يشارك في المسلسل الخليجي “25 دقيقة” الذي يعرض حاليا على تلفزيون أبوظبي عدد من نجوم الكويت والخليج العربي بينهم النجم السعودي إبراهيم الحربي والفنانة الإماراتية هدى الخطيب والفنانة البحرينية شيلاء سبت، ونجوم الكويت هند البلوشي وعبدالله بوشهري وأحمد السلمان ونور الغندور وسعود بوشهري. والمسلسل الذي يُخرجه الأردني سائد بشير الهواري عن سيناريو للكاتبة البحرينية سحاب، بدأت حلقاته الأولى غامضة أو ملتبسة، إذ تضمنت الأحداث العديد من الإشارات الدالة على أحداث ووقائع ماضية كان لها تأثير كبير على أحداث الحاضر من دون الكشف عن طبيعة هذه الأحداث والوقائع بشكل كامل في البداية، كنوع من التشويق والحفاظ على اهتمام المشاهد. ويطالعنا العمل في الحلقة الأولى بلقطات “فلاش باك” تعود إلى ثمانينات القرن الماضي لأسرة صقر (إبراهيم الحربي)، مشاهد متعددة للأب مع طفلته التي تصبح مع الوقت شابة تحلم بالعمل في مجال الطيران. وسرعان ما ننتقل إلى الوقت الحاضر حيث نرى الطفلة هايدي (هند البلوشي) باسم مختلف هو “إيزابيل”، تجتر ذكرياتها مع الطيران بكل أسى بعد أن تركت العمل فيه إثر حادث أليم أودى بحياة جدتها التي تحبها. يحاول المحيطون بإيزابيل أو هايدي إخراجها من الحالة النفسية التي تعيشها عن طريق إقناعها بالعودة إلى العمل مرة أخرى وتجاوز أحزانها، وبالفعل تعود هايدي إلى العمل من جديد، ويظهر هنا زميلها القريب منها علي (سعود بوشهري) الذي يدعمها بقوة في سبيل تأقلمها مع أجواء العمل من جديد. على صعيد آخر، تتوطد علاقة هايدي بجارها آدم (عبدالله بوشهري) حيث يتفقان على الزواج، وبالفعل يتم الزواج وتمضي حياتهما سعيدة لا ينغصها سوى غيرة الزوج من زميلها علي، وتدخل على خط الأحداث أيضا شخصية فائقة، وهي امرأة غامضة تحوم باستمرار حول بيت الأسرة من دون سبب واضح، وتلعب دورها الفنانة أمل محمد. ترتبط أسرة صقر بأسرة سليمان والد آدم، ويتشارك كل من صقر وسليمان (عبدالله السلمان) الولع بمتابعة لعبة كرة القدم، تنتهي الحلقات العشر الأولى بحادث صادم لكلا الأسرتين، حيث يُقتل الأب صقر على يد مجهول، وتحوم الشبهات حول المرأة الغامضة فائقة، لكن سرعان ما تتكشّف الأحداث في ما بعد عن مفاجأة صادمة للجميع حين يتم الكشف عن القاتل الحقيقي وهو سليمان. تتعقد الأمور وتتوتر العلاقة بالطبع بين الأسرتين وتتهدد علاقة الزواج بين آدم ابن القاتل وزوجته هايدي ابنة القتيل، أحداث معقدة ومفاجآت كثيرة تظهر خلال الحلقات الأولى من المسلسل تدفعنا إلى التكهن بالمزيد من المفاجآت، خاصة حين نعلم أن السيدة الغامضة التي تحوم حول البيت هي والدة هايدي الفعلية. يمكن هنا بعد أن اتضحت المعالم الرئيسية للحبكة الدرامية أن نستعرض نقاطا يجب الوقوف عندها، بعض هذه النقاط متعلق بالحبكة، والبعض الآخر له علاقة بالعمل على التفاصيل، والتي غالبا ما يتم إهمالها في الكثير من الأعمال الدرامية.وفي هذا المسلسل يأتي حادث الطائرة على سبيل المثال من بين الأحداث المحورية في العمل، ويظهر المشهد الافتتاحي الذي وُظفت فيه الخدع الغرافيكية على نحو مقبول، حيث تظهر المشاهد الأولى جانبا من تفاصيل الحادث المروع، بما فيه مشهد سقوط الطائرة من ارتفاع شاهق، إذ تشتعل النيران في الطائرة فوق السحاب وتسقط في البحر، غير أن المعجزة هنا تتمثل في نجاة قائدي الطائرة وخروجهما سالمين دون تفسير مقنع، وهو أمر يعد من باب الخوارق والنوادر العجيبة بلا شك، ومن شأنه أن يضع المسلسل ضمن تصنيف أعمال الخيال العلمي أو الأعمال الخارقة للطبيعة. ومن بين الأحداث الرئيسية أيضا يأتي حادث مقتل الأب صقر على يد جاره، وسط دهشة الجميع، فالجاران هما صديقان تجمعهما علاقة نسب، كما أنهما شخصان ودودان ويتمتعان بالسمعة الحسنة، وليس من المنطقي أن يقتل أحدهما الآخر بسبب خلاف حول مباراة كرة قدم، وكأننا أمام مراهقين متعصبين. ونحن هنا أمام جريمة تفتقر إلى تبرير مقبول، ولا تشفع هنا الرغبة في التطرق إلى مسألة التعصب الكروي مثلا لتجاوز هذا الاستسهال، فالأمر برمته بدا ساذجا ولا ينطلي على عقل طفل صغير، وحتى تفاصيل الحادثة اعتمدت على حبكة واهية، فالرجل حين طعن صديقه “خطأً”! كما يوحي تلجمه الفجئي وتمنعه عن إسعاف صديقه أو حتى طلب المساعدة من أحد، وفضل الهرب ليترك صديقه الحميم ينزف حتى الموت. لا تقتصر هذه الملاحظات على الأحداث المحورية في المسلسل، إذ تطالعنا خلال الحلقات مجموعة أخرى من التفاصيل التي تفتقر إلى الحبكة أو يتسم بعضها بالتصنع والمبالغة في الأداء، فحين يستدعي المحققون الأم للتعرف على المشتبه بها فائقة في المخفر، تنفي عنها التهمة على الفور وتجزم بأنها من المستحيل أن تكون هي الفاعلة، ولا ندري في حقيقة الأمر من أين جاءت الأم وزوجة الضحية بهذه الاستحالة؟ وقد كانت بين المشتبه بها وبين الزوج أحداث ووقائع حادة وعنيفة في السابق، وهي مبررات كافية ومن شأنها أن تدفع الأم إلى التريّث قليلا في حكمها أو نفيها للتهمة عن تلك السيدة الغامضة. مشاهد مثل هذه وغيرها من شأنها أن تضعف سياق العمل ككل، فالاهتمام بالتفاصيل ومراعاة الحد الأدنى من الحبكة والمنطق السليم في صوغ الأحداث هي أمور محورية وهامة في أي عمل، إلاّ إذا كان الهدف من صناعته مجرد حشو فراغ الفضائيات فقط، وهو أمر ينطوي في الحقيقة على استهانة بعقول المشاهدين.
مشاركة :