أشهر صانع أحذية في العالم هو نيكولاي شاوشيسكو الذي أصبح رئيساً لجمهورية رومانيا في الفترة من عام 1967 إلى عام 1989 حين تم إعدامه. لم يعد الحذاء مجرد ضربة حظ صادفتها الفتاة الفقيرة سندريلا لتتزوج الأمير. ولا مجرد قبقاب استخدمته «أم علي» ابنة والي الموصل لقتل شجرة الدر زوجة عز الدين أيبك أحد ملوك مصر في العصر الأيوبي. ولا هو «شبشب الهنا» الذي غناه المطرب المصري القديم عبد العزيز محمود لتحية كاريوكا. أيضاً لا هو حذاء الناشط السياسي العراقي منتظر الزيدي الذي قذف الفردتين على الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن ورئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي خلال زيارة الأول لبغداد في عام 2008. ولا هو الحذاء التاريخي الذي خلعه رئيس الوزراء السوفييتي الراحل نيكيتا خروتشوف في مجلس الأمن الدولي ووضعه على الطاولة أمامه في عام 1960. لكنه صار تحفة أثرية يحتفظ بها أشهر متحف عالمي للفنون القديمة والمعاصرة هو متحف متروبوليتان في نيويورك الذي تأسس في عام 1870 وتفوق على متحف اللوفر الفرنسي بضخامته. ففي المتحف جناح خاص لأجمل تصميمات الأحذية النسائية والرجالية إلى جانب أجنحة الحضارات العالمية منذ فجر التاريخ، وتشمل الفنون المختلفة والأزياء والآلات الموسيقية والمعدات العسكرية والأثاث والزخارف والمنمنمات والخطوط واللوحات الفنية العالمية، وكذلك الكتب والمخطوطات التاريخية والفنون البدائية الإفريقية والآسيوية والأمريكية والأوروبية. وتغطي الأحذية المعروضة في هذا الجناح الحذائي الفترة من عام 1874 إلى عام 2005، وهي لمصممين إيطاليين وفرنسيين وأمريكيين وبريطانيين وبرازيليين بينهم الإيطالي بيترو يانتورني والفرنسي أندريه بيروجي والأمريكي دلمان والإيطالي سلفاتور فيراغمو والفرنسي روجر فيفار والإيطالي ماريو فالنتينو والفرنسي جيفنشي والإيطاليين دولتشي آند غابانا والفرنسي سان لوران والإنكليزي مانالو بلانيك والأمريكية سوزان بنيس. وليس مهماً أن تعرف، أو لا تعرف هؤلاء المصممين، وبعضهم من أشهر أصحاب العلامات التجارية في الأزياء والعطور، لكن المهم أن أسماءهم تتصدر هذا الجناح الذي يشهد إقبالاً كبيراً من النساء والرجال على حد سواء. وللأسف فإن زيارتي اليتيمة إلى نيويورك لم تتح لي فرصة زيارة هذه الأحذية، أقصد المتحف الذي يضم هذه الأحذية. في مكتبة شهيرة في القاهرة، وفوق رفّ للكتب الأجنبية الحديثة شاهدت ثلاث علب وردية أنيقة متشابهة. وحين فتحت إحداها وجدت فيها تاريخاً مصوراً لأجمل الأحذية النسائية المعاصرة. والكتاب عبارة عن بطاقات مصورة لخمسين زوج حذاء نسائي، أجلكم الله، يحتفظ بها متحف متروبوليتان. وفوق «الثقافة» الحذائية التي يوفرها هذا الكتاب الطريف عن تصميمات الأحذية وكعوبها وألوانها، فإنها لعبة ذهنية لجمع بطاقتين متشابهتين للفردتين اليمنى واليسرى، والفائز هو من يجمع أكبر عدد من الأحذية قبل غيره! ولذلك أكتفي ببطاقات هذا الكتاب أقضي معها بعض الفراغ، ويقول إعلان عن هذه اللعبة مرفق داخل العلبة التي تشبه تماماً علب الأحذية: «إنها الهدية المثالية لمحبي الأحذية في كل مكان. هذه اللعبة تختبر ذاكرتك في إعادة تجميع مجموعة من أجمل الأحذية». تتكون اللعبة كما قلت قبل سطور من خمسين بطاقة على كل واحدة منها صورة لحذاء من مجموعة أحذية متحف ميتروبوليتان الشهيرة. اقلب البطاقات واختبر قدرتك على تذكر مكان البطاقة التي تطابق صورة البطاقة التي في يديك والفائز هو من يتمكن من تجميع أكبر عدد من الأحذية. ولهذه اللعبة المعروفة نماذج تعليمية منها نباتية وحيوانية وسياحية وغيرها. وعلى كل بطاقة إضافة إلى صورة الحذاء اسم مصممه والفترة التي شاع فيها استخدامه. والقريبون من صناعة الأحذية يعرفون أن لكل تصميم اسماً خاصاً يشتهر به. وأتذكر أنه في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي انتشر في المنطقة العربية نوع من الأحذية النسائية يحمل اسم «الدبابة» وهو دبابة فعلاً بسبب حجمه الذي يمكن أن يصيب أي زوج بالسكتة الدماغية إذا ما حمي الوطيس. ولما كان الشيء بالشيء يذكر فلا بد من ذكر المرحومة إميلدا ماركوس سيدة الفلبين الأولى السابقة وزوجة الدكتاتور الراحل ماركوس التي كانت تعشق جمع الأحذية، فتسببت هذه الهواية في انقلاب عسكري ضد زوجها، وتركت القصر مخلفة وراءها ثلاثة آلاف زوج من الأحذية الثمينة يمكنك مشاهدتها عبر صور الإنترنت. رحم الله الصعلوك البغدادي القديم أبا القاسم الطنبوري الذي كان كلما تمزق موضع من حذائه قام بترقيعه حتى امتلأ بالرقع. وحين أصبح حذاؤه مصدراً للمتاعب والبؤس قرر التخلص منه بشتى الطرق، إلا أن أولاد الحلال كانوا يعيدونه إليه كلما رماه مع حُكمٍ من القاضي بجلد الطنبوري!
مشاركة :