إيمانويل كانط.. فيلسوف الاجتماع والتنوير

  • 4/22/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

"شيئان اثنان يملآن العقل بإعجاب ومهابة متجددان ومتزايدان، كلما كرَّرنا النظر فيهما، الأفلاك المرصَّعة بالنجوم فوقنا، والقانون الأخلاقي فينا".هكذا عبَّر الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم الإثنين 22 أبريل، عن الارتباط الذي رآه بين النظام الطبيعي، والقانون الأخلاقي في الإنسان، أو الضمير، وكأنما أراد بكلمته أن يردُّهما إلى مصدر واحد. تلك الكلمة التي أكَّد بها إيمانه بمطلقية الأخلاق وأسبقيتها على التجربة الإنسانية.ولد إيمانويل كانط فى 22 أبريل عام 1724، فى كونجسبرج، لأسرة متديِّنة تعاني الفقر والحرمان والحاجة، ثم تلقى تعليمه الثانوي بمدارس المدينة، قبل أن يكمل دراسته بجامعة كونجسبرج كطالب للاهوت في كلية الفلسفة. أراد له أبواه أن يكون لاهوتيا، لكن إقباله على دروس الفلسفة العامة كان أكثر من إقباله على دروس اللاهوت، وربما يكون ذلك مرجعه إلى التعليم الذي تلقاه في طفولته، والذى أورثه مقتًا لشكليات الدين، حتى أنه امتنع طوال سنين نضجه عن حضور الصلاة العامة في الكنيسة، وكان يبغض تغليب الجانب الدينى على الجانب العقلى في تعليمه، فهو يكره التعليم بصورة الجدل الذى لا ينتهى، والمراسم الشكلية، والساعات الطويلة التى تنفق فى تعليم الدين والصلوات المتصلة من ساعة الإفطار حتى ساعة النوم، وقد عانى من الفقر الشديد وصعوبة العيش طوال فترة دراسته بالجامعة، لكنه تغلب على بعض المعاناة بأنه كان يعلم المتخلفين من زملائه حتى تتوفر له نفقات تعليمه ومعيشته، وتدرج في المناصب الجامعية، فتولى عمادة كلية الآداب خمس مرات، وكان مديرًا للجامعة مرتين، وفي هذه الفترة أصدر أهم الأعمال الفلسفية في عصره كـ"نقد العقل الخالص، ونقد العقل العملي".كان "كانط" يُحاضر في مواضيع كثيرة التباين، وبلغة واضحة ليجتذب عددا أكبر من الطلاب، وكان إعجاب الطلبة بفصاحته عظيمًا، ولكنه اشتهر كمؤلف بالغموض، وكانت كتبه غير واضحة بشكل كاف، وفي سنة 1780 أصبح عضوًا في مجلس الشيوخ الأكاديمي، وبعد ذلك أصبح عضوًا في الملكية للعلوم في برلين. استمر في إلقاء المحاضرات في الجامعة، وكتابة البحوث، والمشاركة في المؤتمرات، حتى بلغ سن الشيخوخة، وقد كرس حياته المديدة كلها للفكر والفلسفة، ولم يتزوج ولم يخطر في باله موضوع الزواج إلا مرتين، ولم يبلغ منهما حد المكاشفة، والسبب في ذلك أنه كان فقيرًا، فوقف في المرتين عند التفكير والتردد والموازنة بين دخله ونفقات الزواج ومسئولية العائلة، وبعد ذلك لم يفكر في الزواج، وحين يطرح عليه السؤال في هذا الموضوع كان يغير مجرى الحديث ولا يتقبله بقبول حسن ويعتبر ذلك تدخلًا في شئونه الخاصة.ويعد كانط المتوفي في 12 فبراير 1804 آخر فلاسفة التنوير والحداثة، ذلك العصر الذي سرعان ما انتهى إلى بزوغ عصر ما بعد الحداثة فيما بعد.

مشاركة :