إصلاح طائرة 737 ماكس الموقوفة عن العمل، هو واحد فقط من بين مهام عديدة تنتظر شركة بوينج، للتعافي من الصدمة التي ألمت بها بعد حادثتي التحطم الأخيرتين للطائرة، اللتين راح ضحيتهما 346 راكباً. ويتعلق الأمر الثاني، بتحسين سمعة الشركة مع شركات الطيران الأخرى وطواقم الطيران والمسافرين من أنحاء العالم المختلفة، بحسب ما نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال». وقبيل حظر الطائرة عن الطيران مرة أخرى، عبر المسافرون على شركات الطيران المختلفة، عن عدم رغبتهم في الطيران على متن هذا النوع من الطائرات. كما انتقد القبطان صراحة شركة بوينج، على عدم موافاتهم بمعلومات كافية عن برنامج السلامة الجديد في الطائرة. وتعمل وزارة العدل والكونجرس ومحققون اتحاديون آخرون، في مراجعة ردود أفعال بوينج، في الوقت نفسه الذي يتم فيه تطوير الطائرة. واشتكى بعض المديرين، والعديد من شركات الطيران وشركات تأجير الطائرات، من عدم موافاتهم أو لعامة الناس، بالمعلومات الكافية من قبل بوينج. وأعلنت اثنتان من شركات الطيران الإندونيسية، حيث وقعت حادثة الطيران الأولى، عن أنهما ربما يقلصان طلبيات مستحقة من فئة «بوينج 737 ماكس». وأصبحت بوينج، في وضع غير مألوف بالنسبة لها، حيث يقوم المحققون وعلى عكس ما كان يجري مع حوادث التحطم في شركات الطيران الأخرى منذ تسعينيات القرن الماضي، بإجراء تحقيقات حول عناصر تتعلق بتصميم الطائرة وردود أفعال الشركة نفسها. ولما يقارب 30 سنة، ارتبطت تقريباً كل حادثة تحطم مميتة، بأخطاء القبطان أو الصيانة أو بأي عوامل أخرى لا تمت للملامح الرئيسة للطائرة بصلة. لكن هذه المرة، وعقب حادثتي تحطم الطائرة الإندونيسية والأثيوبية، خضعت بوينج ومحققو الطيران الأميركيين، لتحقيقات حول كيفية تصميم طائرة ماكس وترخيصها. وأقر دينيس مويلينبيرج الرئيس التنفيذي لشركة بوينج، بوقوع بعض اللوم على الشركة، فيما يتعلق بهذه الحوادث، وأنها تعمل من أجل إصلاحها. وقال: «ندرك تماماً أن أي شخص سافر على متن إحدى طائراتنا، قد وضع ثقته فينا. ومن جانبنا، نبذل كل جهد ممكن، في سبيل كسب هذه الثقة أو إعادة كسبها، سواء من العملاء أو من المسافرين، وذلك في غضون الأسابيع أو الأشهر المقبلة». وربما لا تزال الخطوات التي اتخذتها بوينج مباشرة بعد هذه الحوادث، تشكل عامل عرقلة للجهود المبذولة لتحسين صورة الشركة. وفي أعقاب تحطم الطائرة التابعة لشركة «ليون إير» الإندونيسية في أكتوبر الماضي، تم تفسير مبررات بوينج للحادث، بمثابة إلقاء اللوم على قائد الطائرة. واشتهرت إندونيسيا، ولسنوات عدة، بسجل سيئ فيما بتعلق بإجراءات سلامة الطيران. وكشف التقرير المبدئي عن حادثة تلك الطائرة، عن مشاكل مرتبطة بنظام وحدات التثبت التلقائي الجديد في طائرة 737 ماكس، والحاجة لتطوير إجراءات السلامة. ويقول جوردون جوندرو، المتحدث باسم شركة بوينج: «يعتبر جمع الحقائق واتباع البروتوكول العالمي، ذو أهمية خاصة في بداية أي عملية تحقيق في حادثة ما. وفي كل مرة نفقد فيها أرواح المسافرين، لا شك في أننا سنصاب بحزن عميق للغاية. لكن يجب عدم خلط ردود أفعالنا، مع أي شيء آخر سوى أنها تعبير صادق عما يجيش بدواخلنا من حزن وأسى». ويقول مسؤولون تنفيذيون سابقون في شركة بوينج: «إن التعليقات الأولية للشركة كانت مقيدة بالقواعد العالمية التي تحكم التحقيقات في حوادث التحطم، بينما كان للغرباء حرية التعليق. وعند تصريح مديري بوينج في 2013، متفائلين بإصلاح مشاكل البطاريات التي تسببت في وقف بوينج دريملاينر عن العمل، اتخذ المنظمون الاتحاديون خطوة غير عادية بتأنيب الشركة صراحة. يبدو أن استعادة الثقة في طائرة 737 ماكس، يتطلب وقتاً طويلاً، بحسب خبراء القطاع. وستكون هذه القضية على رأس أولويات الشركة فور فراغها من إصلاح البرنامج وتسليمه لإدارة الطيران الفيدرالية. ويرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنه وللدفع بعجلة المبيعات، من الضروري تغيير الاسم التجاري للطائرة. وبجانب سعي إدارة الطيران الفيدرالية، للموافقة على برنامج إصلاح نظام التثبت التلقائي للطائرة 737 ماكس، اتخذت لجنة أخرى تابعة لإدارة الطيران، خطوة للتوقيع الرسمي على متطلبات التدريب المرتبطة بتلك التغييرات المعلقة. وتعرضت بوينج عقب حادثة طائرة الخطوط الأثيوبية، لانتقادات تتهمها بالتأخير بالاعتراف بالمشكلة الفنية في الطائرة. وظلت الخطوط الأثيوبية، ضمن عملاء بوينج بعد تأسيسها مباشرة في 1945. ولاحظ المراقبون، بروز حالة انفتاح جديدة في بوينج بعد نشرها للتقرير الأولي لحادثة الطائرة الأثيوبية في 4 أبريل الجاري. وأرجع التقرير الخطأ لنظام التثبت التلقائي نفسه، الذي أدى لتحطم طائرة «ليون إير» الإندونيسية. عقدت بوينج، حلقات تنويرية مع بعض منظمي القطاع لتقدم خلالها المزيد من المعلومات الفنية حول التغييرات التي أجرتها على الطائرة. وأكد مسؤولون لدى عملاء 737 ماكس خارج أميركا، بمن فيهم عدد كبير في أوروبا وشركة بنما كوبا القابضة، أن تواصل الشركة مع عملائها قد تحسن بنسبة كبيرة في الآونة الأخيرة، وأن ثقتهم فيها بدأت في العودة. وعلى مدار العام الماضي، سجلت الشركة الأميركية إيرادات قياسية عند 101.12 مليار دولار، مقارنة مع 94 مليار دولار في 2017. كما ارتفعت أرباح بوينج إلى 10.46 مليار دولار في 2018، مقارنة مع 8.45 مليار دولار في العام السابق.
مشاركة :