أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان الأربعاء، أن الموازنة العامة للسعودية حققت فائضا بنحو 27.8 بالمئة (7.4 مليارات دولار) في الربع الأول من العام الحالي، وهو أول فائض في الموازنة منذ عام 2014. وكشف أن هناك قفزة كبيرة في جميع الإيرادات حيث ارتفعت الإيرادات النفطية بنسبة 48 بالمئة في الربع الأول من 2019 لتصل إلى نحو 45.1 مليار دولار، في وقت ارتفعت فيه الإيرادات غير النفطية بنسبة 46 بالمئة لتصل إلى 20.3 مليار دولار. وجاء الإعلان خلال مشاركة الوزير في أعمال الدورة الأولى لمؤتمر القطاع المالي المنعقد في العاصمة السعودية والذي انطلق أمس بحضور وزراء ومسؤولين وكبار التنفيذيين في البنوك والمؤسسات المالية السعودية والإقليمية والعالمية.وقال وكيل وزارة المالية السعودية للتواصل والإعلام يعرب الثنيان، إن الهدف من المؤتمر هو العمل على “برنامج تطوير القطاع المالي” وهو أحد برامج رؤية السعودية 2030. وسجلت موازنة السعودية مستويات عجز قياسية في الأعوام الماضية نتيجة تراجع أسعار النفط العالمية منذ منتصف عام 2014 حين كانت تبلغ نحو 112 دولارا للبرميل. وتحسّنت أسعار النفط في الربع الأول من العام الحالي على أساس فصلي وسنوي بلغ في المتوسط نحو 65 دولارا للبرميل، مدفوعة باتفاق لخفض إنتاج النفط الخام بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، بدأ تنفيذه مطلع يناير ويستمر لمدة 6 شهور. لكن عودة الموازنة إلى تسجيل الفائض تعود أيضا إلى إجراءات وإصلاحات واسعة تضمنت خفض الدعم الحكومي للوقود والكهرباء والمياه وترشيد الإنفاق، إضافة إلى فرض العديد من الضرائب والرسوم. ومن المتوقع أن يسمح الفائض للحكومة السعودية بتخفيف إجراءات التقشف وزيادة الإنفاق على المشاريع الاستثمارية في ظل ترجيح التقديرات العالمية لبقاء أسعار النفط قرب مستوياتها الحالية. وقد اتضح ذلك في إعلان وزير المالية السعودي عن إطلاق حزمة تحفيزية للقطاع الخاص بقيمة 12.5 مليار ريال (3.3 مليار دولار) وأكد أنه تم بالفعل ضخ ملياري ريال منها وأن العملية مازالت مستمرة. وقال الجدعان، خلال جلسة حوار أمس في إطار “مؤتمر القطاع المالي”، إن الهدف من تلك الحوافز هو دعم نمو القطاع الخاص وذلك من خلال تعزيز نشاط المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وذكر أن الحكومة السعودية تعمل على تسهيل أعمال القطاع الخاص وتذليل العقبات أمامه وتقديم الدعم له، لأنه محرك النمو الاقتصادي خلال السنوات القادمة.وفي سياق آخر، قال وزير المالية السعودي، إن مجلس الوزراء وافق هذا الأسبوع على ترخيص جديد لبنك أجنبي هو بنك كريدي سويس في وقت تتزايد فيه طلبات البنوك الأجنبية لدخول السعودية للاستفادة من المشاريع الاستراتيجية وبرامج الخصخصة التي بدأت الرياض في تنفيذها. وكان مجلس الوزراء السعودي قد وافق في فبراير على منح ترخيص لبنك ستاندرد تشارترد، الذي مقره لندن، ليرتفع عدد فروع البنوك الأجنبية إلى 15 فرعا في القطاع المالي الذي يضم 12 بنكا محليا. وفي هذه الأثناء قال أحمد الخليفي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) خلال مؤتمر القطاع المالي أمس إن البنك يتوقع أن يسجل الاقتصاد السعودي نموا بنسبة “لا تقل عن اثنين بالمئة” خلال العام الحالي. وأضاف أن نمو الائتمان تسارع في الربع الأول من العام بأسرع وتيرة له منذ أكثر من عامين، وقال إن ذلك يعطي مؤشرا على تسارع وتيرة تعافي الاقتصاد. ونسبت وكالة رويترز إلى الخليفي قوله في مقابلة على هامش المؤتمر إن الائتمان الإجمالي ارتفع بنسبة “تزيد على 3 بالمئة.. وهو ما لم نشهده في العامين الأخيرين”. وأضاف “أفترض أن نمو الناتج المحلي الإجمالي لن يقل عن اثنين بالمئة”. لكن نتائج استطلاع أجرته رويترز وأعلنت نتائجه أمس أظهرت أن التوقعات بشأن نمو الاقتصاد السعودي وبقية دول مجلس التعاون الخليجي انخفضت قليلا هذا العام في ظل تقليص إنتاج النفط وإجراءات التقشف وتباطؤ النمو غير المرتبط بالنفط. وتوقع الاستطلاع الذي شمل 23 خبيرا اقتصاديا بأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في السعودية، أكبر اقتصاد عربي وأكبر مصدر للنفط في العالم، بواقع 1.8 بالمئة خلال العام الحالي، وأن ترتفع وتيرة النمو في العام المقبل لتصل إلى 2.2 بالمئة. وأطلقت الموازنة السعودية القياسية لهذا العام شرارة تحولات اقتصادية كبيرة أبرزها انطلاق عمليات خصخصة الأصول الحكومية وتعزيز الإنفاق في المشاريع الاستراتيجية لتسريع برنامج التحول الاقتصادي وبناء الاقتصاد على أسس مستدامة. كما جعلت الحكومة هدف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية حجر زاوية في رؤيتها المستقبلية الرامية إلى تنويع موارد اقتصاد البلاد بدلا من اعتماده على إيرادات الخام.
مشاركة :