تحولت قصة فاوست التي كتبها غوتيه، بداية القرن التاسع عشر، لمسرحيات أوبرالية عدة. لكن أشهرها على الاطلاق هي تلك التي ألف موسيقاها الفرنسي شارل غونو منتصف عام 1859، والتي تعرض اليوم في دار الاوبرا الملكية في لندن. هذه القصة التي كتبها غوتيه بداية عام 1808، تحكي الصراع بين الخير والشَّر والجنة والنار. وقد تحولت اليوم لرواية عالمية. ولهذه الأوبرا ألحان عذبة وصعبة في آن معاً. هذا ما جعلها تشكَّل تحدياً لكل منشد. وعنها تحدث صاحب الصوت الجهوري والعميق، أروين شروت، قائلاً "حين كنت صغيراً حاولت قراءة هذه المقطوعات الموسيقية المكتوبة، فقلت لنفسي إنه من المستحيل غناؤها... لا يستطيع أحد غناءها". ويضيف الباس باريتون أروين شروت، الذي يلعب دور الشيطان ميفيستوفيليس "ما زلت أؤمن بذلك، لكن مع فارق هو أنني اكتسبت القليل من المعرفة اليوم". لكن، في نهاية الامر، أصبح بإمكان شروت غناء هذه المقطوعات، "واستمتع بها" كما أعلن. الإنتاج الذي خصصته دار الاوبرا الملكية لهذا العمل المسرحي الغنائي جاء بمستواه الفني الكبير. ويمكن التعرف عليه من خلال الديكور الذي أظهر ملهى المولان روج الباريسي ومشاهد الحرب والأزياء المستوحاة من لوحات الرسام الفرنسي ماني.ألحان صعبة ونغمات متغيرة أما عن الموسيقى التي اعتبرها النقاد صعبة، فأشار التينور ميكائيل فابيانو، الذي يلعب دور فاوست، إلى أنه "في كل مرحلة تتغير قوة النغمة. في الفصل الأول نسمع أصوات الشباب، ثم يتزايد الإيقاع في الفصل الثاني حتى اللحظة التي يعلن فيها حبه للفتاة. ثم نلتقي مارغريت في الفصل الثالث مع هذا السياق المثير والجميل... إنه حقاً جذاب". من جانبها، أشارت السوبرانو إيرينا لانغو، التي تقوم بدور مارغريت، التنوع الموسيقي الذي جمعته هذه الاوبرا "هذه الموسيقى تساعد كثيراً، لأنها متنوعة، فيها أغانٍ خفيفة. وعليّ القول إنها تساعد شيئاً فشيئاً على اكتشاف هذه الشخصية. يكفي أن نترك نفسنا لغريزتها فتظهر الشخصية لوحدها". فاوست، كما تقول هذه الرواية، باع روحه للشيطان كي يبقى شاباً ويستميل قلب الحسناء البريئة مارغريت. ورغم وجود فوارق بين شخصيتي فاوست وميكائيل فابيانون البطل الذي يجسده على المسرح، لكنه يجد أوجه الشبه بينهما. فكلاهما لم يستمتع باللحظة التي يعيشها. وفي ذلك يؤكد التينور "كموسيقي انتقل من عمل لعمل يومياً. وهذا ما قادني لعدم التمتع باللحظة. ولفاوست الشخصيةُ نفسُها. إنه رجل عاش حياته لكنه لم يستمتع باللحظة. والسبب الذي دفعه للبحث عن الشباب هو العودة للماضي كي يفهم معنى الاستمتاع باللحظة. لذا أتعاطف مع هذا الجزء من الشخصية". كذلك أقام الباس باريتون شروت مقارنة بينه وبين الشخصية التي مثّلها وهي شخصية الشيطان ميفيستوفيليس. وفي هذه المقارنة، تملك كل من الشخصيتين رؤية مختلفة للحياة "حين نصل الى المرحلة الأخيرة من حياتنا" يقول شروت، "وفي الوقت الذي نتحضر فيه لمغادرة هذا العالم، ندرك وجود ذلك الاحتفال الكبير خلف النافذة والذي يعرف بالحياة... إذا جاءك في تلك اللحظة جنّي مجنون وسألك إن كنت تريد فرصة ثانية لتبدأ حياتك من جديد محتفظاً بحكمتك وبمعلوماتك... أتساءل... أعتقد أن شيئاً لن يتغير، لأن الحياة هي هدية رائعة". هذه الأوبرا سيستمر عرضها في دار الأوبرا الملكية في لندن حتى السادس من شهر أيار/مايو. كما تعرض في العديد من دور السينما في 30 من نيسان/ابريل.
مشاركة :