نور سلطان - اختُتمت الجمعة في كازاخستان محادثات حول سوريا استمرت يومين بمشاركة إيران وروسيا وتركيا من دون تحقيق أي تقدم ملموس حول إنشاء لجنة دستورية تقود تسوية سياسية في البلاد التي دمّرتها الحرب. وأعلنت الدول الثلاث الراعية للمحادثات في بيان مشترك أن اللقاء بحث مسألة إنشاء اللجنة الدستورية مع موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسن. وجاء في البيان حسب النص العربي، أن الفرقاء "أكدوا مجدداً التزامهم بالمضي قدماً في العملية السياسية التي يقودها ويتملكها السوريون وتشرف عليها الأمم المتحدة بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن 2254".وتابع البيان المشترك أن اللقاء يندرج في إطار "تسريع العمل لإطلاق اللجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن بما يتماشى مع قرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي، وقرروا عقد الجولة التالية من هذه المشاورات في جنيف وأكدوا استعدادهم التام للمساهمة في جهود المبعوث الخاص، بما في ذلك الحوار الفعال مع الأطراف السورية". وتعوّل الأمم المتحدة كثيرا على إنشاء اللجنة الدستورية التي تأمل من خلالها إيجاد تسوية للنزاع السوري. وأعلن مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف الخميس أن "نقاطا عدة غير واضحة" تبطئ إنشاء هذه اللجنة. وقال المبعوث الروسي إن الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة والجهات الداعمة للطرفين يمكن أن يتفقوا على تشكيل لجنة دستورية في الشهور المقبلة. وقال إن دبلوماسيين من روسيا وإيران وتركيا سيجتمعون مع مفاوضين من الأمم المتحدة في جنيف لمناقشة الأمر مجددا مضيفا أن المسألة "في طورها النهائي". وقال لافرنتييف للصحفيين "لم نتفق على التوقيت بعد ونأخذ في الاعتبار شهر رمضان المقبل، من المرجح جدا أن يحدث ذلك بعده، لكنني أعتقد أنه بحلول هذا الوقت سيكون باستطاعة السيد بيدرسن (مبعوث الأمم المتحدة) إعلان" تشكيل اللجنة.وقد اغتنمت إيران وروسيا وتركيا مناسبة عقد اللقاء في العاصمة الكازاخستانية نور سلطان لتجديد رفضها لاعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان المحتلة. وقد دانت الدول الثلاث في البيان المشترك الخطوة الأميركية وقالت إنها تشكّل "انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، وخاصة قرار مجلس الأمن 497، ويهدّد السلام والأمن في الشرق الأوسط". وأضاف البيان أنه ستتم دعوة العراق ولبنان للمشاركة في المحادثات المقبلة حول سوريا في كازاخستان في تموز/يوليو المقبل. وتشارك الأمم المتحدة والأردن في المحادثات بصفة مراقب. وتقود روسيا، حليفة الرئيس السوري بشار الأسد، الجهود الدبلوماسية في كازاخستان، التي تعرف باسم "مسار أستانا"، والتي همّشت إلى حدّ بعيد الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الأمم المتحدة في سوريا. وعلى غرار موسكو تدعم طهران النظام السوري، فيما تدعم أنقرة فصائل معارضة وهددت مرارا بشن هجوم ضد المقاتلين الأكراد المنتشرين عند الجانب السوري من حدودها الجنوبية والذين تعتبرهم "إرهابيين". وتم تغيير اسم عاصمة كازاخستان الشهر الماضي من أستانا إلى نور سلطان، تيمنا بالرئيس السابق. ويأتي الحديث عن تطور المباحثات رغم تعرض مناطق خفض التوتر في سوريا وبالتحديد في ادلب وحماه إلى قصف الطيران الروسي الجمعة ما خلف 3 قتلى. وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت السبت أن عددا من المبعوثين الروس التقوا بالرئيس السوري بشار الأسد وبحثوا معه تشكيل لجنة دستورية والتجارة إضافة إلى سبل تحسين علاقات سوريا مع الدول العربية المجاورة. ويرى مقربون من النظام أن تشكيل لجنة دستورية يعد أمرا جوهريا لإجراء إصلاحات سياسية وانتخابات جديدة تهدف إلى توحيد سوريا وإنهاء الحرب الدائرة منذ ثماني سنوات تقريبا والتي قتلت مئات الآلاف من الأشخاص وشردت نحو نصف عدد السكان قبل الحرب الذي يبلغ 22 مليون نسمة. وكان الرئيس السوري استقبل في ديسمبر/كانون الثاني وفدا روسيا رفيع المستوى يقوده المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون التسوية السورية ألكسندر لافرينتييف ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينينوناقش معه مهمة تشكيل وإطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية. وجاء في بيان للخارجية الروسية أنه "جرت مناقشة تطور الأحداث في سوريا وحولها بالتفصيل. وتم تركيز الاهتمام على مهمة تشكيل اللجنة الدستورية السورية بأسرع ما يمكن وإطلاق عملها، تنفيذا لقرارات مؤتمر الحوار الوطني السوري، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254". ووافقت المعارضة السورية العام الماضي على الانضمام لعملية إعادة كتابة الدستور تحت إشراف الأمم المتحدة بعد مؤتمر للسلام في مدينة سوتشي الروسية. وذكرت وزارة الخارجية التركية الجمعة أن الأطراف المشاركة في مباحثات أستانة حول سوريا، أكدت عزمها على تنفيذ الاتفاقيات الخاصة حول استقرار الوضع في إدلب. جاء ذلك في بيان صادر عن وزارة الخارجية التركية حيث أوضح أن الدول الضامنة تناولت في الاجتماع المستجدات على الساحة السورية، والجهود الرامية لإيجاد حل سياسي للصراع السوري. وأضاف أن الأطراف اتفقت على الحفاظ على التنسيق فيما بينها فيما يتعلق بالأوضاع في مناطق شرق الفرات بسوريا. وحسب البيان، أعربت الدول الضامنة عن رفضها للأجندات التي تستهدف وحدة التراب والكيان السياسي لسوريا، وتهدد الأمن القومي للدول المجاورة. وأوضح أن الأطراف رحبت بالخطوات المتخذة في إدلب بما في ذلك الدوريات المشتركة (بين تركيا وروسيا). وبدأت محادثات أستانة بين الدول الضامنة للملف السوري، منذ يناير/ كانون الثاني 2017. وتشكل محافظة إدلب مع ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي وجزءا صغيرا من ريف اللاذقية الشمالي منطقة "خفض تصعيد"، بموجب اتفاق أبرم في سبتمبر/أيلول 2017، بين تركيا وروسيا وإيران، في العاصمة الكازخية نور سلطان. وفي سبتمبر/أيلول 2018، أبرمت تركيا وروسيا اتفاق "سوتشي" من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في منطقة "خفض التصعيد" تلك، وسحبت بموجبه المعارضة أسلحتها الثقيلة من المنطقة التي شملها الاتفاق في 10 أكتوبر/تشرين الأول خلال نفس العام.
مشاركة :