الدوحة - الراية : تناول تقرير لمعهد ستراتفور الأمريكي هجوم الجنرال “خليفة حفتر” على طرابلس، والذي وضع ليبيا مرة أخرى على شفا حافة حرب أهلية مدمرة شاملة. ففي 4 أبريل الجاري، شن حفتر هجومًا على طرابلس، وقد يكون ذلك بمثابة خديعة لكسب موقع أفضل بصراعه مع حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا. لكن يبدو أن “حفتر” قد قلل من شأن عدوه، حيث قوبل هجومه بسرعة بمقاومة شرسة وموحدة. ومنذ ذلك الحين، استولى قائد القوات الجنوبية التابعة لحكومة الوفاق على سبها في منطقة فزان، مستفيدا بعد اندلاع القتال في طرابلس. وفي الوقت نفسه، أعلن تنظيم داعش عن تنفيذ هجومين، في الشهر الجاري، وسط ليبيا. ودخلت ليبيا بجولة أخرى من الصراع العنيف بين حكومة الوفاق الوطني، المدعومة دوليا، وما يعرف ب ”الجيش الوطني الليبي” . وجدد هذا الهجوم الأسئلة حول جدوى وقف إطلاق النار الساري المفعول منذ أربع سنوات، الأمر الذي يثير إمكانية التوصل لتسوية تفاوضية في ليبيا، أو إذا كان تجدد الحرب المفتوحة أمرًا لا مفر منه. ويعد أفضل سيناريو حاليًا لمنع مزيد من التصعيد وظهور داعش هو وقف لإطلاق النار بين ميليشيات “حفتر” والقوات حكومة الوفاق، وإلا فإن الحرب الأهلية قد تنتشر إلى كل البلاد. ومن وجهة نظر الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق وميليشيات “حفتر” ، فإن المنطق التكتيكي يكمن بتوسيع القتال إلى ما بعد طرابلس. وربما كان “حفتر” يعتقد أنه سيحصل على موطئ قدم في العاصمة من خلال هجوم مفاجئ، ولكن يبدو أن الفرصة قد تلاشت. لذا فعلى “حفتر” الآن الاستعداد لمعارك أطول في طرابلس، ما يعني حماية سلسلة الإمداد الطويلة للمدينة من خلال فتح هجوم حول سرت. وتواجه ميليشيات “حفتر” في طرابلس تنظيمًا وتدريبًا وتجهيزًا أفضل مقارنةً بتلك التي قاتلتها سابقا في فزان ودرنة وبنغازي. ويبدو أن ميليشيات مصراتة التي تدعم حكومة الوفاق وضعت أنظارها على قطع طرق الإمداد أمام قوات حفتر وأرسلت تعزيزات للمتصدين لحفتر في طرابلس، وعزز المصراتيون وجودهم بوسط ليبيا استعدادا لهجوم محتمل من جانب قوات ”حفتر” ، وشنوا غارات جوية ضد سلاسل الإمداد التي تمتد جنوب سرت. ومن المنطقي أنهم سيحاولون الاستفادة من انتشار قوات “حفتر” للاستيلاء على محطات نفط قيمة شرق سرت، مما سيجبر “حفتر” على التراجع لاستعادة السيطرة عليها. ولعب المؤيدون الأجانب لحفتر دورًا حاسمًا بصعوده واستمرار هيمنته على مدى السنوات الخمس الماضية. واستثمرت كل من روسيا ومصر والإمارات وفرنسا بكثافة في مستقبل “حفتر” منذ الإعلان عن هجومه في ليبيا عام 2014. ومع ذلك، فإن رحلات “حفتر” الأخيرة إلى موسكو والقاهرة وأبوظبي، ولقائه الملك سلمان في مارس بالرياض، تشير إلى أنها ستواصل دعمه كقائد عسكري وسياسي. وهناك فرصة جيدة لتتدخل مصر والإمارات، على وجه الخصوص، لدعم جهود “حفتر” في طرابلس. من ناحية أخرى، قد لا تتدخل فرنسا مباشرة من خلال الغارات الجوية والمعدات، لكن قد تضغط لتسوية دبلوماسية تعيد بناء رأسمال “حفتر” السياسي. ومقارنة بالداعمين الأوفياء ل”حفتر” ، فإن البلدان التي تدعم حكومة الوفاق الوطني من المحتمل ألا تتدخل بسهولة كبيرة في طرابلس. وقد تواصل واشنطن نهجها غير المتناسق لإدارة النزاع الليبي، الذي كان قضية سامة من الناحية السياسية منذ هجوم عام 2012 في بنغازي الذي خلف أربعة قتلى أمريكيين. وقد وافقت إدارة ترامب” ضمنيا على اكتساب حفتر قوة في السنوات الأخيرة، ولكنها دعت أيضًا إلى زيادة الحوار بينه وبين حكومة الوفاق. وفي حال توقف الوصول إلى النفط الليبي وسط الفوضى، فإن الولايات المتحدة قد تهدد بفرض عقوبات على “حفتر” ، مثلما فعلت في عام 2018 لحمله على التراجع عن حجب صادرات النفط. إن احتمال تجدد الحرب الأهلية يشكل مصدر قلق كبير لجميع القوى الخارجية. وعلى مر السنين، انخرط “حفتر” بمبادرات السلام لكنه لم يدعمها بالكامل أو يقدم تنازلات كبيرة، لأنها لا تتماشى مع عقيدته حول كيفية تطور الصراع الليبي. في عام 2016، حاولت الولايات المتحدة وأوروبا دفع “حفتر” لتشكيل جبهة موحدة مع قوات مصراتة في الهجوم على معقل “داعش“ في سرت، لكن “حفتر” كان غير راغب بالعمل مع المصراتيين -الذين قاتلهم سابقا في بنغازي- وفضل الجلوس خارج المعركة تماما. ومن المرجح أن يبقي “حفتر” متحفظًا مرة أخرى للتوقيع على أي وقف لإطلاق النار. ورغم أنه يطلق على قواته اسم الجيش الوطني، إلا أن أفضل وصف له هو أنه مجموعة من الميليشيات تحت قيادة “حفتر” ، لكل منها مصالحها الخاصة. وتطالب العديد من هذه الميليشيات بالسيطرة على طرابلس والموافقة على وقف طويل لإطلاق النار يعد خيانة لتلك الرؤية. وربما الأهم من ذلك أن وقف إطلاق النار من شأنه أن يحطم فكرة أن “حفتر” أصبح رجلاً قوياً مناسب لقيادة شعب وجيش موحد. وبدون وقف إطلاق النار، سيؤدي تجدد القتال إلى ترسيخ العداوات، ما يعقّد المفاوضات للتوصل إلى حل سلمي لأحدث حرب أهلية شاملة. وقد يكون هجوم “حفتر” أحرق أي جسور في عملية السلام الجارية مع الأمم المتحدة. وبعد كل هذا، لماذا يثق به أي شخص في طرابلس في تسوية سياسية؟ ولكن كلما طال أمد الصراع، زاد احتمال تراجع التقدم المحرز في توحيد المؤسسات الليبية، والإبقاء على صادراتها النفطية مفتوحة. الإمارات تُفشل عقد جلسة للبرلمان الليبي بطرابلس ليبيا - وكالات: كشف مصدرٌ برلماني من مدينة طبرق، شرق ليبيا، عن قيام دولة الإمارات العربية الداعمة للجنرال خليفة حفتر، ب ”شراء ذمم” نواب في البرلمان، من أجل الحيلولة دون انقسام مجلس النواب على خلفية رغبة عددٍ من أعضائه في عقد جلسة في طرابلس. وأكد نائب ليبي، فضل عدم ذكر اسمه، أن نواب المنطقة الغربية يوفرون النصاب القانوني لعقد جلسة في طرابلس تهدد وضع رئاسة المجلس المتمثلة في عقيلة صالح والتيار النيابي الموالي لحفتر. لكنه قال إن “الإمارات لم تتوقف عن العمل عبر عدد من النواب المقربين من حفتر، للحيلولة دون انعقاد الجلسة، وقد تمكنت بالفعل من تحييد عدد لا بأس به من نواب المنطقة الغربية”، لافتاً الى أن إمكانية عقد جلسة في طرابلس “بات تقريباً من المستحيلات” . وأوضح المصدر أن “مساعي بعض البرلمانيين في هذا الصدد، ووجهت إما بالترغيب أو الترهيب، وتلقّى بعضهم تهديداً مباشراً لعدم المشاركة في جلسة البرلمان التي كان من المزمع عقدها في طرابلس” . وأكدت عضو مجلس النواب، السيدة العقوبي، أن عدداً من نواب المنطقة الغربية رفضوا عقد جلسة بطرابلس. وقالت في تصريح تلفزيوني، إن “الرافضين لعقد جلسة في طرابلس، لا يزالون يعولون على الحوار مع خليفة حفتر”، مؤكدة فشل جهود عقد جلسة بطرابلس. وعبّر مئة نائب في مجلس النواب الليبي، عن رفضهم لهجوم حفتر على العاصمة طرابلس، مطالبين خلال بيان مشترك أصدروه في السادس من إبريل الحالي، اللواء المتقاعد بالتراجع “فوراً” عن قرار دخول العاصمة عسكرياً، مؤكدين أن “الحرب لن تحقق شيئاً إلا إراقة المزيد من دماء الليبيين، وإشعال فتيل حرب لا يمكن معرفة أين ومتى تنتهي” . ويمثل نواب الغرب الليبي الأكثرية في مجلس النواب، بما يزيد عن مئة نائب، ما يوفر النصاب القانوني لعقد جلسة تتطلب 90 نائباً. لكن المصدر البرلماني تحدث عن وجود “وجه آخر ساعد في الحيلولة دون عقد الجلسة ممثلاً في وجود نواب من الغرب يوالون حفتر ويؤيدون الحرب على طرابلس” . وبحسب النائب خالد الأسطى، أحد النواب الساعين لعقد جلسة بطرابلس، فإن الهدف من تلك الجلسة كان الإعلان عن موقف أغلبية النواب من الحرب على طرابلس، والتأكيد على أن قرار مجلس نواب طبرق، والذي بارك عملية حفتر، لا يعبر عن رأي أغلبية النواب. وكان الأسطى أكد في تصريحات صحافية صدرت عنه أواخر الأسبوع الماضي، إمكانية انعقاد أولى جلسات النواب في طرابلس أول أمس. ويعاني مجلس النواب انقساماً كبيراً وتشتتاً في آراء أعضائه منذ ما يزيد عن السنة والنصف، بسبب مواقفهم المتباينة.
مشاركة :