- عثر متسوّلون يهيمون في شوارع استوكهولم على عمل لم يكن في الحسبان، أن يعرضوا أنفسهم كأعمال فنية مقابل أجر يومي، ما أثار نقاشاً واسعاً في البلاد واتهامات بانتهاك الكرامة الإنسانية. فقد عرض على لوكا لاكوتاس، وهو نجار من غجر الروما ترك رومانيا إلى السويد، وصديقته مارسيلا شيريسي، المتسولين في شوراع مدينة مالمو، ثالثة كبرى المدن السويدية، مضاعفة دخلهما إلى أربعة أضعاف ما كانا يجنيانه من عطايا المحسنين على قارعة الطريق. والعمل الجديد يقضي بأن يجلس المتسولان الصديقان ساعتين يومياً في متحف الفن المعاصر في مالمو، في ظروف لا شكّ أنها أفضل من الاستجداء طوال النهار تحت المطر للحصول على ما يعادل بضعة دولارات. وقال لوكا: «العمل هنا أفضل من البقاء في الشارع... البرد قارس في الخارج، والناس ليسوا دائماً لطيفين كما الناس هنا، وهنا لا أحتاج إلى الكلام كثيراً». ويتقاضى لوكا 15 يورو في الساعة، ويدخرها لترميم بيته الذي أتى عليه حريق قبل سنتين، بالتعاون مع صديقته البالغة من العمر 26 سنة. وهما من فئة واسعة من غجر الروما يفضلون البحث عن واقع أفضل في أي مكان في أوروبا، بدل البقاء في رومانيا، إحدى أفقر دول الاتحاد الأوروبي. ويتحدث لوكا عن زوار المتحف، وهم غالباً أشخاص مثقفون ذوو توجهات يسارية «الناس هنا يشعرون بالأسى تجاهنا، وليس الأمر كذلك بين الناس الذين نخالطهم في الشارع». وللوصول إلى العمل الفني الذي يؤدي المتسولان الشابان دوراً فيه، ينبغي اجتياز ممرّ مظلم يسمع فيه صوت يقول: «اليوم، لستم مضطرين للعـــطاء». ثم ينكشـــف الممر عن قاعة شبه خاوية يجلس في زواياها الصديقان المتسولان بصمت، وفيها قصــاصات من صحف تتناول مشكلات اجتماعية، على أنغام موسيقى هادئة. وتسبب رؤية المتسولين في هذا الإخراج الفني أسى لدى الزوار، ويقول كثيرون منهم إنهم لم يتمكنوا من البقاء في القاعة أكثر من ثوان معدودات. ومن هؤلاء الزوار بار كورسيل الذي يقول «لم أستطع التركيز أثناء وجودي في القاعة، الأمر مثير للاضطراب». وتقول زائرة تدعى آن مارغريت اوفتيدال «رأيت الفقر عن كثب... المشهد مزعج كثيراً». ويرى القيّمون على المعرض أن الهدف من هذا العمل هو إثارة التساؤل حول السلوك المتبع بين السكان إزاء المتسولين، ومعظمهم من المهاجرين ومن غجر الروما. وتزامن ذلك مع تحقيق حزب الديموقراطيين المعادي للهجرة، تقدماً في المشهد السياسي في البلاد. ويقول انديرس كارلسون أحد المسؤولين عن المعرض «دوري كفنان يقتضي أن أدفع الناس للتفكير لماذا يتساهلون مع الظلم الذي يخالف قيمهم». لكن رغم النوايا الحسنة للمنظمين، يرى ايرلاند كالداراس رئيس الجمعية الممثلة لغجر الروما في مالمو، أنه كان بالإمكان ابتكار وسائل أخرى للتعبير عن الظروف القاسية للمهاجرين من رومانيا، مثل التركيز على ما تقوم به منظمات في شكل جدي في هذا المجال. واقترحت كايسا ايكمانن الصحافية اليسارية المثيرة للجدل، أن يوضع مكان المتسولين الغجريين في المعرض أشخاص أثرياء لإثارة الصدمة والتساؤل فعلاً في نفوس الزوار. وكتبت في مقال صحافي: «حين يرى الناس رئيسهم في العمل يجلس كالمتسول ويطلب المال، هنا سينطلقون في التفكير فعلاً كما يجب».
مشاركة :