تركيا تطوي صفحة حليف الأمس القريب: البشير دكتاتور يستحق العزل

  • 4/19/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الخرطوم – عندما اندلعت شرارة الانتفاضات في بعض دول العالم العربي عام 2011، لم تدّخر قوى الإسلام السياسي أي جهد لتزويق الوضع ونعت المرحلة بأنها فترة ذهبية عبر إطلاق مفاهيم بدت مزهرة ومشرقة كـ”الربيع العربي”، في محاولة لاستغلال الفرصة لتركيز مشاريعها. لكن، لم يدم ذلك “الربيع” طويلا وفشلت بذور الإسلاميين في أن تزهر في أرضية مجتمعات مثل تونس ومصر، ليعود الإسلاميون اليوم، مع تطور الأحداث في الجزائر والسودان بخطاب غير متوازن، يصف من جهة التغييرات بالإيجابية ومن جهة أخرى يخشى أن يشيد بدور الجيش في دعم المتظاهرين والوقوف إلى جانبهم، لأن في ذلك انقلابا تاما على سياسات 2011، ومن جهة ثالثة لم يتردد عن وصف حليفه النظام السوداني السابق بـ”الدكتاتوري”. وينعكس هذا التضارب في تصريحات قياديين ومسؤولين إسلاميين، من ذلك تصريحات الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، الذي قال إن الشعوب الإسلامية تقوم بتصحيح الأنظمة، مشددا على أن الربيع العربي لم يمت رغم الضربات، وأن الجزائر والسودان يشهدان حراكا شعبيا قاد نحو استقالة رئيس البلد الأول، عبدالعزيز بوتفليقة، وعزل رئيس البلد الثاني، عمر البشير، الذي استضاف منذ وقت قصير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووقع معه جملة من المشاريع انتهت بتسليم تركيا جزيرة سواكن السودانية. وعلى عكس موقفها من الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي الذي قدّمت له كل أشكال الدعم المُمكن، وعلى الرغم من العلاقات المميزة مع الرئيس السابق عمر حسن البشير، رحبت وزارة الخارجية التركية الأحد بتعهد المجلس العسكري في السودان بنقل السلطة في نهاية المرحلوفي تسويق لفكرة مماثلة، قال عمر قورقماز المحلل السياسي والمستشار السابق في رئاسة الوزراء التركية، في حوار مع وكالة الأناضول، إن أنقرة اتخذت موقفا إيجابيا من التغيير في كل من السودان والجزائر، وهي تصريحات يرى مراقبون أنها تستهدف أساسا المعارضة في البلدين، والتي تتجه لتوحيد الصف والقفز فوق الخلافات والتعلم من الخبرات السابقة في هذه المرحلة الاستثنائية، الأمر الذي يسد الثغرات التي يمكن أن يمر منها الإسلاميون. وقبيل أيام فقط من عزل عمر البشير عن الحكم، عكست الخطابات الرسمية بينه وبين النظام التركي علاقة متينة، خاصة عقب إبراق البشير رسالة خطية إلى الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان أن أنقرة تدعم جهود الاستقرار الكامل في السودان بما يعني الإيحاء بمواصلة الرهان على البشير، لكن سرعان ما تبدّل الوضع بعد أن توضحت نهاية البشير. ولا يؤكّد حديث الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عن الربيع العربي، إيمانا حقيقيا بأن الثورات حق مشروع للشعوب في الانتفاضة على الحكام حتى وإن كانوا من الإسلاميين، بقدر ما يثبت صحة الحديث عن تخلي الإسلاميين عن البشير بعد أن أضحى ورقة محروقة إقليميا ودوليا ولا بد من نزع الثقة منه تمهيدا للبحث عن بديل في وقت تقل فيه فرصهم في المنطقة وتسقط رهاناتهم الواحد تلو الآخر. ويقول محللون في موقع أحوال تركية إن الحكومة التركية باتت متخوفة من أن تكون الخاسر الأكبر جرّاء الأحداث الأخيرة في السودان، كما حدث لها في مصر، خاصة مع تحدّث وسائل إعلام عن توقف العمل في مشروع إنشاء قاعدة عسكرية تركية في جزيرة سواكن بعد الاحتجاجات التي انتهت بإسقاط البشير، الأمر الذي يضرب في مقتل مشروع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على البحر الأحمر، ومساعيه لاستفزاز دول المنطقة. ومن هنا، يرى ياوز بيدار رئيس تحرير موقع أحوال تركية، أن سقوط البشير في السودان يمثل لطمة لأردوغان في تركيا، مشيرا إلى أن التغيير المفاجئ في السودان من شأنه أن يكون أكبر مصدر قلق بالنسبة لأنقرة، وذلك لأن سقوط البشير يشكل ضربة قاسية لأولئك الذين يحلمون باستمرارية أي نظام حكم سياسي يهيمن عليه الدين. وبعدما تجاوزتهم الأحداث، يُحاول قادة الإسلام السياسي في المنطقة الظهور في موضع الحاملين للفكر الرافض لـ”الانقلابات” العسكرية لتدعيم مواقفهم التي مازالت متخبطة. ويواصلون نهج مسارات لا تترجم حقيقة فكرهم وسياساتهم عبر الإمعان في التأكيد على أنهم من دعاة الديمقراطية، حيث يقول القره داغي لدى حديثه عن مواقف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مما يحدث في السودان أو الجزائر “موقفنا واضح وصريح، وليست فيه أي ازدواجية، وهذا واجب العلماء أن يبينوا الحق للعالم أجمع”، موضحا أن الاتحاد “يقف مع حركات الشعوب وثوراتها، وما تريده الشعوب المسلمة من تغير النظام السياسي الدكتاتوري إلى نظام ديمقراطي”. لكن كل هذه الشعارات لا تشي بأن انقلاب الإسلاميين على البشير معناه حصول تطور أو تحول في سياساتهم، بل تؤكد التجربة أن الأمر لا يعدو أن يكون محاولة لتجاوز المرحلة بأقل الخسائر والتجمل بهذه الشعارات في حين يجري البحث عن وجه جديد يمثلهم. وما يؤكّد تواصل محاولات الإسلاميين لإنقاذ نظامهم، ذلك الجدل الذي تثيره التحضيرات القائمة في السودان لاستقبال وفد قطري رفيع المستوى سيقوده نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطريان في خطوة توصف بأنها آخر المحاولات لإنقاذ الإخوان قبل فوات الأوان. ة إلى إدارة مدنية.

مشاركة :