تحوّلت احتفالية بإحياء ذكرى صدور “فتوى الجهاد الكفائي” التي أصدرها المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني وأنشئ بموجبها الحشد الشعبي سنة 2014 بهدف وقف زحف تنظيم داعش على مناطق البلاد، إلى مناسبة لكبار قادة الحشد للإسهاب في الثناء على “الدور الإيراني في مواجهة التنظيم”، في عملية بدت أشبه بتجديد الولاء لطهران وطمأنتها بالوقوف إلى جانبها بوجه الضغوط الأميركية الشديدة عليها، وذلك في وقت بدأت فيه الأصوات ترتفع في الداخل العراقي، مطالبة بتحييد البلد عن الصراع الإيراني الأميركي حماية لمصالحه. وقال هادي العامري، زعيم ميليشيا بدر، أحد أقوى فصائل الحشد وأكثرها ارتباطا بإيران، إن الأخيرة “قدمت ما لديها للدفاع عن العراق ومقدساته”. ولم يهمل العامري الذي يتزّعم أيضا تحالف الفتح الذراع السياسية للحشد، في كلمة له أدلى بها الأربعاء، خلال الذكرى السنوية لفتوى الجهاد الكفائي الثناء على ما سماه “دور حزب الله اللبناني في مساندة القوات الأمنية العراقية خلال الحرب ضد تنظيم داعش”. ومن جانبه قال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس في ذات المناسبة إنّه “لولا الجمهورية الإسلامية الإيرانية لما كان لدى العراق سلاح خلال الحرب ضد تنظيم داعش”وأشار المهندس الذي يسعى للحصول على منصب وزير الداخلية العراقية، في ظلّ معارضة شديدة له من قوى متعدّدة على رأسها التيار الصدري إلى أن “السلاح الإيراني كان له دور فاعل في انتصار القوات الأمنية العراقية على داعش”، قائلا إنّ ذلك السلاح “كان يصل إلى العراق خلال ساعات قليلة.. وإنّ إيران قدمت الدعم لجميع طوائف الشعب العراقي خلال حقبة داعش”. كما حرص على الإشارة على غرار هادي العامري إلى أن “حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني كان لهما دور كبير في تحقيق النصر على داعش الإرهابي في العراق”. وتعوّل إيران كثيرا على قادة الميليشيات الشيعية في الحفاظ على نفوذها في العراق والضغط على سلطاته لتوجيه سياساته الوجهة المناسبة لمصالحها. وازدادت الحاجة الإيرانية إلى هؤلاء في الوقت الحالي الذي تتعرّض فيه طهران لضغوط غير مسبوقة من قبل واشنطن، حيث تأمل في استخدامهم للضغط على حكومة عادل عبدالمهدي لعدم الانصياع للمطالب الأميركية بالانخراط في تطبيق العقوبات. ويرى عراقيون ضرورة أن ينأى بلدهم بنفسه عن صراعات إيران ضدّ خصومها وأعدائها لتجنيب البلد تحمّل تبعات تلك الصراعات. وإضافة إلى العقوبات التي تريد الولايات المتحدة الوصول بها إلى حرمان النظام الإيراني بشكل كامل من عوائد النفط، أقدمت واشنطن مؤخّرا على تصنيف الحرس الثوري الإيراني تنظيما إرهابيا، وهو إجراء يهمّ بشكل مباشر عدّة فصائل شيعية عراقية مسلّحة ذات ارتباط وثيق بالحرس وقياداته ومن أبرزها قاسم سليماني قائد فيلق القدس. وبدأت بعض تلك الفصائل تستشعر خطر شمولها بما ستتخذه الولايات المتحدة ضدّ الحرس الثوري الإيراني من إجراءات، خصوصا بعد “الهجوم” الذي شنّه مؤخرا جوي هود القائم بأعمال السفارة الأميركية في بغداد على الميليشيات واصفا إياها بغير الشرعية ومنتقدا سيطرتها على المناطق المستعادة من تنظيم داعش، وموجّها لها الاتهام بمنع تطبيع الحياة في تلك المناطق وتعطيل إعادة الاستقرار إليها. وقال المتحدث باسم ميليشيا حركة النجباء هاشم الموسوي، إنّ الحركة ليست تابعة لإيران، غير أنّه استدرك معلقا لقناة روسيا اليوم على عقوبات واشنطن على طهران بالقول “الحركة ضد تجويع أي شعب في العالم، فكيف إذا كان هذا الشعب تربطنا معه علاقات تاريخية ومواقف إنسانية إيجابية”، مبيّنا أن “إيران لم تتركنا في وقت الشدة، لذا لن نتخلى عنها في الشدة”.
مشاركة :