قطر الوجه الآخر لميليشيات التطرف في ليبيا

  • 4/19/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

لماذا تصر قطر على السير ضد اتجاهات الرياح الطيبة، وتمضي أبدا ودوما مع المسمومة منها، تلك المحملة بمشاعر الحقد والكراهية، والمدفوعة بطقس الكراهية والشر المجاني؟ الأسئلة محركة الفكر الإنساني كما تعلمنا الفلسفة أبدا ودوما، ومن هنا يمكن الربط بين ما تقوم به قطر في ليبيا بشكل عام ومنطقة الغرب وطرابلس بنوع خاص، وبين تصريحات اللواء أحمد المسماري المتحدث باسم القائد العام للجيش الوطني الليبي، والتي طالب فيها قطر بأن تكف عن التدخل في شؤون الليبيين، وأنه لا يحق للقرضاوي بالذات أن يتحدث في أي شأن يخص الليبيين... لكن هل يمكن للدوحة أن تستمع في الحال أو الاستقبال؟ في أحد حواراته السابقة تحدث السياسي الليبي البارز "عبد الرحمن شلقم" بالقول إنه في العام 2011 أخبرني الأمير تميم وكان وقتها وليا للعهد، إنه بصفته مسؤول ملف ليبيا يدرك قدر المدفوعات المالية التي تكبدتها قطر من أجل إسقاط حكم العقيد القذافي، تلك التي تجاوزت العشرين مليار دولار. كان تميم واضحا كل الوضوح في شرح الأهداف من وراء الأموال الطائلة المدفوعة هناك، والتي تمثلت في إطارين: أولا: أن يبقى ملف النفط والاستثمارات الليبية، والقوات المسلحة الوطنية في يد الدوحة وقطر لا الليبيين. ثانيا: تقوم قطر بترشيح عبد الكريم بلحاج رئيسا لدولة ليبيا الجديدة، والقاصي والداني يعرف من هو بلحاج إرهابي القاعدة الأشهر، والسجين السابق من جراء انتماءاته التنظيمية. يوما تلو الأخر تثبت عملية "طوفان الكرامة" التي يقودها المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، الجيش الوطني للبلاد، قدر الاختراق الذي حدث جغرافيا وديموغرافيا من قبل قطر للواقع الليبي المعاش، والأدلة على ذلك واضحة وضوح الشمس، بدءا من الدعم الدعائي والإعلامي، وصولا إلى تزويد الميليشيات الموالية للدوحة بالأسلحة. منذ انطلاق عمليات فجر ليبيا نهاية عام 2014 وبحسب تقارير استخباراتية فإن الدوحة أنفقت ما يزيد عن ثلاثة مليارات دولار على الأسلحة المهربة إلى الإرهابيين التابعين لها، سواء عبر مطارات طرابلس ومصراته، أو من خلال البحر، أسلحة تم توقيف بعضها وعليها اختام للجيش القطري، ومدون عليها أرقامها التسلسلية من مصدرها. ما تقوم به قطر رصدته المؤسسات الدولية، والأجهزة الاستخبارية العالمية، فقد أشار تقرير صادر مؤخرا عن "وكالة الأمم المتحدة للاجئين" إلى أن قطر ومنذ سقوط القذافي تركز على دعم جماعات الإسلام السياسي في طرابلس، ما يعزز من حالة الإرهاب الدولي العابر للدول، وربما القارات. ناهيك عن ذلك فقد حصلت الاستخبارات الليبية مؤخرا على تسجيلات لمراسل قناة "الجزيرة"، يقوم خلالها بتنسيق الرحلات الجوية السرية التي تقوم بها الطائرات القطرية إلى ليبيا لدعم الجماعات الإرهابية هناك. الدور القطري المخرب في ليبيا لا يتوقف عند الإمدادات اللوجستية بالأسلحة والذخائر فقط، بل يمتد كذلك الى نشر قوات قطرية على الأراضي الليبية، والسعي إلى بسط نفوذ جماعات ميليشياوية معروفة بعينها في عدة مناطق أبرزها معتيقة ومصراتة، لتكون نقاط مواجهة ومجابهة حال تحركت قوات الجيش الليبي بقيادة المشير حفتر. وربما حان الوقت للجيش الليبي ليكشف عن الكثير من الحقائق الغائبة عن الجميع، والتي تؤكد على وجود شراكة عضوية بين قطر وبين تنظيمات الإرهاب الكبرى، بدءا من القاعدة مرورا بداعش، ووصولا إلى مجموعات صغيرة ما انزل الله بها من سلطان. الدوحة وبحسب بيانات الجيش الليبي عقدت صفقات لدعم الإرهابيين في الغرب الليبي من خلال " سالم علي الجربوعي"، العميد بالاستخبارات القطرية والذي عمل لسنوات في منصب المحق العسكري لقطر في دول شمال غربي إفريقيا، وعلى يديه تم تحول زهاء ثمانية مليارات دولار من البنك القطري التونسي، إلى بنك الإسكان بمحافظة تطاوين جنوب تونس، ومن هناك يبدأ سر الإثم في توزيعها على الداخل الليبي، كل بحسب ما تيسر له، ليعمق الفتنة بين صفوف الليبيين، وليعيث في الأرض الليبية إرهابا غير مسبوق. لم يعد في الأمر سر بعد، وباتت الحقيقة واضحة بوجود تحالف إرهابي يقود المعركة في طرابلس ضد قوات الجيش الوطني الليبي، تحالف عماده ست كتائب متطرفة دخلت من مصراته إلى طرابلس، تمثل أذرعا للإخوان المسلمين من جهة ولمجموعات ليبية مقاتلة يتصدرها صلاح بادي من ناحية أخرى. العلاقة بين قطر والإخوان لا تحتاج إلى تأكيد أو إعادة شرح، ولهذا لم يكن من المفاجئ أو المثير أن يمضي القرضاوي، ومن وراءه مجلس علماء مسلمين تميم، لإدانة حركة تطهير البلاد من الإرهاب المتفشي. في هذا السياق تم رصد تكليفات قطرية مباشرة لاقتحام طرابلس، والسيطرة عليها مرة أخرى، للإرهابي صلاح بادي زعيم ما يعرف بميليشيات " لواء الصمود "، والتي هي ذراع الإسلاميين في ليبيا، وعهد إليه بجمع شتات الميليشيات المسلحة الليبية والجماعات الإرهابية، لعرقلة تطهير طرابلس من الإرهاب. وللذين لا يعلمون خطورة ظهور بادي من جديد، نذكر بأنه أحد مؤسسي ميليشيات "فجر ليبيا" التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تتلقى كل الدعم العضوي من الدوحة، ومعروف أنها أحرقت مطار طرابلس الدولي عام 2014، وتسببت في توقفه عن العمل. وبادي مدرج على قائمة عقوبات مجلس الأمن منذ نوفمبر 2018 بتهمة زعزعة الأمن في ليبيا، عطفا على أنه مدرج على قائمة الإرهاب التي أعلنها برلمان شرق ليبيا قبل نحو سنتين، وقد شارك في أغلب الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس في السنوات الأخيرة. كارثة صلاح بادي أن رؤاه الإرهابية تجد هوى كبيرا عند القطريين لا سيما وأنه صديق وثيق ولصيق لـ "علي بلحاج"، ورغم أن أهالي العاصمة الليبية طرابلس قد استنكروا عودته غير المحمودة، وظهور المدان والممقوت بكل الاشكال، سيما أنه أيضا وضمن كشف جرائمه الطويل أنه الرجل الذي فجر خزانات النفط خلال عملية فجر ليبيا، ودفع بمئات الشباب إلى الموت خدمة لأهداف ومصالح جماعة الإخوان التي تحركها قطر، والتي تسعى لتنصيبها في مقاليد الحكم في ليبيا، بالرغم من هذا كله يصمت السراج وحكومة الوفاق عن الهول الإرهابي الأعظم الذي يمثله بادي، طالما أنه سوف يسعى لإيقاف حفتر . والإرهابي المذكور عسكري سابق في جيش العقيد القذافي، وينتمي لمدينة مصراتة التي أصبحت الآن رأس تنظيم الإخوان الإرهابي في ليبيا، وكان مقرب من السلطة إلا أنه انقلب على النظام فور ثورة فبراير 2011، حيث هرب إلى مصراتة في ذلك الوقت، واجتمع مع قادة تنظيم الإخوان الإرهابي، وأوكلوا له مهمة تكوين ميليشيات لمحاربة القذافي، وفي نفس الوقت كانت ملايين قطر تنهال عليه. لماذا يجن جنون قطر في الأيام الأخيرة وبعد عملية "طوفان الكرامة"؟ الجواب بيسر شديد، لأنها سوف تكشف عن التورط المباشر والفج لقطر على الأراضي الليبية، فعلى سبيل المثال تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، في وقت سابق، مقاطع فيديو ترصد لحظة القبض على أشخاص يحملون أوراق سفر قطرية، وذلك في أعقاب نجاح الجيش الوطني الليبي، في السيطرة على معسكر اليرموك جنوب شرقي طرابلس، مع فرار الميليشيات، التي تركت آلياتها وسيارات مصفحة دبلوماسية تابعة لنظام قطر. لا يحتاج الأمر إلى تقارير استخباراتية أوروبية بنوع خاص، وإن كانت حاضرة على الأراضي الأوروبية، لتثبت أن قطر شكلت في الأسبوعين الأخيرين وبشكل طارئ غرفة عمليات عسكرية حربية في الدوحة، تباشر من خلالها وتنسق الجهود لدعم الإرهابيين في ليبيا لاستهداف المدنيين، وقوات الجيش، في الوقت الذي تقصف فيه طائرات تابعة لنظامي تركيا وقطر وبذخيرة فرنسية تركية مواقع الجيش الوطني الليبي والأطفال والنساء في سوق الخميس وغريان. مرة أخرى لماذا تتلاعب قطر بأقدار ومصائر الليبيين على هذا النحو وعبر دعمها لإرهابيين وميليشيات من كل حدب وصوب؟ الجواب يؤكد نوايا تميم التي خبرها للسيد شلقم، فهي تتطلع لأن تضحى الدولة المسيطرة على مقدرات الغاز والنفط في الشرق الأوسط، وتعلم تمام العلم أن ليبيا بما لديها من إمكانات وثروات طبيعية من العنصريين المتقدمين يمكنها أن تزاحم قطر، لاسيما وهي الأقرب إلى أوروبا من الناحية الجغرافية، بخلاف قطر البعيدة. من هنا يتفهم المرء مسألة الإصرار الليبي على تقسيم البلاد إلى شرق وغرب، سيما وأنه مهما كانت أموالها، فإنها لن تسطيع أن تبسط سيطرتها على كل التراب الوطني الليبي الكبير والواسع، شرق وغربا وجنوبا، وهي تعي أن الجيش الوطني الليبي الذي بادر إلى تطهير الجنوب من الإرهاب والإرهابيين، قادر على أن يكرر المشهد نفسه في الغرب. على أن بعدا آخر يمثل أمام ناظري الباحث المحقق والمدقق في علاقة قطر بليبيا، وموصول بالدور غير الواضح للعوام المرسوم لقطر ودعمها للإرهاب حول العالم، وهي قصة تحتاج إلى قراءة مطولة بذاتها. باختصار غير مخل، هناك من يستخدم قطر كمخلب قط وخنجر في خاصرة الأمم والبلدان، ودورها لا يتجاوز البيدق على رقعة الشطرنج الإدراكية، ولهذا تتلاعب بها الأمم الكبرى التي تصارع على إفريقيا، حيث ستكون هناك مواجهات الأقطاب الدولية الساعية إلى بسط هيمنتها على القارة السمراء في القرن الحالي، وإعادة نهب ثرواتها، عبر قصة الإرهاب والتدخل من أجل محاربته. تنظر قطر إلى ليبيا بوصفها "حصان طروادة" الذي يمكنها من نشر الإرهاب الدولي في دول القارة المتناحرة وغير المستقرة سياسيا، فهي على سبيل المثال لا الحصر لم تكتف بدورها الهدام في طرابلس ونواحيها، فامتدت أيديها السوداء إلى تشاد حيث تدعم جيشا من المرتزقة هناك لمواجهة الجيش الليبي في الجنوب، وهي التي تدعم المتمردين في مالي بالعربات المدرعة وصفقات الأسلحة، ودورها في السودان وعلاقاتها مع نظام البشير المخلوع معروف للجميع، وفي أول الأمر آخره فإن قطر تتطلع لأن تضحى شوكة في حلق مصر وتونس والجزائر عبر مليارات الإرهاب . السؤال قبل الانصراف: "هل المجتمع الدولي عاجز عن فهم ما تقوم به قطر؟ وإذا كان الجواب لا، فهل يعد شريكا لها في إرهابها، وإننا أمام فصل متفق عليه لاستخدام جزيرة الشيطان لإعادة رسم الخارطة العالمية في الشرق الأوسط تحديدا وبتواطؤ مبين مع إرهاب القطريين؟

مشاركة :