تمكّن جو بايدن خلال السنوات الأربعين الماضية من رسم صورة عن شخصه، قامت على أنه رجل من عامة الناس، واجه المآسي واستمرّ في حياته يخدم عائلته ويريد أن يخدم الشعب الأميركي. يتحدّر جوزيف بايدن من عائلة عاشت في سكرانتون بولاية بنسلفانيا، وكانت حتى أواسط القرن العشرين مدينة عمّال، خصوصاً عمّال المناجم. من الصدف أنها أيضاً مدينة عائلة هيلاري رودهام كلنتون المرشحة السابقة للرئاسة الأميركية. دخل بايدن إلى معترك السياسة باكراً وانتخب عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير عندما كان في التاسعة والعشرين من عمره، وأصرّ دائماً على العودة مساء إلى مدينته ويلمنغتون بعدما ينهي عمله في واشنطن العاصمة، حتى إن المسافرين في قطار المساء يعرفون بايدن شخصياً وأين يجلس وصارت له حافلة باسمه في العام 2017. في بداية عمله عضواً في مجلس الشيوخ، فقد بايدن زوجته وابنته في حادث سير، وبقي ابناه على قيد الحياة، وخصص أياماً وسنوات طويلة للاهتمام بهما، حتى إنه تحدّث في بعض الأحيان عن ترك مقعده في الكونغرس من أجل الاهتمام بهما. لاحقاً تزوّج مرة أخرى وأنجب منها ابنة واحدة. مرشّح متقدّم الآن يترشّح جو بايدن للرئاسة الأميركية عن الحزب الديمقراطي للمرة الثالثة، بعدما فشل مرّتين وأمضى ثماني سنوات في منصب نائب الرئيس لباراك أوباما. تشير استطلاعات الرأي إلى أن بايدن تقدّم على باقي منافسيه من الديمقراطيين، حتى قبل أن يعلن ترشيحه، وتراوحت شعبيته بين 25 و35 في المئة فيما تراوحت شعبية منافسه السيناتور برني ساندرز بين 15 و25 في المئة. يمثّل جوزيف بادين تياراً تقليدياً في صفوف الحزب الديمقراطي الذي يتجّه أكثر فأكثر إلى اليسار ويتقبّل الأفكار الاشتراكية والتقدّمية بتأثير من جيل جديد من الشباب وغياب شبح الشيوعية، وهذا تحدّ أول أمام بايدن الذي يريد أن يرضي حزبه ثم المستقلين من الناخبين الأميركيين والأهم أن يرضي ولايته الأم "بنسلفانيا" لو أصبح هو المرشحّ الديمقراطي للرئاسة الأميركية. بنسلفانيا ساحة المعركة فالانتخابات الرئاسية الأميركية يصوّت فيها الناخبون على مستوى الولاية ولكل ولاية حصّة محددة من المندوبين في المجمع الانتخابي، وقد صوّتت بنسلفانيا للديمقرطيين منذ التسعينات، لكنها صوّتت في الدورة الماضية ضد هيلاري كلنتون، المتحدرة من الولاية، ويراهن الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الفوز فيها، لأنه أحيا سوق العمل بحسب ما وعد. من الملاحظ أن نسبة البطالة في هذه ولاية بنسلفانيا كانت عند مستوى 5.2% في بداية عهد ترامب العام 2017 ووصلت الآن إلى 3.9%. ترمب: مرحبا بالنعسان الرئيس الأميركي دونالد ترمب غرّد مرحّباً بترشيح بايدن لكنه وصفه بـ "النعسان" وقال "أرجو أن يكون لديك الذكاء، وهو أمر مشكوك فيه، لشنّ حملة ترشيح الحزب". الأهم أن ترمب أعاد نشر تغريدات رئيسة الحزب الجمهوري "رونا دانييل" وتقول في الأولى إن بايدن اختار بنسلفانيا لإطلاق حملته الانتخابية، وهذه الولاية تشهد الآن النسبة الأقل من البطالة على الإطلاق، كما قالت في تغريدة ثانية أن عهد أوباما بايدن شهد خسارة التصنيع الأميركي 193.000 وظيفة فيما خلق ترمب 453.000 وظيفة في عامين فقط. بايدن وأوباما اختار جون بايدن في ترشيحه أن يبقى ملتصقاً بالرئيس السابق باراك أوباما وتظهر تغريدة يطلب فيها بايدن تبرعات لحملته الانتخابية صورة مع أوباما. وسيكون لهذه الصورة اللصيقة تأثير كبير على مسار حملة بايدن الانتخابية، كما لها معان بالنسبة لدول العالم. بايدن لم يكن صاحب القرار في الشؤون الخارجية والعسكرية لكنه عاش في ظل سياسة تعاطت مع الشرق الأوسط لثماني سنوات. ليس هناك أي مؤشر أو موقف على أن جوزيف بايدن، اعترض على موقف الرئيس الأميركي وإدارته خلال مرحلة "الربيع العربي" ولم يبرز في أي وقت أنه اعترض على سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على الحياة السياسية في مصر مثلاً، بل كان مثله مثل باقي أعضاء إدارة أوباما، يعتبر أن جماعة الإخوان وصلت إلى السلطة بالانتخاب. كما أن بايدن وافق دائماً على تعاطي إدارة أوباما مع ملف إيران، وقد ركّزت جهودها خلال السنوات الثماني على البرنامج النووي الإيراني، وكانت لها مواقف في الحدّ من برنامج الصواريخ، لكنه تساهلت إلى أقصى حدّ مع تمدّد النفوذ الإيراني إلى دول عربية هي العراق وسوريا ولبنان واليمن. سياسة خارجية فقط، في كتاب صدر له في 2017 أشار بايدن إلى أنه كان يؤيّد موقفاً حازماً ضد نظام بشار الأسد بعد الهجوم بالأسلحة الكيمياوية على ضواحي دمشق في العام 2013 كما أشار إلى أنه كان يريد موقفاً أكثر حزماً إلى جانب أوكرانيا ضد تدخلات روسيا لكن مواقفه لم تغيّر شيئاً من تراخي موقف "الرئيس" باراك أوباما. في صفحة حملته الرئاسية يقول جون بايدن إن "على الرئيس الأميركي المقبل إصلاح العلاقات مع الحلفاء وأن يواجه المتسلطين ورجال العصابات في الساحة الدولية" كما أنه دعا إلى الدفاع عن القيم الأميركية في الداخل وفي أي مكان آخر. وأشار إلى أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تواجه أي تحد كبير منفردة، كما أكد أن على الولايات المتحدة أن تنشر جنودها "فقط عندما يتعلّق الأمر بمصالحنا الحيوية".
مشاركة :