مواقع التواصل.. محاسن ومساوئ

  • 4/27/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا ريب أنه قد برزت على الساحة الآن كثير من وسائل الاتصال التي استُحدثت واستهوت الجماهير العريضة من الناس، بخلاف الوسائل القديمة التي كانت إلى عهد قريب محصورة في قراءة الكتاب أو المجلة أو مشاهدة التلفاز أو شريط الفيديو إلى غير ذلك من وسائل المعرفة القديمة التي باتت يمَلها الناس. واليوم، ومع الانفتاح العالمي الذي لم يُبقِ بلدًا إلا دخله، ولم يَذرْ عقولاً إلا طرَقَها تعددت هذه الوسائل وتنوعت بما يناسب وكلَّ إنسان. وقد فتحت هذه الوسائل آفاقًا رحبة للراغب في المعرفة - على اختلافها - نافعة كانت أم ضارة؛ وذلك لكونها في متناول الجميع، ولسهولة الحصول عليها من غير عناء، بالإضافة إلى أنها في الأساس وسائلُ للترفيه لا للعلم، وما أسهلَ أن يمتزج الحصول على المعرفة بوسيلة من وسائل الترفيه ما من شأنه أن يجذب القارئ أو السامع إليه. ولا شك أن هذه الوسائل الحديثة استطاعت أن تشكل الخلفية الفكرية والثقافية لدى فئات كثيرة من الناس، كلٌ بحسب المواقع التي يرتادها والمواد التي يقرأها. وقد لاحظنا ظاهرة جديدة في كثير من هذه الوسائل، فقد وجدنا حيزًا منها مشغولاً بنشر المأثورات والسنن وفضائل الأعمال وتصويب الأخطاء العقدية والعلمية، وقد لاقى ذلك نجاحًا باهرًا بين جميع الأوساط ولدى جميع الطبقات، ووجدنا الناس يتناقلون هذه الأوراد والأذكار والسنن الغائبة في أوقات المناسبات الدينية كصوم النوافل ومع بداية رمضان، وفي يوم عرفة، وعاشوراء وغيرها؛ مما سدَّ فراغًا كنا في مسيس الحاجة إلى سده في مجال نشر السنة النبوية، وصارت هذه النصوص تغزو كثيرًا من مواقع التواصل وتزاحمها، ما جعل من بعض تلك المواقع منابرَ للدعوة، وحلقاتٍ للعلم، ومجالسَ للذكر. وعلى النقيض من ذلك فإن هنالك تأثيرًا سلبيا لهذه المواقع، وهي المواقع التي تعرض الثقافات المنحرفة، وتبث الكراهية، وتنشر الطائفية، وتحيي النزاعات القبلية والنعرات الجاهلية، وتشجع على الفكر التكفيري من جديد بعدما اندثر وبعدما ظننا أنه حمل عصاه ورحل وجلا عن بلادنا إلى غير رجعة، فضلا عن سب الناس بل والعلماء، إلى غير ذلك من الأمور السلبية. لكن هذه السلبيات ينبغي ألا تجعلنا نعزف عما في هذه المواقع من إيجابيات، ونهجر ما فيها من خيرات وفوائد عميمة. وإذا كانت مواقع التواصل الاجتماعي في هذا العصر هي ملتقى جميع الناس فإن الشباب هم أكثر من يلتقون حولها؛ وبما أن الشباب المسلم الآن قد انكب على هذه الوسائل فكان لا بد لنا من التوجه إليها واستغلالها (أقصد تلك الوسائل) في الوصول إلى الشباب، وسبر غور عقولهم وأفكارهم، ومحاولة تصويب ما عندهم من أخطاء وتقويم ما فيهم من اعوجاج فكري وخلقي، وانتشالهم من بحر الظلمات الذي ولجه كثير منهم في هذا العصر. ولم لا والشباب هم رأس مال الأمة ومصدر قوتها أمام أعدائها! مقترحات عمليّة: 1. أرى أنه يمكن أن نجعل من هذه المواقع التواصلية حائط صدّ ضد موجات الإلحاد الموجهة إلى شبابنا وإمدادهم بأمصال المناعة الإيمانية والحصانة العقائدية. لكن كيف يكون ذلك؟ والجواب: عن طريق إنشاء مواقع تتواصل مع النشء المسلم للرد على تساؤلاتهم وما يعنّ لهم من خطرات، وما يُطرح عليهم من شبهات حول دينهم. وإن لم نفعل ذلك فسوف تغتالهم تلك الأفكار ويجتالهم مُروِّجوها. 2. كما أوصي بدراسة مادة التكنولوجيا والمعلومات لطلاب المعاهد الشرعية والكليات الدينية؛ للاستفادة من مكتشفات العصر ومن ثم توظيفها في الدعوة إلى الله تعالى. 3. كما أوصي بإنشاء منتديات للهيئات الدينية في العالم الإسلامي ليسهل طرح الموضوعات التي تستدعي النقاشات المطولة عليها، على غِرار ما فعلته كل المؤسسات الدينية الآن من حسابات على (فيسبوك) وتويتر.

مشاركة :