تعتزم أنغيلا ميركل البقاء في منصبها حتى تنتهي ولايتها عام 2021. ولكن خلف الكواليس، يتم على ما يبدو وضع سيناريو لتولي أنغريت كرامب-كارنباور منصب المستشارة خلفا لها. بعد أربعة عشر عامًا في السلطة، باتت أنغيلا ميركل في المرحلة الأخيرة من حقبتها. في هذا الإطار تنازلت المستشارة بالفعل عن الترشح لمنصب رئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي. وقد تولت أنغريت كرامب-كارنباور رئاسة الحزب خلفا لها، ومن الواضح أن ميركل تحب أن تراها المستشارة الألمانية القادمة. لكن كيف ومتى يمكن أن يحدث هذا؟ أسئلة يشتد حولها الجدل حاليا في برلين على ضوء غياب المستشارة بشكل شبه كامل عن حملة حزبها لانتخابات البرلمان الأوروبي القادمة. يبدو أن ميركل اتخذت قرارًا عقلانيًا بعدم التدخل في الشؤون السياسية لخليفتها كرامب- كارينباور. وهي تريد بذلك أن تعطيها مساحة لوضع جدول أعمالها الخاص وبناء مكانتها السياسية. محافظة أكثر من ميركل أنغريت كرامب-كارنباور المعروفة باسم (أ ك ك)تملك مجموعة من الأهداف السياسية الخاصة بها، وتحرص على اعادة توجيه الحزب المسيحي الديمقراطي، لكن بدون إجراء إصلاحات عميقة فيه، غير أنها محافظة أكثر من ميركل في مسائل عدة مثل الهجرة، وزواج المثليين والاندماج داخل الاتحاد الأوروبي. وقد رحب الجناح المحافظ بصعود كرامب- كارنباور الى الواجهة، بمن فيهم فريدريش ميرز، الذي أطلق محاولة فاشلة لقيادة الحزب في الخريف الماضي، الا انه يعمل جنبا الى جنب مع كرامب ويبدو أنهم على وفاق معها الان. وقد قام ميرتس قام بحملة مع كرامب من أجل انتخابات البرلمان الأوربي، كما أبدى رغبة صريحة في تولي احدى الحقائب الوزارية في حكومة تزعمها كرامب- كارنباور كمستشارة في المستقبل. الاشتراكيون يرفضون كرامب -كارنباور من الناحية الرسمية ، تريد ميركل أن تبقى في السلطة إلى أن تنتهي ولايتها في عام 2021. ولكن خلف الكواليس يتم النظر في كافة السيناريوهات المطروحة من أجل مساعدة كرامب-كارينباور على تولي المستشارية. تقليديًا في ألمانيا يظل المستشار في السلطة حتى انتهاء ولايته. وليس من السهولة بمكان أيضا تغيير هذا التقليد. يتم انتخاب المستشار من قبل البرلمان الألماني/ بوندستاغ. على أرض الواقع يحظى الائتلاف الحكومي الحالي في برلين بأغلبية برلمانية تمثل نواب الأحزاب المتحالفة وهي الحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه البافاري، أي الحزب المسيحي الاجتماعي إلى جانب الحزب الاشتراكي الديمقراطي. غير أن الأخير أعلن بأنه لن يدعم كرامب-كارينباور لخلافة ميركل. وهم يريدون بذلك منع استقالتها قبل انتهاء مدتها واستبدالها بكرامب كارينباور. ويعود السبب في ذلك إلى أن الأخيرة يمكنها الاستفادة من تولي منصب المستشار لكسب شعبية تعطيها ميزات على حساب منافسيها في الانتخابات العامة القادمة عام 2021. لا مستقبل للائتلاف الكبير من خلال رفضه لتأييد كرامب- كارنباور يخاطر الحزب الاشتراكي الديمقراطي بإجراء انتخابات مبكرة. وفي الحزب لا يوجد من يؤيد ذلك. فمنذ سنة ما تزال شعبية الحزب على حالها حسب الاستطلاعات. ومنذ أشهر لا يحظى الحزب بأكثر من 17 بالمائة من الأصوات حسب هذه الاستطلاعات. وهي نسبة أقل بثلاث نقاط من نظيرتها في الانتخابات الأخيرة. لكن استطلاعات الرأي تشير أيضا إلى أن الحزب المسيحي سيواجه خسائر مماثلة في انتخابات مبكرة. ومما يعنيه ذلك أن التحالف الحالي لن يكون بإمكانه تشكيل الحكومة القادمة لفقدانه الأغلبية البرلمانية إذا صدقت التوقعات. بدلاً من ذلك ، يمكن أن تحاول كرامب-كارنباور، إقامة تحالف ثلاثي مع الديمقراطيين الأحرار والخضر/ أي ما يسمى تحالف جامايكا. وقد شهدت ألمانيا بعد الانتخابات العامة الماضية عام 2017 محاولة لإقامة مثل هذا التحالف. غير أنها فشلت بعد أسبوعين من التفاوض على حكومة ائتلاف بسبب انسحاب الحزب الديمقراطي الحر من المحادثات. لكن الآن وبعد مرور عامين على ذلك، ربما يكون الخضر مترددين في التعاون مع الحزب المسيحي الديمقراطي. ويدعم هذا الرأي أن معدلات تأييد حزب البيئة هذا تشهد ارتفاعا ملحوظا، إذ تشير آخر استطلاعات الرأي إلى أنه قد يفوز بنحو 20 في المئة من الأصوات في الانتخابات القادمة مقابل 9 بالمائة في الانتخابات الأخيرة. وعليه من المرجح أن يكون الخضر متحمسين لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة. الحكم النهائي قبل رأس السنة قد يكون الاشتراكيون الديمقراطيون هم الذين يحددون مدة بقاء ميركل في السلطة. تنص اتفاقية الائتلاف على أن جميع الأطراف المعنية ستقيّم تجربة الائتلاف بعد مرور نصف المدة المقررة له. وبعد ذلك تقرر ما إذا كانت ستستمر في الحكومة أم لا. وقد اختار الحزب الاشتراكي الديمقراطي مؤتمره الاتحادي الذي سيُعقد في كانون الاول/ ديسمبر القادم للنظر في ذلك. يرتبط المزاج الذي سيسود خلال المؤتمر حول ذلك بالأصوات التي سيحصل عليها الحزب في انتخابات هذه السنة. بالإضافة إلى انتخابات البرلمان الأوروبي في 26 أيار/ مايو، تشهد مدينة بريمن انتخاباتها المحلية في نفس اليوم. كما ستجري انتخابات مجالس المقاطعات والبلديات ومجالس المقاطعات في تسع ولايات ألمانية أخرى. وفي 1 أيلول/ سبتمبر ستجري الانتخابات البرلمانية المحلية في ولايتي براندنبورغ وساكسونيا. وستحذو ولاية تورنجن حذوهما في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2019. كرامب- كارنباور في عام 2020؟ إذا حصل الحزب الاشتراكي الديمقراطي في هذه الانتخابات على نتائج سيئة، فإن ذلك سيقوي موقع أعضاء الحزب الكثر الذين عارضوا الانضمام إلى التحالف الحكومي. وإذا حصل معسكر هؤلاء على الدعم الكافي والأغلبية، فسيكون بإمكانهم فرض تصويت للانسحاب من الائتلاف. ومن شأن ذلك أن ينقل الحزب إلى صفوف المعارضة. وهذا بدوره سيضع نهاية لحقبة المستشارة ميركل. من الناحية النظرية يمكنها تجديد محاولة تشكيل ائتلاف مع حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر. غير أنه من غير المرجح قيامها بذلك. وعليه يمكن أن تجد كرامب- كارنباور نفسها في مكتب ميركل بحلول عام 2020. سابينه كنكارتس- ح.ش
مشاركة :