يبدأ الإيرانيون والأميركيون هذا الأسبوع في سويسرا فصلا حاسما في مسلسل المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، مع الأمل بإنجاز اتفاق سياسي تاريخي قبل 31 الحالي. وأوضح البيت الأبيض، أمس، أن مجلس الأمن الدولي سيصوت على أي اتفاق يتم التوصل إليه. وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لتلفزيون بلاده في الطائرة التي كانت تقله إلى سويسرا: «خلال الأيام المقبلة، ينبغي أن نصل إلى الحلول بقدر ما هو ممكن، ثم البدء بمرحلة صياغة اتفاق بطريقة أكثر دقة وتفصيلا». ووصل ظريف وفريقه صباح أمس إلى فندق «بوريفاج بالاس» في لوزان، وكان سبقهم إليه المفاوضون الأميركيون الذين أتوا من واشنطن. وتطرق ظريف إلى ضرورة تسوية بعض المسائل وتناول «بعض التفاصيل»، لكنه شدد على أن «الطريقة التي سيتم بموجبها رفع العقوبات، وما هي الضمانات لتطبيق الاتفاق يجب أن تصبح واضحة». وبعد 12 عاما من التوترات الدولية و18 شهرا من المحادثات المكثفة حددت إيران والدول الكبرى في مجموعة «5+1» (الولايات المتحدة والصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا) مهلة تنتهي في 31 مارس (آذار) الحالي للتوصل إلى اتفاق يضمن عدم امتلاك إيران القنبلة الذرية مطلقا مقابل رفع العقوبات. واستأنف وزير الخارجية الأميركي جون كيري، مساء أمس، المفاوضات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في سويسرا، بهدف الوصول إلى اتفاق إطار بحلول نهاية الشهر الحالي، واتفاق نهائي بحلول 30 يونيو (حزيران) المقبل. وكان كيري أعلن أول من أمس أنه «يأمل أن يتسنى التوصل لاتفاق مؤقت في الأيام المقبلة». وأعرب من شرم الشيخ في مصر، بحسب مقتطفات من حديث للمحطة التلفزيونية الأميركية «سي بي إس» بث كاملا أمس: «آمل أن يصبح هذا الأمر ممكنا خلال الأيام المقبلة». وردا على سؤال عن إمكانية تمديد المفاوضات لما بعد المهلة النهائية المحددة لها في 31 مارس (آذار)، قال كيري: «نعتقد جازمين أنه ليس هناك أي شيء سيتغير في أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) يجعلكم تعتقدون أن القرار الذي لا يمكنكم اتخاذه الآن ستتخذونه حينها». في الوقت نفسه، واصل الجمهوريون انتقاداتهم لإدارة الرئيس باراك أوباما وموقفها في المفاوضات مع إيران. وقال زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ الأميركي ميتش مكونيل، أمس، إن الرئيس أوباما على وشك إبرام «اتفاق سيئ للغاية» مع إيران بشأن برنامجها النووي. وأوضح أن الكونغرس سيدلي بدلوه في أي اتفاق. وقال مكونيل لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «يبدو أن الإدارة على وشك الدخول في اتفاق سيئ للغاية مع واحد من أسوأ الأنظمة في العالم سيسمح لهم بمواصلة امتلاك بنيتهم التحتية النووية». وحذرت رسالة مفتوحة بعث بها 47 عضوا جمهوريا بمجلس الشيوخ لزعماء إيران من أن أي اتفاق نووي يبرم مع أوباما قد يُلغى بعد أن يترك المنصب في عام 2017. وندد البيت الأبيض ووزارة الخارجية بالخطاب، بوصفه تدخلا في مفاوضات دولية. وهاجم كيري مرة جديدة هذه المبادرة البرلمانية التي قال إنها «غير دستورية»، ومن شأنها أن تقوض المفاوضات مع إيران. وإذا توصلت الدول الكبرى وإيران إلى اتفاق سياسي بحلول 31 مارس سينتقل الطرفان إلى إعداد اتفاق نهائي وكامل يتضمن جميع التفاصيل التقنية، ويفترض أن يتم إبرامه بحلول 30 يونيو أو الأول من يوليو (تموز) المقبل. وسيحدد الاتفاق السياسي المحاور الكبرى لضمان الطابع السلمي للأنشطة النووية الإيرانية واستحالة توصل طهران إلى صنع قنبلة ذرية. كما سيحدد مبدأ مراقبة المنشآت النووية الإيرانية، ومدة الاتفاق، وجدول زمني للرفع التدريجي للعقوبات الدولية التي تخنق الاقتصاد الإيراني. لكن كيري الذي يتفاوض منذ أشهر بشأن الملف النووي الإيراني أبدى أيضا حذره أثناء وجوده في منتجع شرم الشيخ. فبعد أن أكد في مؤتمر صحافي تحقيق «تقدم» في المحادثات مع إيران لفت إلى استمرار وجود «خلافات مهمة». وتابع الوزير الأميركي محذرا: «لا نعلم حتى الآن ما إذا كنا سنتوصل إلى اتفاق أم لا»، مشددا على أن «الوقت بات معدودا» للأمل في التوصل إلى «اتفاق جيد»، وذكر أن أوباما «قال وكرر أنه لن يسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي». وقد نفت إيران باستمرار أنها تسعى لحيازة القنبلة الذرية، وأكدت تكرارا أن برنامجها النووي ليس له سوى أهداف مدنية. ولم توضح وزارة الخارجية الأميركية متى سيغادر كيري لوزان، ربما الجمعة عشية رأس السنة الإيرانية «النوروز» في 21 مارس، حيث إن الوفد الإيراني يريد الاحتفال بهذا العيد في الوسط العائلي.
مشاركة :