ورد سؤال للشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، يقول صاحبه (نذرت لله تعالى تقديم ذبيحة للفقراء والمحتاجين وتحقق ما تمنيته من الله، ونظرًا لارتفاع أسعار اللحوم، هل يُمكِن استِبدالُ الذبحِ بشراءِ لَحمٍ بنَفْسِ الكِمِّيَّةِ المُرادِ توزيعُها كنذرٍ؛ وذلك لتوفير أَجرِ الذبحِ والأشياءِ التى لا يُستفادُ مِنها؛ كالفَرْو ومُخَلَّفاتِ الذبيحة؟). وأجاب "عثمان" قائلًا: النذرُ هو إلزامُ الإنسان نفْسَه أمام الله تعالى بشيءٍ حَضَّ عليه الشرعُ، أى أن الشرع لم يُوجِبْه ابتداءً، كما أنه لم يُحرِّمْه، وقد أثنى الشرعُ الشريفُ على المُوفِين بالنذور، فوصف اللهُ تعالى الأبرارَ بقوله سبحانه: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) [الإنسان: 7]. وعن عائشة رضى الله عنها عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: “مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ” متفق عليه.وأشار الى أن الواجب على مَن نَذر نَذرًا أن يُوَفِّى بما أَلزَم به نفْسَه دون أن يُبَدِّلَه بغيره؛ فالنذر كالعَقد، يَلتزم الإنسانُ أن يُوَفِّى بما فيه مِن ألفاظٍ دون تَصَرُّف؛ فمَن أَلزَم نفْسَه بعِبادةٍ لَزِمَهُ أن يَتَعَبَّدَ بها، ومَن أَلزَم نفْسَه بصدقةٍ وجب عليه إخراجُها، ومَن أَلزَم نفْسَه بذبحٍ وجب عليه الذبحُ.وأوضح أن إيجاب الوفاء بالنذر فيه مَعَانٍ ينبغى أن يَتَفَطَّنَ الإنسانُ لها، منها: الخير الذى يعود على الناس مِن الناذِر، ومنها اتِّقاءُ شُحَّ النفْسِ؛ كما فى حديث ابن عمر رضى الله عنهما قال: نهى النبى صلى الله عليه وآله وسلم عن النذر، وَقَالَ: “إِنَّهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ” متفق عليه، ومنها: تطويع النفس لله وتدريبُها على الالتزام بما التزمته أمامه سبحانه. ومِن ثَمَّ فيجب على هذا الشخص الذى الْتَزَم بالذبح أن يفى بنذره وفقًا لما التزم به؛ فالذبح فى ذاته عبادة مقصودة، فإذا الْتَزَم ذبحَ شيء من الأنعام لَزِمَه ذلك، ولا يُجزِئُه أن يشتريه مذبوحًا؛ لأن شراء اللحمٍ غير الذبح، فإن تيسر له الذبح بعد ذلك ذَبَحَ، وإلَّا كَفَّر عن نذره بكَفَّارة يمين؛ وهى إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.
مشاركة :