علمياً: كيف تجذب الحظ؟

  • 4/25/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تحدث مصادفات سعيدة لبعض الناس دون غيرهم.. وكثيراً ما يوفقون في اختياراتهم.. فهل الحظ الحسن صفة ملازمة لبعض الناس حقاً؟ قرر عالم النفس الشهير (ريتشارد وايسمان) دراسة هذه الظاهرة.. ومدى ارتباطها بسمات شخصية لبعض الناس، وخلص لنتائج مفيدة تفسر الكثير من الأحداث التي تصادفنا في الحياة. ما هو الحظ؟ غالباً ما يتم تفسير الحظ بالمعتقدات الروحية والدينية، كالنصيب والقدر وتوفيق الله.. وهناك جانب آخر يمكن تناوله يتعلق بدور الإنسان نفسه -شخصيته وسلوكياته- في تشكيل هذه الظاهرة. في كتابه (عامل الحظ) يذكر وايسمان أن الحظ هو تفسير يعطيه الإنسان لما يحدث في حياته انطلاقاً من معتقداته وقيمه. فقد يحدث نفس الموقف لشخصين، لكن أحد الناس يقرر أن يراه وكأنه مصادفة سعيدة، بينما يراه آخر كحظ عاثر.. فمثلاً، لو تصادف أن تواجد الإنسان في مكان حدثت فيه عملية سطو مسلح.. سيقول المنحوس: لماذا لا تحدث هذه المصائب إلا لي؟ بينما سيقول من يعتقد أنه محظوظ: لقد نجوت من هذا الحادث بمعجزة، يا لي من محظوظ! أي أن الحظ أحياناً يمكن اعتباره مفهوماً ذاتياً، لا شيئاً مجرداً يمكن قياسه بشكل موضوعي. لكن هذا ليس الحال دائماً. ملاحظة الفرص بعض الناس يواجهون بالفعل صدفاً سارة أكثر من غيرهم.. فما تفسير ذلك؟ بعض الناس (منفتحون على التجارب الجديدة) يحبون الاكتشاف والمغامرة... لو دعاهم أحد لحفلة لا يعرفون فيها أحداً سيذهبون.. لو لاحت فرصة ممارسة رياضة جديدة سيفعلون.. نمط الشخصية هذا يجعل الإنسان أكثر تعرضاً للفرص الجديدة فتتسع دائرة معارفه، أكثر من الشخص الانطوائي التقليدي الذي يكرر نفس الأشياء ويقابل نفس الناس ويذهب لذات الأماكن.. حين يقول الشخص المحظوظ أنه كان في حفل مزدحم وقابل بالصدفة شخصاً أفاده في عمله، فهذا ليس حظاً تماماً.. لأنه هو من قرر الذهاب لهذا الحفل في الأساس! دور التفاؤل يمكن تفسير الحظ أيضا بأن توقع أحداث إيجابية قد يساهم في تحقيقها، وهو ما يسمى بالنبوءة ذاتية التحقق.. لو كنت متشائماً و تتوقع -مثلاً- أنك لن تجتاز المقابلة الوظيفية.. فإن هذا الاعتقاد نفسه سيقلل ثقتك في نفسك وينعكس على لغة جسدك وجودة إجاباتك، وهو ما يقلل فرصك في اجتياز هذه المقابلة بالفعل! في تجربة، أعطوا مجموعة من الناس لغزا صعب الحل، فوجدوا أن الذين كانوا متفائلين ويعتقدون أنهم محظوظون، استمروا في المحاولة لفترة أطول. فالتفاؤل يعني أن الحل ممكن، وهو ما يحفز المثابرة والسعي. بينما التشاؤم يعني اليأس وبالتالي عدم المحاولة أصلاً. في تجربة طريفة أتى العلماء بأناس يعتقدون أنهم محظوظون أو منحوسون.. لنقل «أحمد» المحظوظ و«سارة» التي تعتقد أنها منحوسة.. وطلبوا من كل منهما التوجه للاستراحة كي ينتظر الباحث الذي سيجري معه التجربة، دون أن يعرف أن التجربة قد بدأت بالفعل. ففي طريقهم، وضع الباحثون ورقة مالية على الأرض.. لم تلاحظها «سارة»، تجاوزتها مكفهرة الوجه وجلست في المقهى دون أن تكلم أحداً.. بينما لاحظ «أحمد» الورقة، وانتظر في المقهى ليتبادل الحديث مع الشخص الذي بجواره - وهو مشارك في التجربة- ليشاركه حواراً ممتعاً.. رغم أنه نفس المكان ونفس الموقف.. إلا أن الإقبال عليه بروح مختلفة جعله يعيشه بطريقة مختلفة. الشخص المنفتح الذي يستقبل المؤثرات الخارجية بذهن أكثر تفتحاً، هو من يلاحظ الفرص أكثر من غيره! باختصار، يبدو أن هناك أناساً محظوظين بالفعل.. لكنهم يساهمون في صنع حظهم بطريقة تفكيرهم وتصرفاتهم.

مشاركة :