لأوضح إمام وخطيب المسحد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس , في خطبة الجمعه التي ألقاها في المسجد الحرام أن مسئولية العلماء في الأمة عظيمة ، ومهمتهم جسيمة ، وأوجب الواجبات عليهم : بيان صحيح الدين كما أُنزل على سيد المرسلين، لافتا النظر إلى أن عملهم لا يقتصر على البيان فحسب ، بل يَعْظُم دورهم ، ويَنْبُل قدرهم بمحاربة البدع والضلالات ، والمنكرات والمحدثات ، لِيَمِيزَ الله بهم الخبيث من الطيب ، والحق من الباطل ، والصحيح من الزائف ، فأسمى مقاصدهم : إبراز الرؤية الإسلامية ، لكافَّةِ القضايا التأصيلية ، والمستجدات العصرية ، فَيُحْيُونَ بكتاب الله الموتى ، ويُبَصِّرُون به أهل العمَى ، ويَهْدُون من ضلّ إلى الهدى . وأكد فضيلته أن العلماء رُمَّانة الميزان ، وأهل التوسط والاعتدال ، يواجهون الأفكارالضالة ، ويحاربون الآراء الشاذة النادَّة ، بسلاح العلم البتَّار ، فهم حصن الأمة الحصين ، وركنها القوي المكين ، وهم صمام الأمن والأمان ، خاصة وقت الفتن والمدلهمات ، كما هو الحال في زماننا ؛ الذي سادت كثيرًا من أرْجَائه أنقاض التَّناحر والأرْزَاء ، وأنكاث العصبيّة الرَّعناء ، والمَسَاغِب والعناء ، والحَملات الحاقدة الشعْوَاء ، مع قُصور الهِمم ، عن أعالي القِمم ، واستهدف أصحابُ هذه الحملات المسعورة الشباب ؛ يُلْقِمون عُقولهم الغَضَّة ، النظريات الفاسدة ، والأفكار الطائشة ، والآراء الهزيلة ، وكم للفهوم المنحرفة الجانحة بين المسلمين من مَعَرَّاتٍ وويلات ، ألْهَبَتْ فيهم رُوحَ الكراهية والصِّراعات ، وأجَّجَتْ أُوَار التعصب والنِّزاعات ، عبر المجالس والمنتديات ، والإعلام والفضائيات ، تَقْضِمُ بِهُبُوبِهَا الأصول والثوابت ، وتشرخ بِشُبُوبِها معالم الدِّين البَاسِقةِ النَّوابِتْ . وأضاف يقول إلا علماء الأمة يقفون لهذه الحملات بالمرصاد ؛ يكشفون زيفها ، ويُجَحْفِلُونَ أُوَارها ،بالفَهْم الوثيق والإدْرَاك المتين الدَّقيق ، للوَحْيَيْن الشريفَيْن الذي يَسْمُو صَاحِبُه، وتَجِلّ مَنَاقِبُهُ، وتَنْبُو عن الفَرَطاتِ عَوَاقِبُه . وأشار فضيلته إلى أنه في زمن الانفتاح الإعلامي العالمي، بفضائياته، وتِقَانَاتِه، لزم العلماء بَذْل مزيد الجهود، لتحقيق أسْمَى القُصود في تصْحِيح المفاهيم المَدْخُولة العَلِيلَة، والآرَاء الجَافِية الوَبيلة ، وبيان المنهج الحقِّ وآلِيَّاته في التَّلَقِّي عن الله ورسوله r، وإدراك مَعَاقِدِ مُرَادِهِمَا، وأنتُجَيَّشَ في سبيل ذلك كل الطاقات والإمكانات، من الدعاة الفضلاء، ورجال الإعلاموحملة الأقلام لمؤازرة العلماء، مع ربط الأمة بِفُهوم السَّلَفِ الأخيار . ودعا فضيلته علماء الأمة إلى الحفاظ على هُوية الأمة الإسلامية ووحدتها ووسطيتها واعتدالها ، وتعاهدها بالتفقيه والتوعية ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتصدي للشبهات المضللة والدعوات المغرضة ، وفوضى تكفير المسلمين وتفسيقهم واستحلال دمائهم ، وتقوية التواصل مع شباب الأمة لتعزيز نهج الوسطية بينهم ، وتحذيرهم من التفرق والتحزب والمذهبية والطائفيةِ والتعصب ، وتحقيق القدوة الصالحة لهم . كما دعا شباب الأمة إلى معرفة قدر العلماء ، والاعتصام بالكتاب والسنة وهدي سلف الأمة والحذر من تحريف الغالين وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، والتمسك بنهج العلماء الربانيين فإنهم أعلم الناس بالمصالح والمفاسد ، وتحقيق الخُيُورَات والمراشد، واجتناب موارد الفُرْقَة والنزاع والاغترار بالشعارات البَرَّاقة التي ترفعها بعض التيارات والانتماءات دون أصل شرعي من كتاب أو سُنَّة ، والحذارِ من اعطاء الفرصة للمجاهيل وأنصاف المتعلمين في انتزاع ثقتهم بعلمائهم . ووجه فضيلته دعوته إلى حملة الأقلام ورُوَّاد الإعلام قائلا: إن آزِرُوا العلماء، وتَحَرُّوا المصداقية والنقل الهادف ، ولا تكونوا عَوْنًا لأصحاب الفكر الضال؛ ببث رسائلهم ونشر أخبارهم ، بل أَرْسُوا القيم والأخلاق الإسلامية ، وعَزِّزُوا الوحدة الدينية والوطنية ، وَوَظِّفُوا الإعلام في نشر الوعي بحرمة الدماء ومخاطر الظلم، والتصدي لمروجي الإشاعات والفتاوى الشاذة ودعاوى الفتنة والطائفية ، وآفة التطرف والإرهاب بكافة أشكاله وألوانه ، وتبيان زيفه وكشف ضلال أتباعه ، وبيان خطورته على حاضر الأمة الإسلامية ومستقبلها . ومضى الدكتور السديس يقول أنه ليجدر بأبناء الأمة أن يَرْعَوا للعلماء حقهم ، ويعرفوا لهم فضلهم ، ويرفعوا مكانتهم وذلك: بمحبتهم وموالاتهم، واحترامهم ، وتقديرهم .
مشاركة :