أكدت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومسؤولي إدارته أن واشنطن مستعدة لمعاقبة كل من يقدم على انتهاك عقوباتها المتعلقة بصادرات النفط الإيراني. وأجمع الخبراء على أن السوق أصبحت في وضع ملائم للاستغناء عن الإمدادات الإيرانية. واشنطن - دخلت حملة تشديد عقوبات الولايات المتحدة على إيران مرحلة جديدة يمكن أن تقوض جميع مظاهر الحياة الاقتصادية بإعلان واشنطن عن إلغاء كافة الإعفاءات التي منحتها لثماني دول في نوفمبر الماضي. ويختزل بيان البيت الأبيض عزم الرئيس دونالد ترامب على فرض “أقصى الضغوط” للتأكد من أن “صادرات النفط الإيراني ستصبح صفرا” وبالتالي “حرمان النظام من مصدر دخله الأساسي”. واعتبارا من الثاني من مايو بات على الدول الثماني وهي الصين والهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وإيطاليا واليونان التوقف تماما عن شراء نفط إيراني. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بلهجة تحذيرية “في حال لم تتقيدوا فسوف تكون هناك عقوبات… نحن عازمون على تطبيق هذه العقوبات”. ولن تكون هذه العملية سهلة على الصين التي تجري حاليا مفاوضات تجارية حساسة مع واشنطن، ولا على الهند التي تستورد 10 بالمئة من حاجاتها النفطية من إيران، مع العلم بأنها حليف استراتيجي للولايات المتحدة وثالث مستورد للنفط في العالم. لكن محللين يقولون إن البلدين قطعا شوطا طويلا لترتيب البدائل من خلال تطوير علاقاتهما مع أكبر الموردين وخاصة السعودية. ورغم الاعتراض الدبلوماسي الذي صدر عن بكين، إلا أنها تبدو مستعدة للتخلي عن إمدادات إيران في سبيل دعم فرص التوصل لاتفاق تجاري وشيك مع واشنطن، حيث قلصت شركات حكومية مشترياتها بالفعل منذ عدة أشهر. ويرى محللون أن شركات النفط الهندية والصينية لديها مصالح كبيرة في الولايات المتحدة وأنها تغامر بالتضحية بتلك المصالح في ظل وفرة المصادر الأخرى من الإمدادات. ويظهر ذلك واضحا في تصريح وزير النفط والغاز الطبيعي الهندي دارمندرا برادان الذي قال أمس إن الهند ستحصل على مزيد من الإمدادات من دول أخرى من كبار منتجي النفط لتعويض فقد النفط الإيراني. أما وزير التجارة والصناعة الياباني هيروشيجي سيكو فقد أكد أمس أن طوكيو تتوقع أثرا محدودا لقرار الولايات المتحدة عدم تجديد الإعفاءات التي منحتها في السابق من عقوبات استيراد نفط إيران. وقلصت اليابان، رابع أكبر مستهلك للنفط في العالم، اعتمادها على إمدادات الخام الإيراني. وقال سيكو إن نفط إيران لا يشكل سوى نحو 3 بالمئة من مشتريات اليابان. ولم تستخدم اليونان وإيطاليا الإعفاءات الأميركية طوال الأشهر الخمسة الماضية، في وقت تبدو فيه كوريا الجنوبية واليابان وتايوان مستعدة للتوقف فورا عن شراء النفط الإيراني رغم بعض الحراك الدبلوماسي. أما تركيا فيمكن أن تصدر عنها بعض الاحتجاجات، لكنها قد تجد نفسها مجبرة على التوقف بعد إدراكها للثمن الباهظ الذي يمكن أن تؤدي إليه الخلافات مع واشنطن. وأكملت واشنطن فرض العقوبات في نوفمبر بعد انسحابها من الاتفاق النووي. ويعتبر منع شراء النفط أهم بنود العقوبات التي أرادتها أن تكون “الأقسى في التاريخ”. وأعلن البيت الأبيض يوم الاثنين أن “الولايات المتحدة والسعودية والإمارات وهي من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم… ستلتزم العمل بما يتيح بقاء الأسواق النفطية العالمية مزودة بما يكفي من كميات” من النفط. ووعد ترامب في تغريدة على تويتر بأن تعمل الرياض مع دول أخرى من منظمة أوبك “على القيام بما هو أكثر من تعويض” النقص في النفط المعروض للبيع لدى وقف شراء النفط من إيران. وسرعان ما أكدت السعودية استعدادها للعمل على بقاء السوق النفطية مستقرة، مع العلم أن سعر برميل النفط سجل ارتفاعا فور تسرب معلومات عن وقف الإعفاءات واستقر مزيج برنت أمس عند نحو 74 دولارا للبرميل. وأعلنت وكالة “أس أند بي غلوبال بلاتس” المتخصصة بالنفط أن إيران صدرت ما معدله 1.7 مليون برميل يوميا خلال شهر مارس بينها 628 ألفا إلى الصين وأكثر من 357 ألفا الى الهند. ومن المتوقع أن تستفيد شركات النفط الأميركية من خطوة ترامب بتضييق الخناق على صادرات النفط الإيراني، بعد أن ارتفعت صادرات النفط الأميركي بنسبة 350 بالمئة خلال العامين الماضيين. وتعتبر واشنطن أن الهدف من تكثيف الضغوط على طهران هو وضع حد “للنشاطات المزعزعة للاستقرار” التي تقوم بها في الشرق الأوسط، وخصوصا في لبنان واليمن وسوريا. وكشفت التصريحات المتباينة الصادرة عن طهران حجم الصدمة التي تعرضت لها، حيث أكدت وزارة النفط أن طهران مستعدة لأي قرار أميركي بإنهاء الإعفاءات الممنوحة لمشتري الخام الإيراني. وقال وزير النفط الإيراني بيجان زنغنه إن الولايات المتحدة ترتكب خطأ سيئا بتسييس النفط واستخدامه كسلاح في ظل الحالة الهشة في أسواق النفط العالمية. لكن وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية نقلت عن الجنرال علي رضا تنكسيري تهديده بإغلاق مضيق هرمز. وقال المسؤول العسكري إنه “ممر بحري وفقا للقانون الدولي وإذا مُنعنا من استخدامه فسوف نغلقه”.
مشاركة :