قال رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، الأحد إن المجلس مستعد لتسليم “مقاليد الحكم” ابتداء “من يوم غد” في حال تراضت القوى السياسية وقدمت حكومة متفقا عليها. وجاءت تصريحات البرهان قبيل إعلان تحالف “قوى الحرية والتغيير” تشكيلة المجلس المدني الذي كان وعد الجمعة بطرحها الأحد، ليكون البديل عن المجلس العسكري الحالي الذي يحاول إيجاد حل وسط يمهد لمرحلة انتقالية سلسة. وأوضح البرهان، في حديث مع التلفزيون السوداني هو الأول له منذ تسلمه رئاسة المجلس، “نرى أن الخيار المناسب للفترة الانتقالية لتسليم السلطة في البلاد هو عامان”، مضيفا “لكن إذا تراضت القوى السياسية واتفقت فيما بينها وقدمت حكومة متفقا عليها، يمكن أن نسلمهم مقاليد الحكم من الغد”. وأوضح رئيس المجلس الانتقالي “حتى الآن لم نتلق أي أسماء من القوى السياسية وحتى قوى إعلان الحرية والتغيير”. ولفت إلى أنه يفضل أن تكون الحكومة القادمة “تكنوقراط”، وأن هيكلة الدولة تحتاج إلى وقت طويل لأن الفساد “نخر” الوزارات والمؤسسات وتمكن منها. وتابع″كما قلنا من قبل فإن المجلس ليس طامعا في السلطة.. نحن نسعى إلى أن تكون الفترة الانتقالية بإشراف حكومة تكنوقراط حتى تكون بيئة الانتقال مهيئة للجميع″، مشيرا إلى أن التوافق السياسي ضروري لبدء المرحلة الانتقالية. وبيّن المتحدث أن المجلس العسكري “دوره مكمل للانتفاضة وللثورة”، مشيرا إلى أن المجلس “ليس خصما لأي أحد، بل هو مكمل لأدوار الآخرين”. ورغم التطمينات التي يحرص المجلس الانتقالي على تقديمها لقادة الحراك الشعبي من قوى نقابية وسياسية هناك حالة من انعدام الثقة، لجهة خلفيته العسكرية، ووجود أعضاء محسوبين على نظام الرئيس المعزول عمر البشير على غرار رئيس اللجنة السياسية في المجلس عمر زين العابدين ومدير الأمن جلال الدين الشيخ، فضلا عن عضو المجلس الطيب بابكر. وكان الجيش السوداني عزل عمر البشير من الرئاسة في 11 أبريل الجاري وذلك بعد 3 عقود من حكمه البلاد، على وقع احتجاجات شعبية متواصلة منذ نهاية العام الماضي. وشكل الجيش مجلسا عسكريا انتقاليا، وحدد مدة حكمه بعامين، إلا أن رئيسه عوض بن عوف استقال بعد يوم واحد من توليه المنصب جراء الرفض الشعبي، وخلفه عبدالفتاح البرهان، وسط محاولات للتوصل إلى تفاهم مع أحزاب وقوى المعارضة بشأن إدارة المرحلة المقبلة. وظهرت في الأيام الأخيرة انقسامات في صفوف القوى السياسية، وسط اتهامات لتحالف قوى التغيير والحرية باتباع نهج إقصائي، حيال باقي مكونات المشهد السياسي. وإلى حدود مساء الأحد لم يعلن تحالف التغيير والحرية عن تشكيلته للمجلس المدني وسط حديث عن انقسامات في صفوفه حيال الأسماء. وفي ظل هذا المشهد الضبابي يحاول المجلس الانتقالي مقاربة الأمور بروية تاركا الكرة في ملعب الطرف المقابل. وفي ما يتعلق بالاعتقالات، أكد البرهان أنه تم إطلاق جميع المعتقلين السياسيين، دون أي استثناء. وأوضح أن النيابة أوكلت لها مهمة تحديد “المتورطين في قتل المتظاهرين وفي مختلف الجرائم”، مضيفا أنها “ستحقق بشأن كل من تعرض للمعتصمين، والباب مفتوح أمام كل شخص متضرر أو يمتلك معلومات محددة ضد أي شخصية من النظام السابق”. وبشأن الأموال التي عُثر عليها في مقر إقامة الرئيس المعزول عمر البشير، وقدرت قيمتها بـ7 ملايين يورو و350 ألف دولار، ذكر رئيس المجلس العسكري الانتقالي أنها أودعت في البنك المركزي. ولفت البرهان في معرض حديثه إلى أن وفدا سودانيا سيزور الولايات المتحدة، خلال الأيام القليلة المقبلة، لبحث رفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مرجحا “أن يحصل انفراج قريب في الموضوع″.وتأتي هذه الخطوة بعد أيام من إعلان مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية، أن الولايات المتحدة لن ترفع اسم السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب قبل أن تتغير قيادة وسياسات الدولة. وأضاف المسؤول الأميركي لوكالة رويترز “سنكون مستعدين للنظر في رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب إذا حدث تغيير جوهري في قيادة البلاد وسياساتها”. وعلقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المحادثات بشأن تطبيع العلاقات مع السودان بعدما عزل الجيش البشير. وكانت الحكومة الأميركية قد أضافت السودان إلى قائمتها للإرهاب في عام 1993، ومنع التصنيف وصول الخرطوم إلى الأسواق المالية، ما ضغط بشدة على اقتصادها الوطني. وفي خطوة عربية لافتة لدعم الاستقرار في السودان في هذه المرحلة الحرجة أعلنت السعودية والإمارات في وقت سابق الأحد عن قرار بتقديم حزمة مشتركة من المساعدات لهذا البلد قيمتها ثلاثة مليارات دولار. وذكرت وكالتا الأنباء السعودية والإماراتية الرسميتان أن البلدين سيودعان 500 مليون دولار من ذلك المبلغ في البنك المركزي السوداني وسيرسلان بقيته في صورة غذاء ودواء ومشتقات نفطية. وقالت وكالة الأنباء السعودية إن هذه الحزمة تستهدف “تقوية مركزه (السودان) المالي وتخفيف الضغوط على الجنيه السوداني وتحقيق مزيد من الاستقرار في سعر الصرف”. وهذه أول مساعدة كبرى معلنة من دول خليجية إلى السودان في بضع سنوات. ويعاني السودان أزمة اقتصادية تزداد شدة نجمت عن نقص السيولة والخبز والمشتقات النفطية. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، رفع نظام الرئيس عمر البشير من المعروض النقدي لتغطية الكلفة الباهظة لدعم الوقود والقمح والأدوية مما رفع التضخم السنوي إلى 73 في المئة وهوى بالجنيه السوداني مقابل الدولار.
مشاركة :