توصل باحثون أمريكيون إلى أنه يمكننا الاحتفاظ بالذكريات السعيدة، والتخلص من كل ذكرى أليمة، وذلك بعد أن استطاعوا الكشف عن الطريق الذي تسلكه الذكريات إلى النسيان، وأكد ذلك الدكتور بريندن ديبو أستاذ المخ والأعصاب بمركز علوم الأعصاب المعرفية في جامعة كولورادو الأمريكية بقوله: "إنه بالقليل من التدريب يمكننا مسح الذكريات الأليمة من المخ". بعد قرن من تصريحات سيجموند فرويد مؤسس التحليل النفسي بأن الإنسان يمكنه أن يتخلص من ذكرياته غير المرغوب فيها من الوعي باختيار عدم التفكير فيها وكبتها لتسلك منطقة ما كان يطلق عليها "فرويد" اسم منطقة اللاوعي، فإن إخصائيي علوم الأعصاب اليوم يفضلون مصطلح القمع بدلا من مصطلح الكبت لـ "فرويد"، فيتم قمع ذكريات محدودة لتخرج اختياريا من الوعي. وعملية نسيان هذه الذكرى لا تعني اختفاءها من أذهاننا ولكن فقط ممارسة السيطرة عليها بأن نمحو لها مدخل ذاكرة العمل، وهي ذاكرة مؤقتة يتم استحضارها في طلب أرقام التليفونات مثلا، وهذا العمل ينظف منطقة الوعي دون محو الذكرى. تنقسم الذاكرة إلى ثلاث مراحل: المرحلة الأولى عملية الترميز التي تربط المعلومة بالصوت والصورة والرائحة والمشاعر، كما يعد الترميز أثناء استيعاب المعلومة من أهم العوامل التي تساعد على تصنيف المعلومة ووضعها في الملف الصحيح من بنك الذاكرة من أجل الدخول إلى المرحلة الثانية وهي مرحلة تخزين المعلومة والاحتفاظ بها ثم مراجعتها من أجل تحويلها من الذاكرة المؤقتة إلى الذاكرة الدائمة، ثم الدخول في المرحلة الثالثة وهي مرحلة الاسترجاع التي تسمح بإعادة المشهد مرة أخرى. والنسيان مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية للإنسان في حالة إصابته بالمصائب والأوجاع والشدائد، فلو لم ينعم الله علينا بنعمة النسيان سنجد صعوبة بالغة في الاستمرار في الحياة ولن يستطيع الفرد الوصول إلى أهدافه المرسومة بالتعامل مع الحياة بمبدأ الكد والسعي.. والنسيان ضروري جدا لكفاءة المخ وبعض الأشخاص يعانون تضخم الذاكرة لمقدرتهم على تسجيل كل الأحداث فتصبح الذاكرة عائقا حقيقيا ويحدث تزاحم في المعلومات وتشابك في الصور والقرائن.. التي يحصلها المخ.
مشاركة :