الفلسطينيون محرومون من مياههم

  • 4/24/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

رمزي بارود * حرية الوصول إلى مياه نقية هي حق إنساني أساسي، وهي أيضاً حق متأصل في القانون الدولي. في نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، تبنت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية «التعليق العام رقم 15» بخصوص الحق في المياه، الذي ينص على أن «الحق في الماء عنصر أساسي للتمتع بحياة كريمة، وعامل حيوي لتفعيل العديد من الحقوق الأخرى، مثل الحق في الحياة والصحة، والتمتع بمستوى معيشي لائق». ومناقشات الأمم المتحدة حول المياه باعتبارها حقاً إنسانياً بلغت ذروتها مع قرار الجمعية العامة رقم 64/292 بتاريخ 28 يوليو/ تموز 2010، الذي نص بشكل واضح على أن الحق في الحصول على مياه شرب نظيفة وآمنة وعلى مرافق صرف صحي هو حق إنساني أساسي. وهذا أمر بديهي؛ إذ لا يمكن أن تكون هناك حياة من دون ماء. غير أنه يبدو أن الفلسطينيين محرومون من هذا الحق أيضاً، كما هم محرومون من كل حق إنساني آخر. واليوم، هناك أزمة مياه تؤثر في العالم كله، وهي الأزمة الأكثر وضوحاً في الشرق الأوسط. والتغير المناخي الذي بات يتسبب بفترات جفاف وتساقط أمطار في أوقات غير متوقعة، وكذلك عدم وجود تخطيط مركزي لتوزيع المياه، والنزاعات العسكرية، وعوامل أخرى، كلها أدت إلى انعدام أمن مياه غير مسبوق. ولكن الوضع في فلسطين أكثر تعقيداً؛ حيث إن أزمة المياه مرتبطة مباشرة بالوضع السياسي العام الناجم عن الاحتلال «الإسرائيلي»، وهو وضع يتميز بنظام فصل عنصري (أبارتايد)، وبناء مستوطنات يهودية غير مشروعة، وفرض حصارات، وشن عمليات عسكرية. وإذا كان الجانب العسكري للاحتلال «الإسرائيلي» قد استقطب الاهتمام الأكبر، فإن سياسات الاحتلال المتعلقة بالمياه هي أيضاً مشكلة مستفحلة وعاجلة، ولو أنها لا تحظى بالاهتمام الذي تستحقه. والسيطرة الكاملة على المياه كانت إحدى أولى السياسات التي طبقتها «إسرائيل» عقب احتلالها القدس الشرقية، والضفة الغربية وقطاع غزة في حرب 1967. وسياسات «إسرائيل» التمييزية - من حيث استخدام وإساءة استخدام موارد المياه الفلسطينية - يمكن وصفها ب«نظام مياه عنصري». وقطاع غزة على نحو خاص يحتاج إلى إمدادات مياه لتأمين احتياجات سكانه ال1.8 مليون. وكثيرون من هؤلاء السكان يعيشون في فقر. وفي الضفة الغربية، تستخدم «إسرائيل» المياه من أجل إحكام تبعية الفلسطينيين للاحتلال. وهي تطبق شكلاً وحشياً للتبعية من أجل إبقاء الفلسطينيين خاضعين وتابعين. وتعزز «إسرائيل» هذه السيطرة من خلال التحكم بالحدود، وإقامة حواجز التفتيش العسكرية، وجمع الضرائب، وإغلاق الأراضي المحتلة، وفرض حظر التجول، ورفض منح الفلسطينيين رخص بناء. ويشكل فرض اعتماد الفلسطينيين على «إسرائيل» من أجل الحصول على ماء ركناً أساسياً لهذه الاستراتيجية «الإسرائيلية». و«اتفاقية أوسلو 2» لعام 1995 أكدت إجحاف وغبن «اتفاقية أوسلو» الأولى لعام 1993؛ حيث إن أكثر من 71 % من المياه الجوفية في فلسطين خصصت لاستخدام «إسرائيل»، مقابل 17 % فقط خصصت لاستخدام الفلسطينيين. وهكذا أصبحت شركة «ميكروت» للمياه، المملوكة كلياً للحكومة «الإسرائيلية»، تسيء استخدام امتيازاتها من أجل معاقبة أو مكافأة الفلسطينيين كما تراه مناسباً لها. وعلى سبيل المثال، في صيف 2016، حرمت مناطق فلسطينية بأكملها في الضفة الغربية من المياه؛ لأن السلطة الفلسطينية عجزت عن دفع مبالغ ضخمة من المال إلى «إسرائيل» من أجل شراء مياه مصدرها موارد طبيعية فلسطينية. والأرقام تعبر بوضوح عن «نظام المياه العنصري»: الفلسطينيون في الضفة الغربية يستهلكون حوالي 72 لتراً من الماء بالنسبة للفرد الواحد في اليوم، مقارنة مع 240 - 300 لتر بالنسبة للفرد الواحد «الإسرائيلي». أليس هذا أمراً شاذاً ومذهلاً؟. ومع ذلك، لا يزال كثيرون يتساءلون اليوم: لماذا لم تؤدِّ اتفاقيات أوسلو إلى «السلام» المنشود؟!!. * صحفي ومستشار إعلامي وكاتب أمريكي فلسطيني - موقع «إنفورمد كومنت» (www.juancole.com)

مشاركة :