تحفيز الذات..والنجاح المبهر

  • 4/18/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

دُعيت لإلقاء كلمة في ندوة تدريبية حول “تحفيز الذات للعمل والإنجاز والتميز” في مدرسة ثانوية، فتفقدت وجوه الحاضرين ممن امتلأ بهم المسرح؛ لاستقراء بعض ما يدور في أذهانهم، فمنهم من يقول: “سنسمع كلامًا سمعناه مرارًا ومللنا سماعه”، ومنهم من يقول: “قد يكون هناك طرح جديد نستفيد منه “، ومنهم من يقول: “إنها فرصة لنستريح من جو الدروس الروتينية”. في الوقت نفسه، كنت أقول لنفسي ماذا يمكن إضافته لهؤلاء الطلاب؟، وهل أستطيع جذب اهتمامهم؟، ومن أين أبدأ؟ وكيف أجعل حديثي شيقًا؟ وكيف أستطيع جذب اهتمامهم طيلة الوقت؟، وكيف سيكون رد فعلهم، بعد نهاية اللقاء؟ بعد أن قدمني وكيل المدرسة للحاضرين، همس لي بقوله: ” شد حيلك مع الطلاب، فهم مراهقون ومشاغبون ومتمردون، يحتاجون من يرشدهم”، فرأيت أن أجذب اهتمامهم، فبدأت حديثي بقولي: “سأخبركم بسر يخصكم”، فشخصت أبصارهم نحوي، فقلت:” قال لي وكيل المدرسة: “شد حيلك مع الطلاب، فهم ممتازون وأذكياء ومتميزون ويحتاجون من يرشدهم”، فبدت السعادة على وجوههم. أسلوب القصة انطلقت في الحديث بأسلوب القصة؛ كونه الأسلوب الأسرع لتوصيل ما أريد، فقصصت عليهم قصة طالب تحول من فشل ذريع؛ حتى أصبح رجل أعمال، وقصة شاب كان فاقدًا الثقة في نفسه، ثم أصبح خطيبًا بارعًا، وقصة أديسون الذي تحوَّل من طالب فاشل إلى صاحب الألف اختراع، وقصة الفُضَيْل بن عِياض الذي تحوَّل من قاطع طريق إلى عابد زاهد، وقصة مالك بن دِينار الذي تحوَّل من رجل سكِّير إلى عالم وعابد. وبعد انتهاء المحاضرة، دار بيني وبين عدد منهم حديث، قالوا إنهم يواجهون مشكلات، رأوا كيفية مواجهتها من خلال حديثي إليهم، والذي منحهم أملًا في التغيير للأفضل. قصة إرين غرويل ما دفعني لكتابة هذه السطور، ما قرأته مؤخرًا من قصة مؤثرة لإرين غرويل “Erin Gruwell” التي نجحت في تحويل أكثر من مائة من طلابها من فاشلين وأفراد عصابات، إلى ناجحين أكاديميًا وعمليًا، ففي استراتيجيتها للتغير نبراسٌ يُحتذى به، فليس في الحياة أجمل من أن تصنع أملًا ونجاحًا، وتنقذ أرواحًا، وتحولهم إلى ناجحين، فما هي قصة إرين غرويل؟ في عام 1994، عُينَت المعلمة “إلين غروين” في مدرسة ولسن الثانوية بولاية كاليفورنيا، بحي فقير؛ لتدريس اللغة الإنجليزية لأكثر من مائة طالب، اشتهِروا بمشاكساتهم، وافتعالهم أحداث شغب، وأعمالًا عدائية، وحرب عصابات في المنطقة؛ حيث كان قد وقع قبل عامين في هذا الحي 126 جريمة قتل! ورغم مضايقاتهم لها، عزمت غروين على تغيير حياتهم للأفضل، وصناعة قصص نجاح وأمل من هذا الواقع التعيس، فبدأت رحلتها بتعريف طلّابها قصص ومذكّرات من التاريخ لأشخاصٍ عانوا من صدمات مختلفة، وأشكال متنوعة من التفرقة العنصريّة. كتابة اليوميات وشيئًا فشيئًا، استشعر الطلّاب الصِلات التي تربطهم بكُتّاب تلك القصص وتشابههم معهم، وبعد محبتهم لقراءة الكتب وقصص هؤلاء الأشخاص، اشترت لهم غروين- من مالها الخاص- دفاتر لكتابة يوميات عن معاناتهم ومشاكلهم، بعدما رفضت إدارة المدرسة تمويلها؛ فبدأوا تدوين مذكّراتهم الشخصية، سواء ما يتعاطونه من مخدّرات وكحوليات، أو ما يتعرضون له من إساءات جسدية وجنسية، فضلًا عن الإهمال الأسريّ، والمشاكل العائلية التي يعايشونها يوميًا، وتعرّضهم للتفرقة العنصرية على أساس لون البشرة، أو العِرق، أو الدين، أو غيرها. إنها فكرة بسيطة، ساهمت في تغيير طباعهم، وتحسين درجاتهم بوضوح. ومع الوقت، تحوّلت الكتابة عندهم إلى أسلوبٍ حياتيّ يساعدهم على التأقلم، ومقاومة قسوة الحياة اليومية، بما فيها من تحديات وصعوبات، حتى تخرّجوا من المدرسة والتحقوا بالجامعات. 45 مليون دولار أرباحًا وفي عام 1999، نشرت غرويل وطلّابها كتاب: “يوميات كتاب الحرية”؛ وهو عبارة عن مجموعة مقالات يومية للطلاب، أطلقوا على أنفسهم اسم “كتاب الحرية”، تكريمًا لفرسان الحرية الذين عُرفوا بمحاربتهم للفصل العنصري أثناء حركة الحقوق المدنية الأمريكية، وهي القصة التي نشرت عبر عمل سينمائي عام 2007، يحمل اسم “كتاب الحرية”، والذي حقق أرباحًا فاقت 45 مليون دولار. يروي هذا العمل، قصة غرويل وتجربتها مع طلابها الذين قامت حياتهم على إثارة المشاكل، ثم أصبح كتابهم من أكثر الكتب مبيعًا في الولايات المتحدة الأمريكية، ولتصبح طريقة المعلمة “Erin Gruwell” منهجًا يُدرَّس كعلاج نفسي؛ عبر الكتابة؛ كوسيلة كاشفة وعلاجية، تساعد على إظهار ما هو باطن إلى السطح؛ لمحاولة فهمه والتعامل معه، إضافة إلى كونها أحد أشكال التنفيس أو التفريغ النفسيّ؛ فيما يعرف في علم النفس بـ “أسلوب التداعي الحر”. وكان من أبرز ما قالته “Erin Gruwell”: ” ما جعلني أنجح، أنه كان لدي أمل كبير في أن أغير الواقع الأليم للطلاب؛ لنهدي للحياة أناسًا ناجحين، فكان ذلك يعطيني الأمل وقوة الكلمات”. الحصول على الرابط المختصر

مشاركة :