ليلاس سويدان – للمرة الثانية، يؤكد القضاء الكويتي انتصاره لحرية الرأي والتعبير والإبداع، بصدور حكم عن محكمة الاستئناف الإداري، أيّد حكم أول درجة والقاضي بإلغاء قرار وزارة الإعلام، بمنع رواية «فئران أمي حصة» للروائي الكويتي سعود السنعوسي، وبالتالي السماح بنشرها وتداولها. عندما صدر الحكم الأول في أبريل من العام الماضي، كانت حيثياته بحد ذاتها وثيقة قانونية في تفسير الأدب والرواية، وقراءتها كمادة إبداعية بشخوصها وأحداثها ومضامينها، فقد ذكر في حيثيات الحكم «إلى أنه لما كانت الرواية تحمل معاني هادفة حاصلها الدعوة إلى التوحد والتمسك بالقيم الأصيلة والعريقة والتراث الخالد ومقت الطائفية ونبذها، وأتت صياغتها سليمة وأفكارها منسقة متراصة في سرد قصصي متناغم يشير إلى إبداع متمسك بالثمين من الأفكار والمعاني، طارحاً الغث منها، وتسلسلت أحداثها في أسلوب روائي متناسق، فإن الخلاف على بعض ما قد يرد بها يظل في إطار تقييمها كعمل فني لا يعبر بالضرورة عن وجهة المؤلف بقدر ما هو رصد لواقع برؤيته قد يعتريه أي من الصواب أو الخطأ». حقوق قانونية المحامي بسام العسعوسي الذي خاض الجولة القانونية الثانية في سبيل فسح رواية «فئران أمي حصة» أكد لـ القبس أن هذا الحكم يؤكد أن قرار الرقيب بمنع الرواية كان قرارا تعسفيا، إضافة إلى أن الحكم ينتصر مرة أخرى للحريات الدستورية والقانونية، لاسيما أن نشر الرواية يعد ضمن الحريات بمفهومها الواسع التي ضمنها الدستور الكويتي، ويعطي مجالا للسماح بتدوال الأفكار والإبداع في أجواء من الحرية، بعيدا عما تمارسه الرقابة في وزارة الإعلام من منع وكبت للمثقفين، ويشجع الكتاب أيضا على التوجه نحو المطالبة بحقوقهم القانونية. سعادة منقوصة الروائي سعود السنعوسي أبدى سعادته بالطبع بهذا الحكم، لكنه قال إن سعادته تبقى منقوصة، لأن هذا الانتصار يبقى مسألة فردية، بينما هناك أعمال لزملائه الكتّاب ما زالت ممنوعة، وأضاف أن الطريقة التي استعاد بها حقه في فسح الرواية، بكل هذا الانتظار، لمدة ثلاث سنوات، وبهذه التكلفة المادية والنفسية أمر يحز في نفسه، وتساءل عمن يعوضه عن كل ما حدث ويعوض الكويت عن الإساءة لها بمنع الكتب وتقييد حرية الإبداع. وأشار إلى ان حكم القضاء يؤكد أن هناك خللا في وزارة الإعلام ولجنة الرقابة وقراراتها العشوائية. وأضاف السنعوسي أن المسألة أكبر من منع رواية أو إجازتها، فالمشكلة تتعلق بالنظام الرقابي ونوعية الرقباء، والدليل التباين بين قراءة القضاء للرواية وقراءة الرقيب لها بشكل مغاير.
مشاركة :