اكدت الكويت أهمية وحدة مجلس الأمن بشكل خاص والمجتمع الدولي بشكل عام في التعامل مع قضايا العنف الجنسي خلال النزاعات. جاء ذلك في كلمة الكويت في جلسة مجلس الأمن حول العنف الجنسي خلال النزاعات التي القاها مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي مساء أمس الثلاثاء. وقال العتيبي "لا شك بأن مبادئنا واحدة من حيث إدانة واستنكار كافة أشكال العنف الجنسي وخاصة تلك المرتكبة خلال النزاعات ومن هذا المنطلق يجب أن تكون رسالة المجتمع الدولي موحدة والسعي مشترك من أجل الحد وإنهاء العنف الجنسي خلال النزاعات وتحقيق العدالة للضحايا وبما يحترم الخصائص والاجتماعية والثقافية لكافة الدول الأعضاء". واضاف ان مجلس الأمن اقر منذ أكثر من عشر سنوات في القرار رقم 1820 بأن العنف الجنسي خلال النزاعات يهدد السلم والأمن الدوليين ويتطلب استجابة دولية جاده "الا أنه وللأسف ومنذ ذلك الحين يشهد العالم استمرار وتصاعد لحالات هذه الجرائم البشعة". واشار الى ان "تلك الجرائم تستخدم في الكثير من الأحيان كأداة ترهيب وكتكتيك حرب لاستهداف مجتمعات محددة وفق انتماءاتهم الأثنية أو الدينية أو السياسية بهدف تهجيرها قسريا والاستيلاء على ممتلكاتها". وأشار العتيبي إلى ما تعرضت له أقلية الروهينغيا في ماينمار وما نتج عنه من تهجير لهذه الأقلية قسريا موضحا "فالتهجير بحد ذاته يجعل المهاجرين والمشردين وخاصة النساء والفتيات منهم أكثر هشاشة وعرضة للسقوط كضحايا للاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر والعنف الجنسي المتصل بالنزاعات". وأضاف ان "جرائم العنف الجنسي تشكل في بعض بؤر الصراع أحد عناصر الاقتصاد السياسي والإرهابي بالنسبة للجماعات المتطرفة العنيفة مثل ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي". ولفت الى ان أحد أهم السبل الكفيلة بالحد من استمرار وتصاعد العنف الجنسي خلال النزاعات تكون "من خلال ضمان مساءلة مرتكبي تلك الجرائم وإنهاء إفلاتهم من العقاب وفق القوانين المحلية والدولية". وبين العتيبي ان مجلس الأمن قد وضع إطار معاييري متينا للتصدي للعنف الجنسي خلال النزاعات وضمان المساءلة لمرتكبي تلك الجرائم التي باتت تشكل أداة حرب ممنهجة ترقى لتكون جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وأشار الى ان من أهم أدوات مجلس الأمن لمكافحة العنف الجنسي خلال النزاعات "تضمين نظم الجزاءات لمعايير خاصة بالعنف الجنسي في إطار الولاية الممنوحة لها ووفق ضوابط ومعايير محددة لإرسال رسالة واضحة مفادها بأن هذه الجرائم تشكل أولوية بالنسبة لمجلس الأمن". وأضاف العتيبي ان المجلس له دور محوري في التصدي لجرائم العنف الجنسي من خلال تعزيز ولايات بعثات حفظ السلام وبعثات الأمم المتحدة السياسية لتشمل تمكين المرأة في حالات النزاع وما بعد انتهاء النزاع والمساءلة عن جرائم العنف الجنسي والتنبيه علي الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. واشار الى ان تحقيق العدالة للناجين يعد جزءا لا يتجزأ من تحقيق السلام المستدام مضيفا "فالعنف الجنسي يخل بالصحة النفسية والجسدية للضحية وله آثار تراكمية على المجتمعات وعلى مر الأجيال وتبعاته تقوض من ادامة السلام". واضاف العتيبي "انه بغياب المساءلة والمحاسبة ستمتد النزاعات لفترة أطول ولن يعود النازحون واللاجئون إلى موطنهم ومناطقهم الأصلية بصورة آمنة وطوعية وكريمة". وتابع "مثلما تتعدد أشكال العنف الجنسي خلال النزاعات تتعدد كذلك وسائل تحقيق العدالة بكافة ابعادها سواء كانت عبر استجابة لمعالجة الآثار الصحية والنفسية والجسدية والاقتصادية والاجتماعية للضحايا على المدى القصير والطويل او التعامل مع الناجين باعتبارهم وأطفالهم ضحايا أولا واتباع نهج محوره الضحية وفق ثقافاتهم وقيمهم وخصائصهم الاجتماعية والثقافية". واكد العتيبي أهمية تعزيز القدرات الوطنية لدى الدول الأعضاء للتعامل مع مثل هذه الحالات وتمكين الناجين من الحصول على التعويضات والعدالة وبما يحترم ثقافتهم ويراعي صحتهم النفسية والجسدية والاجتماعية لتكون آلية الحصول على العدالة مستدامة وقابلة للتطبيق. كما أكد أنه "تقع على عاتق الدول المسؤولية الأولى في توفير الحماية للمدنيين خلال النزاعات وتمكين الضحايا من الوصول للعدالة وضمان مساءلة مرتكبي جرائم العنف الجنسي وبأهمية التعاون الإقليمي ودون الإقليمي لبناء قدرات الدول بهذا الشأن". واشاد العتيبي بدور الممثلة الخاصة المعنية بالعنف الجنسي خلال النزاعات حيث يصادف هذا العام مرور عقد منذ إنشاء ولايتها وفق قرار مجلس الأمن 1899 معربا عن دعمه لدورها في إطار ولايتها في التعامل مع أطراف النزاع وتبادل أفضل الممارسات بشكل يعزز الأنظمة الأمنية والقضائية الوطنية لتحقيق العدالة للناجين والمساءلة للجناة. ورحب بالخطوات الجادة المتخذة من قبل الأمين العام لتنفيذ سياسة عدم التسامح مع الاستغلال والانتهاك الجنسيين مضيفا "فالتزام الأمم المتحدة بمحاسبة نفسها أولا في التعامل مع جرائم الاستغلال والاعتداء الجنسيين يعزز من مصداقيتها ويخدم الجهود المبذولة والواسعة النطاق للقضاء على العنف الجنسي خلال النزاعات.
مشاركة :