ما زالت ثقافة تحمل المسؤولية، والاعتراف بالخطأ غائبةً عن فكر كثيرٍ من المسؤولين، وخصوصاً في المواقع التي تتعامل مع الجمهور مباشرة، كالإدارة العامة للمرور! فحين يصرِّح أحد زعماء (بني ساهر) مثلاً: بأن (90%) من حوادث السير يتحملها قائد المركبة؛ فإياك أن تستنتج أن مرور الكرام يعترف بمسؤوليته عن الـ(10%) الباقية!! لا يا (مواااطٍ)... أنت ضحية التعليم الخاطئ، الذي يحارب الحساب، وما قرَّب إليه من جبرٍ وتقاضلٍ وتكامل، منذ أيام (نظام الملك السلجوقي)! ولكن المسألة ليس لها علاقة بالرياضيات اسم الله علينا! إنها مسألة لغويةٌ عربيةٌ (فوصحى)، والغريب الغراب أن تفوت عليك وأنت من المحسوبين على المتخصصين فيها! فالعبارة كقوله تعالى: {إن تستغفر لهم سبعين مرّةً فلن يغفر الله لهم}؛ هل تعني أنه لو استغفر لهم (الرحمة المهداة) أكثر من سبعين، كان الواحد القهار سيغفر لهم؟ ويروى أنه صلى الله عليه وسلم قال: لأستغفرنّ لهم سبعين وسبعين وسبعين حتى نزل قوله تعالى: {سواءٌ عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم}! فاعلم يا ريحانة قلب (ساهر): أن المسؤولية تقع عليك بنسبة (90%) خلال (30) يوماً، ولأنك لن تسدد في الموعد المحدد ـ كعادتك ـ فسندبِّلها لتصبح (180 %)! أما الـ(20%) فهي موزّعةٌ بين عم (قضاؤه)، صاحب البقالة الذي يبيع (مثبتات السرعة)، وعم (قدره)، البنشري الذي يبيع اكسسوارات الجوال المضروبة! وتخيل (لا قدّر الله) حجم الكارثة التي ستحدث لو أن صحيفةً نشرت عنوان الخبر كالتالي: إدارة المرور تتفضل وتتكرّم وتتلطّف وتتعطّف بتحمُّل (10%) من نسبة الحوادث في المملكة؟ يا إلهي... هذا يعني أن (بني ساهر) سينزلون إلى العمل الميداني فوراً، وأولهم الرتب الكبيرة التي لن يرضيها غياب الرتب الصغيرة عن مواقع الازدحام، والاختناقات المرورية، كالمدارس، وكليات البنات، ومعرض الكتاب! وستزرع جنديّاً شاباً من لحمنا ودمنا، وليس (روبوتاً صينياً) عند كل إشارة، بعد أن تصادر منهم (الآيفونات)؛ لتفاجأ بأبعضهم ينقر زجاج نافذتك مبتسماً، ويقول لك بكل ما يعرفه موظَّفو خطوط النسخ والرقعة الجوية العربية السعودية من ذوق: لو سمحت ممكن تعطيني آيفونك على بال ما تربط حزام الأمان؟ نقلا عن مكة
مشاركة :