هل أمريكا تدفع ثمن الحرية المطلقة!؟

  • 10/9/2013
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يخطئ من يعتقد أن الحرية تعني التفلت والانطلاق من كل القيود، بلا حدود، وكلنا يعرف القول المأثور (أنت حر ..مالم تضر) ،لكن حكمة هذه المقولة لم تصل بعد إلى الغرب بعامة وأمريكا بخاصة، أمريكا التي يراها الكثيرون منا على أنها (واحه الحرية) ولننظر على سبيل المثال إلى (حرية) اقتناء الأسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية، وعدم وجود قانون رادع لحامليها في الدستور الأمريكي، إذ تحولت إلى نقمة على المواطن الأمريكي، حيث تحول المختلون عقلياً، والمضطربون نفسياً، والساخطون الناقمون اجتماعياً، إلى قنابل موقوتة، بحملهم لأسلحة تنفجر في أي وقت، وتصيب أي فرد، ولعلنا نذكر هنا حدثاً رهيباً وقع منذ فترة وجيزة، إذ شهدت قاعدة (نافي يارد) التابعة للبحرية الأمريكية بواشنطن، هجوما راح ضحيته 12 شخصاً، بعد أن اقتحمت مجموعة من الأفراد أحد مباني القاعدة، وأخذوا يطلقون النار عشوائياً فقتلوا وأصابوا العديد من منسوبي القاعدة، وقد تمكنت الشرطة من قتل أحد المهاجمين، وتم التعرف عليه، وكانت المفاجأة.. فهو يدعى (أرون اليكسيس) أحد الأبطال الذين أسهموا إسهاماً كبيراً في البحث عن جثث ضحايا أحداث 11سبتمبر 2001 هذا (الإرهابي) وفق التصنيفات والمسميات الأمريكية أمريكي من أصول أفريقية، كان يعمل فى شبكة الإنترنت بالبحرية الأمريكية ومشاة البحرية (المارينز)، كما خدم في الجيش الأمريكي كجندي إحتياطي حوالى أربعة أعوام، وحصل على عديد من الأوسمة العسكرية، وقد تم فصله من البحريه لأسباب غير معلومة، وإن قيل لسوء سلوكه. كان (اليكسيس) بوذياً لا يحب الاختلاط بالناس أو التواصل معهم، واعتقل أكثر من مرة لارتكابه بعض الأعمال والسلوكيات غير الطبيعية، وكلها تتعلق بإطلاق نيران على بعض الأشياء كالسيارات وجدران شقته(!!)، يقال بناء على إفادة والده أنه كان طبيعياً حتى شارك في عمليات البحث عن جثث ضحايا سبتمبر 2001، حيث عانى بعدها من اضطرابات نفسية، وانهيارات عصبية، واتسمت سلوكياته بالعدوانية. لقد أثار هذا الحادث المواطنين الأمريكيين، الذين طالبوا كثيرا بإصدار نص قانوني يحرم حمل الأسلحة دون حق، لأنهم هم الذين يدفعون ثمن هذه (الحرية) أو (الفوضى) المتمثلة في حمل السلاح. ومما يثير الدهشة، وفقا لما نشرته الصحف الأمريكية، فإن 35 إلى 50 % من الأسلحة التي بحوزة المدنين في العالم كله، متواجدة بأيدي الأمريكيين العسكريين في أفغانستان والعراق في الفتره من 2003 إلى 2010، وقد بلغ عددهم سبعة آلاف جندي، بينما بلغ عدد القتلى المدنيين داخل الولايات المتحدة حوالى 250 ألفا، الأمر الذي يثير الرعب والفزع بين المواطنين الأمريكيين. هناك عشرات الحالات التي قرأتها في تقرير نشر في أحدى الصحف، عن حالات قتل مدنيين أمريكيين، أطفالا وكباراً، نساءً ورجالاً، على أيدي مواطنين أمريكيين، غالباً ما يعلن عن الاضطراب النفسي لهؤلاء القتلة، وكلنا – بالطبع – نقرأ أو نسمع عن هذه الحالات. وما نريد الإشارة إليه في هذا المقام، هو أن الحرية –وهو ما نعتقده، وما يجسده لنا ديننا – ليست مطلقة على الإطلاق، وإنما ينبغى أن تكون هناك قوانين للحد من تجاوز الحد، حفاظاً على حياة الأفراد، وهو أحد مقاصد شريعتنا الغراء، وأن مثل هذه القوانين، لا يمكن أن تعد قيوداً على الحريات، ولا خرقا لما يسمونه بحقوق الإنسان بل هي في المقام الأول، من أجل حماية أهم حقوق الإنسان، ألا وهو حق الحياة. ونود الإشارة – كذلك – إلى تزايد نسبة (المضطربين نفسيا) في المجتمع الأمريكي بعامة، والغرب بخاصة، وما أظن ذلك إلا نتيجة حتمية لحضارة مادية بحتة، أغفلت الجانب الروحي في الكائن البشري، كما نتيجة حتمية أيضاً، لحالة (الاغتراب) التي يعيشها المواطن الغربي، في ظل عدم وجود قيم دينية توجه السلوك وتقومه، وهذا بالطبع لغياب (الإيمان) بالله عادل خالق حاكم، وحلول عبادة الماديات محل هذا الإيمان. هذه هي الحرية (الأمريكية)، يا من تعشقون النموذج الأمريكي، والحمد لله تعالى الذي عافانا مما ابتلى به كثيراً من خلقه.

مشاركة :