سليمة لبال – كشف تقرير مطوّل نشرته مجلة لوفانا دولافياسيون الفرنسية، في آخر عدد لها كيف استعان الجيش الأميركي بطائرات عراقية، للتعرّف على قدرات الجيش العراقي وجمع أكبر قدر من المعلومات عنه، خلال عملية «عاصفة الصحراء»، التي شنّتها قوات التحالف لتحرير الكويت، خلال حرب الخليج الثانية. وذكر التقرير أن العقوبات الدولية التي فُرضت على العراق بعد غزوه الكويت، ألزمت فرنسا بتجميد عملية تسليم العراق 3 طائرات من نوع ميراج، كانت تخضع للصيانة والتصليح في فرنسا، و8 طائرات جديدة من نوع «ميراج إف1»، كانت شركة داسو تستعد لتسليمها للعراق، لكن الحصار والقرارات الدولية حالت دون ذلك. وأشار التقرير إلى أن الجيش العراقي استولى على 8 طائرات من نوع «ميراج إف1»، تعود ملكيتها للجيش الكويتي في أعقاب الغزو وأن الاميركيين اكتشفوا أن الجيش العراقي يستخدم تجهيزات وأسلحة فرنسية الصنع، غير معروفة لديه، بعد أن كانوا يعتقدون أن كامل ترسانته روسية الصنع ومعروفة لديه، بفعل عمليات التجسّس، ما دفعهم إلى طلب المساعدة الفرنسية لمعرفة المزيد عن أجهزة التشويش التي تستخدمها الطائرات العراقية، وكانت تعيق عملهم. تلبية الطلب ولم يتأخّر الرد الفرنسي، وفق المجلة، وبناء على اتفاق تم على أعلى مستوى، وضعت شركة داسو تحت تصرّف القوات الاميركية طائرتين من نوع «ميراج إف1» (رقم 4562 كانت قد نفّذت الى غاية أغسطس 1990 حوالي 202 طلعة جوية، وأما الطائرة التي تحمل رقم 4662 فكانت جديدة)، وهما من الطائرات العراقية التي كانت مرابطة في مستودع شركة داسو، علاوة على طيارين وفنيين، ما يسمح للطيارين الاميركيين بمواجهة الطائرات العراقية والتعرّف على تجهيزاتها الإلكترونية. وكانت العملية سرّية جدّا، وأطلقت عليها داسو اسم «فوكس» كما تم التجهيز لها في قاعدة مون دو مارسان في سبتمبر 1990. ووفق التقرير، فقد كان غالبية الطاقم من طيارين وفنيين ومدنيين، يعرفون جيدا العراق؛ لأنهم أشرفوا على تدريب الطيارين والفنيين العراقيين على التجهيزات الالكترونية التي تهمّ الأميركيين. رواية ضابط مشارك وقال جون فرنسوا ليبكا، الذي كان عميدا في القوات الجوية الفرنسية، وشارك في العملية للمجلة الفرنسية: «أصبحت طيارا في السرب، الذي وضع تحت تصرّف الجيش الاميركي والتحق بنا طيارون آخرون، كانوا يعرفون جيدا العراق وبدأوا يعملون وفق الطريقة العراقية في ما يتعلق بمنهجية الطيران، وتقنيات القتال، ومعهم نسّقنا تجاربنا في القاعدة لنسلّم للاميركيين أفضل ما يمكن مع هذه الطائرة». ووفق التقرير، فقد تم محو اي إشارة للعراق من بدن الطائرتين وكابينتيهما، كما تم استبدال رقميهما ووضعت عليهما شارات فرنسية، في حين بدأتا في تنفيذ طلعات تجريبية في 24 سبتمبر 1990حتى يتعرّف الطيارون الاميركيون على قدراتهما، كما طُلب من الفنيين الذين عملوا في العراق تزويدهما ببرنامج التشويش نفسه الذي تضطلع به الطائرات العراقية، بالاضافة الى رادار ريمورا. ووفق جان فرنسوا ليبكا فوجئ الاميركيون بقدرة «ريمورا» على جمع أكبر قدر من المعلومات، رغم التشويش. وأضاف: «كل مهمات عملية فوكس كانت سرية.. كان علينا أن نحضّر الطائرتين اللتين كانتا تحت تصرفنا ومع نهاية كل طلعة جوية كنا نتفحّص وجوه الطيارين الأميركيين لنعرف ما اذا نجحت المهمة أم لا؟ واستمرت العملية اسبوعا كاملا، سجل خلالها الاميركيون كميات هائلة من المعلومات، لكن الفرنسيين وفق المجلة انتبهوا طلعة بعد طلعة الى التهديدات الفعلية التي يمكن أن تسببها طائرات الميراج العراقية المطورة على طائرات الميراج الفرنسية التي كانت تشارك في تحرير الكويت ضمن قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وتساءلوا عما إذا كانت الطائرات الفرنسية الصنع ستجد نفسها، في يوم ما وجهاً لوجه؟
مشاركة :