عاد عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى شوارع الجزائر، أمس الجمعة، مطالبين بتغيير ديمقراطي شامل يتجاوز استقالة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وأصروا على موقفهم بضرورة رحيل رموز النظام السابق، خاصة الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، ورئيس الحكومة نورالدين بدوي، كما عبر المحتجون عن رفضهم الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في يوليو/تموز المقبل، وشددوا على ضرورة تغيير النظام الذي يرونه الخطوة الأساسية التي قام من أجلها حراك 22 فبراير.واختار البرلمان رئيساً مؤقتاً، وحدد الرابع من يوليو موعداً للانتخابات الرئاسية في عملية انتقالية أيدها الجيش. لكن استقالة بوتفليقة في الثاني من إبريل/نيسان لم تفلح في إرضاء الكثيرين ممن يريدون الإطاحة بكل النخبة الحاكمة التي هيمنت على المشهد السياسي في البلاد منذ الاستقلال عن فرنسا في عام 1962.وذكر شهود أن آلاف المحتجين تجمعوا مجدداً في وسط المدن في أنحاء الجزائر مطالبين بإصلاحات جذرية، تتضمن التعددية السياسية، والقضاء على الفساد والمحسوبية.ويريد المحتجون رحيل النخبة الحاكمة التي تضم محاربين قدامى شاركوا في حرب الاستقلال عن فرنسا وأعضاء الحزب الحاكم وكبار رجال الأعمال، ويطالبون بإصلاحات شاملة.وطلب مئات الآلاف من المحتجين بالعاصمة الجزائرية بإلغاء الانتخابات التي اعتبروها غير شرعية، باعتبار أنها جاءت بإمضاء رئيس الدولة المرفوض شعبياً عبدالقادر بن صالح. واعتبر المحتجون أمس، في الجمعة التاسعة على التوالي، استدعاء الهيئة الناخبة «بحكومة ووزير أول طلب الشعب في أكثر من مليونية باستقالتهما» استفزازاً للجزائريين الذين خرجوا في مسيرات سلمية للمطالبة بتغيير النظام.كما دعا المحتجون لمحاسبة رؤوس الفساد في البلاد، مشددين على ضرورة ضمان استقلالية القضاء.كما تعالت المطالب الشعبية المنادية برحيل رئيس البرلمان معاذ بوشارب، وحكومة نورالدين بدوي، منادين بجمهورية ثانية تقودها شخصيات وطنية لا صلة لها بنظام بوتفليقة. وبين الهتافات واللافتات، ردد المتظاهرون «الشعب يريد يتنحى وقاع» (ذهابهم كلهم) و«فنيش.. بلعيز.. كيف.. كيف». ويشير المتظاهرون بذلك إلى القاضي كامل فنيش الذي عين رئيساً جديداً للمجلس الدستوري خلفاً لبلعيز، ويعتبره المحتجون قريباً من «النظام» الذي يريدون التخلص منه.وكان قد تم إغلاق المنافذ المؤدية لقلب العاصمة بشكل شبه كامل، حيث تم تضييق المداخل من خلال نشر حواجز الشرطة، الأمر الذي دفع المحتجين إلى السير على الأقدام كيلومترات عديدة للوصول للمليونية بالساحات الكبرى.وقال حسني عابدي مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسطي في جنيف إن «الجيش الجزائري مقتنع بأن إدارة الأزمة تمر عبر سلسلة من إجراءات التهدئة». وأضاف أنه يقوم بذلك تدريجياً لتقليل مدى التنازلات والتأكد من قبول المحتجين بها.ويتساءل المراقبون إلى متى سيستمر الجيش في الدفاع عن العملية الدستورية؟ وقال أحدهم لوكالة فرانس برس «دخلنا في لب المشكلة طالما يبدو أنه لا يمكن تقريب المواقف». من جهة أخرى بدأ الرئيس المؤقت ابن صالح الخميس سلسلة لقاءات «في إطار الرغبة في التشاور»، وقالت الرئاسة إن ابن صالح استقبل (...) تباعاً، عبدالعزيز زياري وعبدالعزيز بلعيد وميلود براهيمي، بصفتهم شخصيات وطنية، موضحة أن هذه اللقاءات تدخل في إطار المساعي التشاورية التي ينتهجها رئيس الدولة لمعالجة الأوضاع السياسية للبلاد. لكن هذه اللقاءات تبدو بعيدة عن رغبة التغيير التي يريدها المحتجون. فزياري كان وزيراً ومستشاراً في الرئاسة ورئيساً للجمعية الوطنية في عهد بوتفليقة، بينما يقود بلعيد حزباً صغيراً قريباً من السلطة، ومن المعروف أن براهيمي من أعضاء النظام منذ عقود. من جانبه قال زياري عقب اللقاء إنه اغتنم فرصة اللقاء للتعبير عن وجهة نظره في الأزمة التي تشهدها البلاد، مؤكداً موقفه بتطبيق المادة 102 من الدستور الخاصة باستحالة ممارسة رئيس الجمهورية مهامه بسبب مرض خطير ومزمن باعتبار أنها تمثل الحل. كما دعا في الوقت نفسه إلى ضرورة تعديل الدستور قائلاً إنه يمثل سلاحاً خطيراً في يد أي رئيس. (وكالات)
مشاركة :