بدت علامات الضعف والتوتر على صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة، فيما تُكافح أنشطة البحث والتنقيب من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة من أجل البقاء، وسط ضعف العوائد المالية، وفقدان الاهتمام من المستثمرين، والضغط من أجل خفض الإنفاق والعائد النقدي للمساهمين، والتعدي من الشركات الكبرى، كلها عوامل تُزيد من التحديات التي تواجهها صناعة النفط الصخري الأمريكية. وتشير هذه المخاوف إلى أن صناعة الصخر الزيتي في حالة تغير كبير؛ حيث تفوقت الشركات الكبرى على منافسيها الصغرى. وقد يؤثر ذلك على الإنتاج، على الرغم من أنه ما زال من غير الواضح إلى أي مستوى وبأي وتيرة سيتراجع. ولا تزال القيود المفروضة على خطوط الأنابيب في حوض البرميان تُكلف المستثمرين ما يصل إلى 20 دولارًا للبرميل، كما أن لها تأثيرًا كبيرًا على النفقات الرأسمالية. وتتغير هذه التكلفة شهرًا بعد الآخر، ما يجعل تقدير الإيرادات أمرًا صعبًا . تراجع الاستثمارات وأعلنت شلمبرجير أكبر شركة لخدمات حقول النفط في العالم عن تراجع أرباحها في الربع الأول من العام الجاري بسبب تباطؤ نشاط الحفر الصخري. وقال بايل كيبسجارد الرئيس التنفيذي لشركة شلمبرجير: «تراجعت إيرادات الربع الأول البالغة 7.9 مليار دولار بنسبة 4% على التوالي؛ ما يعكس الانخفاض المتوقع في نشاط النفط الصخري في أمريكا الشمالية، في حين شهدت عمليات التكسير وغيرها من أعمال الحفر تراجعًا في النشاط». ولم تعلن هاليبرتون، عملاق خدمات حقول النفط، عن أرباحها بعد، لكنها قالت في مارس الماضي إنها تتوقع أن يتراجع إنفاق منتجو النفط في أمريكا الشمالية على استثماراتهم النفطية بنحو 10% خلال العام 2019. وبشكل عام، على الرغم من استمرار أحواض النفط الصخري في الولايات المتحدة في جذب مستويات هائلة من الاستثمار، فإن معدل النمو الهائل الذي شوهد في السنوات القليلة الماضية قد يكون في نهايته. ولا يزال إنتاج النفط الأمريكي عند مستوى قياسي؛ لكن إدارة معلومات الطاقة تتوقع أن ينمو الإنتاج بوتيرة أبطأ مما توقعته في السابق. وتوقعت الإدارة، خلال أبريل الماضي، تراجع إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة في العام 2019 إلى 12.3 مليون برميل يوميًا مقابل تقديراتها السابقة البالغة 12.4 مليون برميل. وكتب بنك «ستاندرد تشارترد» الاستثماري، في تقرير بتاريخ 16 أبريل الجاري، أن إنتاج النفط الأمريكي ارتفع بنحو 282 ألف برميل يوميًا من ديسمبر إلى مارس الماضي، وأضاف: «في أبريل الجاري، تمت مراجعة الزيادة من ديسمبر إلى مارس وتعديلها إلى 42 ألف برميل في اليوم فقط. وتم تعديل إجمالي إمداد السوائل الزيتية الصخرية أيضًا بانخفاض قدره 213 ألف برميل يوميًا إلى 8.38 مليون برميل يوميًا في أبريل، بما في ذلك المراجعات الهبوطية التي تبلغ 83 ألف برميل في اليوم بالنسبة لحقل البرميان و84 ألف برميل يوميًا لحقل باكين و20 ألف برميل يوميًا لحقل إيجل فورد». تحديات الصناعة وتعاني صناعة النفط الصخري الأمريكية تحديات عدة في الوقت الحالي، بعد إنفاق مليارات الدولارات على مدى السنوات الماضية، والتي نجحت في زيادة الإنتاج الأمريكي إلى مستويات قياسية. ولا تزال العديد من الشركات الصخرية غير جيدة من حيث الأداء المالي. نتيجة لذلك، دخلت صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة إلى منطقة انحراف مع احتمال التعديل النزولي لتوقعات نمو الإنتاج الحالية. وفي الوقت الذي تبحث فيه الصناعة عن القيادة على المستوى العالمي، تواجه الصناعة عدة عقبات في سبيل البقاء، يأتي في مقدمتها: ارتفاع تكلفة رأس المال، وانخفاض القدرة على الاقتراض، ورغبة المستثمرين في الحصول عن عوائد متزايدة بشكل أسرع، وهو ما يُشير إلى أن مستويات الاستثمار في المستقبل ستحددها السيولة النقدية الحكومية مع عزوف مُستثمري القطاع الخاص عن ضخ مزيد من الأموال في الصناعة الصخرية. وهناك تحدٍ آخر يواجهه حفارو تكساس، وبدأ في الظهور؛ وهو الكميات الهائلة من الزيت الخفيف في تكساس التي تفوق قدرة المنطقة على التعامل معها. وأجبر نقص سعة خطوط الأنابيب على تخفيضات كبيرة في السنوات الأخيرة؛ لكن المنتجين يضطرون الآن إلى خصم مزيد من نفطهم لأن المصافي لا يمكنها التعامل مع هذه الإمدادات الوفيرة من النفط الخفيف. ونظرًا لأن معظم طاقة تكرير ساحل الخليج مجهزة للتعامل مع النفط المتوسط والثقيل- وهي مزيجات نادرة بسبب الانقطاعات والانخفاضات في المكسيك وفنزويلا وإيران والقيود في كندا- فهي تواجه مشكلة في معالجة الكثير من النفط الخفيف. عقبات التصدير وتتسبب الشبكة المعقدة لخطوط الأنابيب ومحطات التصدير الأمريكية- التي ساعدت في جعل أمريكا من أكبر منتجي النفط في العالم- في حدوث قلق لبعض المشترين للخام. فمع مرور أنواع مختلفة من النفط الخام عبر سلسلة التوريد من الحقول الصخرية الداخلية الممتدة من ولاية تكساس إلى ولاية داكوتا الشمالية، هناك مخاطرة كبيرة بتجميع الشوائب قبل الوصول إلى آسيا، أكبر منطقة مستهلكة للنفط في العالم. وعلى وجه التحديد، تشعر مصافي التكرير بالقلق من وجود فئة من المركبات الكيميائية، والتي يمكن أن تؤثر على جودة ونوع الوقود الذي ينتجونه. وبالفعل رفض اثنان من مصافي التكرير في كوريا الجنوبية- أكبر مشترٍ للإمدادات المحمولة بالبحر في الولايات المتحدة- البضائع في الأشهر الأخيرة بسبب التلوث الذي يجعل المعالجة صعبة. وعلى الرغم من أن النفط الخام يمر عبر سلسلة مماثلة من الأنابيب في الشرق الأوسط أيضًا، إلا أن خطر الشوائب أقل لأن كل نوع من أنواع النفط له بنية تحتية خاصة به. كما رفضا شحناتهما المشتراة من خام Eagle Ford التي كان من المقرر أن تصل في يناير وفبراير الماضيين بسبب مشكلات الجودة. وبالرغم من عدم تلوث جميع شحنات النفط من حقل Eagle Ford الضخم في جنوب تكساس، إلا أن مسؤولين من SK وHanwha وHyundai والمنافس المحلي GS Caltex يقولون إنهم سوف يراقبون عن كثب مشكلات الجودة بما في ذلك وجود الأكسجين قبل التسليم. وقالوا إن شحنات النفط الخام الذي يتم ضخه في خليج المكسيك - والذي يمر عبر سلسلة إمداد أكثر مباشرة- لها خصائص ثابتة. وقال سيباستيان باريلر، نائب الرئيس الأول في هانوا توتال للبتروكيماويات في كوريا الجنوبية، إنه في حالة المكثفات الأمريكية، وهو نوع من الزيت الخفيف الذي يتم ضخه في الحقول الصخرية، يمكن أن تحصل الشحنات على ملوثات مثل «الأكسجين والمعادن ومواد التنظيف». وأشار إلى أن هذا يسبب حالة من عدم اليقين حول جودة النفط في الولايات المتحدة، على عكس المشتريات من الشرق الأوسط؛ حيث جودة الإنتاج.
مشاركة :