في تحسين الوضع الاقتصادي المتدهور». وأضافت: «إن سياسات النظام السابق الداخلية والخارجية دمرت الاقتصاد»، مشيرة إلى العقوبات الأميركية، فضلاً عن التوترات مع دول الجوار التي حرمت السودان من الاستفادة من الدعم من دول الخليج العربي، ومن التعاون البنّاء مع مصر. وقالت الكاتبة السودانية: «إن قدرة النظام الجديد في السودان على إخراج البلد من عزلته ستتوقف إلى حدٍّ كبير على نوعية التغيير الذي سيحدث، ومدى تحقيقه للاستقرار وأعلى درجة من التوافق الوطني بين السودانيين، ومدى قدرته على أن يقنع العالم بجديته، وبمدى تمسكه بمشروع سلام حقيقي، وبالتحول الديمقراطي ووقفه للحروب». وأوضحت رشا عوض أن في حال توافر هذه الشروط سيكون من الموضوعي جداً المطالبة بإعفاء ديون السودان، والحصول على قروض للتنمية، فضلاً عن أن السودان سيتحول إلى بلد جاذب للاستثمارات من الإقليم ودول العالم المختلفة. وترى أن من الأفضل في الفترة المقبلة عقد مؤتمر اقتصادي قومي في السودان، يحدد أولويات التنمية التي ينبغي أن تكون مصحوبة بالعدالة في توزيع عوائدها. من جانبها، ترى الباحثة السودانية، أميرة محمد خير، أن إزاحة النظام السابق ستخرج السودان من عزلته والحصار الذي فرض عليه وألحق أكبر الأذى بكل أوضاعه. وتضيف أن الباب سيفتح لعودة المنظمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة والتنمية، التي طرد النظام السابق بعضها، وعرقل عمل بعضها الآخر، بينما وضعته منظمات دولية مهمة في دائرة عقوباتها، ومنعت التعاطي معه. والعقوبات الأميركية على السودان بدأت في 12 أغسطس 1993، عندما أدرجت واشنطن السودان على لائحة الدول الراعية للإرهاب، عقب استضافة الأخيرة زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي أسامة بن لادن الذي بقي فيها حتى عام 1996. ورغم مغادرة ابن لادن الأراضي السودانية عام 1996، إلا أن الولايات المتحدة واصلت عقوباتها، وفي العام ذاته، أعلنت عن قطع علاقتها الدبلوماسية مع السودان، وأوقفت عمل سفارتها في الخرطوم. وفي عام 1997، ضيقت واشنطن الخناق تماماً على الخرطوم بفرض عقوبات اقتصادية، حيث قرر الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون تجميد الأصول المالية للسودان، ومنع تصدير التكنولوجيا الأميركية له، وحظر الاستثمار أو التعاون الاقتصادي معه. كما فرض مجلس الأمن عقوبات على السودان على خلفية النزاع في دارفور في 2004، وتضمنت العقوبات حظر توريد الأسلحة، وحظر السفر، وتجميد أصول عدد من المسؤولين السودانيين. كما تلاحق المحكمة الجنائية الدولية الرئيس السوداني المعزول منذ 2009.
مشاركة :