أعلنت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية فوز رواية «بريد الليل» للكاتبة هدى بركات بالجائزة العالمية للرواية العربية 2019 في دورتها الثانية عشرة، خلال حفل رسمي أقيم، مساء أمس، في أبوظبي، لتكون بذلك أول روائية تحصل على الجائزة بعد أن فازت بها رجاء عالم «مناصفة» عام 2011. وكشف شرف الدين ماجدولين، رئيس لجنة التحكيم خلال الحفل، عن اسم الرواية الفائزة بالجائزة والصادرة عن دار الآداب، حيث حصلت هدى بركات بموجبها على الجائزة النقدية البالغة قيمتها 50 ألف دولار أميركي، بالإضافة إلى ترجمة روايتها إلى اللغة الإنجليزية. ويذكر أن حقوق ترجمة الرواية إلى «الإنجليزية» قد بيعت، وستصدر النسخة الإنجليزية للرواية الفائزة «بريد الليل» عن دار وانورلد في المملكة المتحدة عام 2020. كثافة واقتصاد لغوي وقال ماجدولين: تعبر رواية «بريد الليل» عن تجربة في الكتابة الروائية شديدة الخصوصية بتكثيفها واقتصادها اللغوي وبنائها السردي وقدرتها على تصوير العمق الإنساني، ويتمثل تحديها الكبير بأنها استخدمت وسائل روائية شائعة، وأفلحت في أن تبدع داخلها، وأن تقنع القارئ بها. بدوره، قال ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية: «في مجموعة مقننة من الرسائل، تتناول (بريد الليل) موضوعها الرئيس باقتصاد لغوي بالغ، يجعل كل كلمة من كلماتها لبنة محكمة تؤدي دورها في بناء فضاءات من المعاني المتقاربة - المتباعدة في آنٍ واحد. يتابع القارئ مسارات السرد في الرواية بأحاسيس متداخلة، تحول دون التسطيح، على الرغم من تمركزها حول موضوع اللجوء والتهجير الذي طالما شغل أهل الأدب في عالمنا الهش. تسبر الرواية ثيماتها في هذا الفضاء بتمعن ومساءلة، ينمّان عن صنعة روائية محكمة. إن تتويج (بريد الليل) بالجائزة العالمية للرواية العربية اعتراف بتميزها، وتقدير لهدى بركات التي نحتفي بها روائية عربية مبدعة». حكايات ضائعة وتتضمن رواية «بريد الليل» حكايات أصحاب الرسائل الذين كتبوها وضاعت مثلهم. لكنها تستدعي رسائل أخرى، وتتقاطع معها مثل مصائر هؤلاء الغرباء، من المهاجرين، أو المهجّرين، أو المنفيّين المشردين، يتامى بلدانهم التي كسرتها الأيام. ليس في هذه الرواية من يقين، إنها، كما زمننا، منطقة الشك الكبير، والالتباس، وامحاء الحدود، وضياع الأمكنة والبيوت الأولى. ولدت هدى بركات في بيروت عام 1952، وعملت في التدريس والصحافة وتعيش حالياً في باريس، حيث أصدرت ست روايات ومسرحيتين ومجموعة قصصية، بالإضافة إلى كتاب يوميات. وشاركت في كتب جماعية باللغة الفرنسية، وتُرجمت أعمالها إلى العديد من اللغات. وكانت الجمهورية الفرنسية قد منحت هدى بركات وسامين رفيعين، ومن أعمالها الروائية: «حجر الضحك» (1990)، «أهل الهوى» (1993)، «حارث المياه» (2000)، التي فازت بجائزة نجيب محفوظ لتلك السنة، «سيدي وحبيبي» (2004). وصلت روايتها الخامسة «ملكوت هذه الأرض» (2012) إلى القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2013، وترشحت هدى بركات لجائزة الـ«مان بوكر» العالمية لعام 2015 التي كانت تمنح (آنذاك) مرة كل سنتين عن مجمل أعمال الكتاب. حيَوات هشة وبعد ترشيحها للقائمة القصيرة، قالت هدى بركات، في حوار حصري للجائزة العالمية للرواية العربية: «إن ما دفعني إلى الشكل الأخير للرواية كان نفاذ مشاهد المهاجرين الهاربين من بلدانهم إلى وساوسي. هؤلاء المشردون في الأرض، مستقلو قوارب الموت، ولا يريد العالم النظر إليهم إلا ككتلة غير مرغوب فيها أو كفيروس يهدد الحضارة، في حين رحنا نكتشف تراجع البعد الإنساني لتلك الحضارة، وتحصن القوميات بإقفال الأبواب. هذا لا يعني أني أريد للبلدان الغربية أن يشرعوا الحدود أو النظر إلى هؤلاء كملائكة. أردت فقط الإنصات إلى حيوات تهيم في صحراء هذا العالم. آمل أن تكون هذه الرواية قد أسمعت بهذا القدر أو ذاك أصوات حيوات هشة يتم إصدار الأحكام عليها دون فهمها أو استفتاء ما أوصلها إلى ما صارت إليه». اختيرت رواية «بريد الليل» من قبل لجنة التحكيم، باعتبارها أفضل عمل روائي نُشر بين يوليو 2017 ويونيو 2018، وجرى اختيارها من بين ست روايات في القائمة القصيرة لكتّاب من الأردن وسوريا والعراق ولبنان ومصر والمغرب. وتم تكريم الكتّاب الخمسة المرشحين في القائمة القصيرة في الحفل، وهم: كفى الزعبي، شهلا العجيلي، عادل عصمت، إنعام كجه جي، ومحمد المعزوز. وتلقى المرشحون جائزة تبلغ قيمتها عشرة آلاف دولار أميركي، كما تمت استضافتهم في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات بأبوظبي، قبل الإعلان عن الرواية الفائزة، حيث شاركوا في ندوة أدارتها الكاتبة والصحافية عائشة سلطان. وتضمنت لجنة التحكيم لعام 2019 كلاً من: شرف الدين ماجدولين «رئيس اللجنة»، أكاديمي وناقد مغربي مختص في الجماليات والسرديات اللفظية والبصرية والدراسات المقارنة، وفوزية أبو خالد، شاعرة وكاتبة وأكاديمية وباحثة سعودية في القضايا الاجتماعية والسياسية، وزليخة أبوريشة، شاعرة وكاتبة عمود وباحثة وناشطة في قضايا المرأة وحقوق الإنسان من الأردن، ولطيف زيتوني، أكاديمي وناقد لبناني مختص بالسرديات، وتشانغ هونغ يي، أكاديمية ومترجمة وباحثة صينية. الندوات وستشارك الكاتبة الفائزة هدى بركات في أول ظهور علني لها بعد الفوز، مع كتاب القائمة القصيرة، خلال مجموعة من الندوات تُعقد في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، 24 أبريل، في جناح صالون الملتقى، من الساعة الثانية ظهراً إلى السادسة مساءً، تعقبها جلسة حوارية للكاتبة الفائزة مع ياسين عدنان، عضو مجلس أمناء الجائزة، في الساعة السادسة في المعرض، ويتم استضافة كتاب القائمة القصيرة والكاتبة الفائزة في جناح بحر الثقافة، تحت رعاية الشيخة روضة بنت محمد بن خالد آل نهيان، في الساعة السابعة مساءً. كما يشارك كتاب القائمة القصيرة في ندوتين إضافيتين تعقدان في المعرض، يومي الخميس 25 والجمعة 26 أبريل. ويشهد هذا العام صدور الترجمات الإنجليزية لعدد من الروايات، التي وصلت إلى القائمتين الطويلة والقصيرة، منها: «مديح لنساء العائلة» لمحمود شقير (القائمة القصيرة 2016) التي ترجمها بول ستاركي وتصدرها دار انترلينك وهي متوافرة الآن، و«السبيليات» لإسماعيل فهد إسماعيل (القائمة القصيرة 2017) التي ترجمتها سوفيا فاسيلو وتصدرها دار انترلينك الشهر المقبل تحت عنوان «العجوز والنهر»، و«الفهرست» لسنان أنطون (القائمة الطويلة 2017) التي ترجمها جوناثان رايت وتصدرها مطبعة جامعة يايل في مايو، و«حارس الموتى» لجورج يرق (القائمة القصيرة 2016) التي ترجمها رالف كوهن وتصدرها دار هوبو في مايو، و«الإسكندرية في غيمة» لإبراهيم عبد المجيد (القائمة الطويلة 2014) التي ترجمتها كي هيكينن وتصدرها دار هوبو في مايو، و«الخائفون» لديمة ونّوس (القائمة القصيرة 2018) التي ترجمتها أليزابث جاكيت وتصدرها دار هارفل ساكر في يوليو. ويذكر أن دار انترلينك حصلت على الحقوق الإنجليزية لرواية «صيف مع العدو» لشهلا العجيلي المرشحة للقائمة القصيرة عام 2019 والرواية تترجم الآن. وتعتبر الجائزة العالمية للرواية العربية الجائزة الأدبية الرائدة في العالم العربي، وترعاها «مؤسسة جائزة بوكر» في لندن، وتقوم دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي بدعمها مالياً.
مشاركة :