تقود الهيئة العامة للموانئ السعودية (موانئ) خطط الحكومة الهادفة لتوفير شبكة من الموانئ التجارية الذكية تتسم بالكفاءة والفعالية وتتكامل مع وسائل النقل الأخرى لربط الاقتصاد المحلي بالسوق العالمية. وتشكل الإستراتيجية، التي أعلنت عنها الرياض قبل أسابيع في هذا المجال، أحد أبرز محاور الإصلاحات الاقتصادية، التي يقودها ولي العهد الشاب الأمير محمد بن سلمان ضمن برنامج التحول ورؤية 2030. وتعكف موانئ على تعزيز الحلول المبتكرة لتسهيل الكفاءة التشغيلية في كل ميناء والحفاظ على أدائها المالي قويا ومستداما، وتصميم وتطبيق الامتيازات المناسبة وهيكليات التعاقد لترشيد التكلفة الإجمالية لملكية الموانئ. كما أن تميز الموانئ في مجال الإشراف البيئي والامتثال من خلال تطبيق الممارسات التي تقلل إلى أدنى حد أو تزيل الآثار البيئية والأخطار الصحية، يعد هدفا رئيسيا آخر للرياض. وتمتلك السعودية 16 ميناء تجاريا، منها 6 على ساحل البحر الأحمر، الذي تمر من خلاله نحو 13 بالمئة من حجم التجارة العالمية، وفق التقديرات. وترتبط الموانئ ارتباطا مباشرا بجميع الأنشطة الاقتصادية والصناعية والتجارية المقامة في مناطق الدولة الخليجية أكبر مصدر للنفط في العالم. وتتولى الهيئة مسؤولية تنظيم إدارة 9 موانئ وتشرف على تشغيلها وتطويرها، بما يخدم إقامة مشاريع تشغيلية ولوجستية متنوعة تسهم في تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد وتدعيم الحركة التجارية بالبلاد. وتتبنى الحكومة إستراتيجية بعيدة المدى تستخدم فيها مبالغ كبيرة من الأموال وميزانيات المشتريات للمؤسسات الكبيرة التي تديرها الدولة مثل أرامكو في جذب خبرات أجنبية لتطوير قطاعات إستراتيجية. وفي أحدث نقلة في تطوير الموانئ، دشن ولي العهد في فبراير الماضي ميناء الملك عبدالله بمدينة رابغ المطلة على البحر الأحمر، والذي يُعد الأول في الشرق الأوسط، الذي يملكه ويديره القطاع الخاص بالكامل. ونسبت وكالة الأنباء السعودية لوزير النقل ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للموانئ نبيل العامودي قوله إن “هذا المشروع المهم سيعزز قطاع الموانئ بفضل حرص الحكومة على دعم التنمية في كافة المجالات”. وأوضح العامودي أن تطوير الخدمات اللوجستية هو من أهم البرامج في مجال الاقتصاد السعودي باعتباره أحد ركائز “رؤية 2030″ وسيساهم في تحويل البلد الخليجي إلى مركز لوجستي عالمي لربط كل من القارة الآسيوية والأفريقية والأوروبية. وأشار إلى أن هناك مشاريع لبناء البنية التحتية، ومشاريع أخرى للتحول الرقمي، مستشهداً بمشروع منصة “فسح” الذي يأتي بتكامل مع عدة جهات، ومنها الهيئة العامة للجمارك، التي سهّلت الاستيراد والتصدير في المملكة. وأطلقت الرياض نحو 60 مبادرة في نطاق الخدمات اللوجستية، وهي تتطلع إلى استثمارات تفوق 165 بالمئة أو 35 مليار ريال (9.33 مليار دولار).وتهدف الحكومة إلى أن يسهم القطاع اللوجستي بنحو 221 مليار ريال (نحو 59 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سنويا بحلول 2030. وأتاحت الهيئة فرصا استثمارية في أعمال الموانئ أمام القطاع الخاص لابتكار حلول وخدمات جديدة، ومنها إنشاء محطات الحاويات والركاب وأحواض لبناء السفن، ومبان إدارية وتجارية للوكلاء الملاحيين. كما سمحت للشركات الأجنبية بمزاولة أعمال الوكالات البحرية وتموين السفن ما عدا الوقود في الموانئ، وتأجير الأراضي للقطاع الخاص للاستثمار في إقامة مشاريع صناعية وتجارية ولوجستية ومراكز خدمات ذات علاقة بخدمات الموانئ. وأنجزت موانئ مشاريع تنموية كثيرة كتوسعة وتطوير الطاقات التشغيلية لمحطات وأرصفة الموانئ وتزويدها بالمعدات الحديثة لضمان زيادة ورفع الأداء والإنتاجية. ووفق البيانات الرسمية، يبلغ عدد الأرصفة في الموانئ التي تشرف عليها الهيئة 232 رصيفا بزيادة 18 رصيفا مقارنة مع 2017. وزادت الطاقة الاستيعابية للموانئ العام الماضي إلى 615 مليون طن، بنسبة زيادة بلغت نحو 15 بالمئة بمقارنة سنوية. وكانت موانئ قد أطلقت بالتعاون مع الشركة السعودية لتبادل المعلومات (تبادل) ما يقارب 29 خدمة إلكترونية كانت آخرها خدمة إدارة التراخيص الخاصة بالوكلاء البحريين ومموّني السفن. وبالإضافة إلى ذلك تم الإطلاق التجريبي لخدمة حجز مواعيد الشاحنات من منصة فسح في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام لتقليص مدد تخليص الشاحنات. وتبلغ مساهمة الموانئ نحو 70 بالمئة من حجم التبادل التجاري غير النفطي وبذلك تصبح عنصرا أساسيا في رفع التصنيف العالمي البلاد في مؤشرات أداء الخدمات اللوجستية لتصبح ضمن أفضل 25 دولة. وتهدف السعودية إلى رفع مستوى الخدمات اللوجستية لتكون الأولى إقليميا بحلول عام 2030.
مشاركة :