قال عرفان صديق, السفير البريطاني في الخرطوم, لـ«الشرق الأوسط» أمس، بأن «الترويكا» التي تضم واشنطن ولندن وأوسلو تدعم الإجماع على انتقال سريع وسلس من المجلس العسكري في السودان إلى سلطة مدنية، لكنها لم تضع جدولاً زمنياً لتحقيق ذلك.ووصلت ماكيلا جيمس مساعدة وزير الخارجية الأميركي إلى الخرطوم أمس لتقييم الوضع على الأرض ودعم التغيير الذي حصل بالإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير وتشجيع المجلس العسكري لنقل السلطة إلى المدنيين بما يحافظ على الاستقرار، بحسب مصادر دبلوماسية غربية. وقالت لـ«الشرق الأوسط» بأن جيمس تجتمع اليوم مع دبلوماسيين غربيين بينهم ممثلا الحكومتين البريطانية والنرويجية في الخرطوم.وبعد مظاهرات استمرّت أربعة أشهر، أطاح الجيش السوداني في 11 الشهر الجاري، بالرئيس عمر البشير (75 عاماً) الذي حكم البلاد طوال 30 عاماً، وشكّل «مجلسا عسكرياً انتقالياً» يتولى السلطة لعامين، فيما يطالب ممثلو الحراك بنقل السلطة إلى «مجلس مدني سيادي».وقال صديق ردا على سؤال بأن الدول الثلاث مجتمعة وبريطانيا منفردة، لم تضع أي جدول زمني لنقل السلطة من المجلس العسكري إلى مجلس مدني، لافتا إلى ضرورة «توفر الإجماع والعمل بسرعة ووضوح لأن عدم الوضوح والغموض يؤثران على الاستقرار». وفي 15 الشهر الجاري، أمهل الاتحاد الأفريقي المجلس العسكري أسبوعين لنقل السلطة إلى المدنيين وإلا فإنه سيجمد عضوية السودان في الاتحاد. وأوضحت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» في لندن أن موقف الاتحاد الأفريقي «إجراء روتيني يعلنه إزاء دولة أفريقية بسبب تكرار الانقلاب العسكري في القارة الأفريقية». وأشارت إلى أن «الترويكا» لم تضع جدولا زمنياً واكتفت بـ«أخذ العلم» ببيان الاتحاد الأفريقي. والتقى ممثلو الحركة الاحتجاجية مساء السبت مع المجلس العسكري، وأعلن الاتفاق على «مواصلة اللقاءات» للعمل على حلّ تتسلّم بموجبه حكومة مدنية السلطة من الجيش.وقال أحمد ربيع قيادي في «تجمّع المهنيين السودانيين» لوكالة الصحافة الفرنسية: «نطلب من المجلس العسكري أن يحدّد لنا سقوفاً زمنية حتى لا تطول الأمور»، مذكّراً بأنّه منذ الإطاحة بالبشير أجرى المجلس العسكري جولتين من المحادثات مع قادة الاحتجاجات.واستعرضت الحركة الاحتجاجية قوتها بتنظيم مظاهرة مليونية الخميس الماضي للدفع باتجاه التغيير ونقل السلطة إلى مجلس مدني. وكان مقررا أن تعقد مساء أمس مؤتمرا صحافياً تعلن فيها موقفها من ذلك مع التلويح بـ«إجراءات أحادية».وكان صدّيق يوسف، القيادي في «تحالف الحرية والتغيير» المنظّم للاحتجاجات أشار إلى الرغبة في استمرار اللقاءات مع المجلس العسكري لـ«الوصول إلى حلّ يجد رضاء الطرفين، وذلك حتى يتمّ نقل السلطة وفق ترتيبات سلمية. وهذا مطلب الحراك الجماهيري الذي استمر لأربعة أشهر ومطلب الاعتصام القائم الآن أمام القيادة العامة» للقوات المسلحة في الخرطوم.وأوضحت المصادر الدبلوماسية أن «ممثلي الحراك باتوا يتحدثون عن مطلبين ملموسين: الأول، مجلس مدني سيادي. الثاني، حكومة انتقالية». وأشارت إلى وجود اتجاه بأن يكتفي ممثلو الحراك (ويضم خمس كتل رئيسية) بتسمية ممثليهم في المجلس المدني.في المقابل، قال دبلوماسيون التقوا قادة في المجلس العسكري بأن الأخير «أبدى استعدادا لتسليم السلطة اليومية إلى حكومة مدنية مع التأكيد على الدور السيادي للجيش، إضافة إلى القول بأن ممثلي الحراك هم طرف لكنهم ليسوا الطرف الوحيد الذي يقرر مستقبل البلاد». ونقل أحدهم أيضا عن ممثلي المجلس قولهم بأنهم «لا يريدون السلطة، بل إنهم استجابوا لرغبة الناس في التغيير مع ضرورة الحفاظ على استقرار البلاد».ولبّى المجلس العسكري حتى الآن عددا من مطالب المحتجين بينها اعتقال البشير، ورفع حظر التجول الليلي والإفراج عن العديد من المعتقلين السياسيين والمحتجين الذين سجنوا خلال المظاهرات. كما بدأت إجراءات التحقيق مع البشير وسط أنباء عن وجوده في سجن كوبر. لكن مصادر دبلوماسية غربية في الخرطوم قالت أمس: «ليس لدينا تأكيدات من أن البشير موجود في سجن كوبر. لم نر صورة أو دليلا ملموساً لذلك»، مشيرة إلى أن دبلوماسيين غربيين طالبوا المجلس العسكري بتوفير دليل كهذا لـ«تعزيز الثقة بالإجراءات المتخذة ضده».وإذ أشارت شخصيات في الحراك إلى الاستعداد لقبول محاكمة البشير في السودان و«غض النظر» عن تسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية، قالت المصادر الدبلوماسية بأن موقف الدول الغربية الكبرى هو «عدم الاعتراف أصلا بشرعية البشير، لذلك هي تدعم محكمة الجنايات الدولية ومذكرة الاعتقال بحق البشير وضرورة تسليمه».
مشاركة :