ضمن مهام عمله، يخصص الأستاذ نواف جناحي اختصاصي التوجيه المهني عددًا من اللقاءات التي تستهدف ولي الأمر بالدرجة الأولى باعتباره أحد الركائز المهمة في عملية التوجيه والإرشاد المهني للطالب، فيقول حول تلك المقابلات «تقدم لي والد أحد الطلبة فور انتهائي من تقديم ورشة إرشادية، مستفسرًا حول مستقبل ابنه المهني، وقال لي: أعمل ووالدة الطالب في مجال الطب، ونريد لابننا أن يصبح طبيبًا. وكان ذلك ما أسمعه بشكل متكرر من شريحة كبيرة من الأهالي أعني بأن الأم أو الأب هما من يقومان بوضع الخطوط للمهنة المستقبلية لابنهم أو ابنتهم بناء على مقاييس مختلفة لا يكون للطالب يد فيها على الأغلب. ويكمل الأستاذ نواف في هذا الموقف تحدثت مع ولي الأمر حول رغبات الابن الفعلية وميوله بشكل عام فعلمت بأنه يحب التواجد في المطبخ وابتكار الوصفات بشكل دقيق ومميز فأخبرته بأن يسمحا له بتتبع شغفه الا أن والده انفعل.ثقافة الإرشاد المهني فيما بعد تواصلت معي والدة الطالب، لتستفسر مني عما حدث، والتواصل مع أولياء الأمور للاستشارات من ضمن مهام المرشد المهني إن لم يكن أبرزها، فالمنزل هو الحاضنة التي تتكون فيها شخصية الطالب كما هو معروف ولا يوجد من هو أقرب من الأم أو الأب لملاحظة سلوك الطالب ومن ثم توجيهه إلى القالب الأنسب. حينما تواصلت معي والدة الطالب أجبتها بالإجابة ذاتها: ليتبع شغفه، وحاولت من خلال حديثي أن أبين لها أن الارشاد المهني لا يعني أن نقدم للطالب مجالات التخصصات الجامعية المتوافرة، او المهن المطلوبة في سوق العمل، بل هو دراسة السلوك والميول والشخصيات المختلفة لدى الطلبة وتطوير هذه الجوانب لديهم بحيث يصبح الطالب قادرا على تحديد مستقبله المهني أو بمعنى آخر تحديد المهنة المستقبلية التي تتناسب مع هذه المعطيات المتعلقة بالشخصية بشكل أساسي لا برغبات المحيط. بعد أعوام من لقائي به تواصل معي والد الطالب، يقول الأستاذ نواف جناحي، وفاجأني بأن العائلة قد سمحت لأبنها بان يتخصص في مدرسة طهي عالمية وهو الآن أحد أشهر الطهاة في المملكة وبراتب مجز، وما يهم بأنه يحقق ذاته في كل يوم يذهب فيه للعمل، وهذا النوع من الثقافة هو ما يحاول قسم الارشاد والتوجيه المهني بالوزارة نشره وترسيخه لدى الطالب وولي الأمر واختصاصي الارشاد المهني في المدارس والذي يعمل بشكل مباشر مع الطلبة، لاسيما وأن وزارة التربية والتعليم قد استحدثت هذه المهنة لما لها من دور وأثر يبقى إلى ما بعد التخرج، ولا يقتصر ذلك على طلاب المرحلة الثانوية فحسب، فقد بدأ نقل التجربة لطلبة المرحلة الإعدادية باعتبارها مرحلة مفصلية تقرب الطالب إلى تخصصه، وقد ارتأت الوزارة ضم المرحلة الإعدادية في عملية التوجيه والإرشاد المهني بعد تزايد عدد الطلبة ممن تقدموا بطلبات تغيير التخصص في المرحلة الثانوية لأن انتقاء ودخول تخصصاتهم الدراسية لم يكن مبنيا على رغبات وميول حقيقية.الإرشاد بحسب الشخصيةوتقول الأستاذة عائشة المحمود المرشدة المهنية بمدرسة المالكية الابتدائية الإعدادية للبنات، بأن الوزارة قد بدأت بتخصيص مرشدين مهنيين في مدارس المرحلة الإعدادية مع بدء العام الدراسي الحالي كما قامت بتهيئة الاختصاصيين من خلال تدريب مكثف بهدف رفع المهارات والكفاءات بالإضافة للزيارات الدورية والمتابعة بشكل مستمر، هذا ويتبع المرشد الخطة الموضوعة له من قبل الوزارة والتي يفعلها طوال العام من خلال اللقاءات التعريفية للطلبة والطلبة المستجدين ولقاءات أولياء الأمور والمعارض المهنية ومعارض المهارات والهوايات التي يتم خلالها تشجيع الطلبة على تنمية مواهبهم وتطويرها. وتكمل الأستاذة عائشة، التوجيه المهني لطلبة المرحلة الإعدادية أمر حساس فالطالب في هذه المرحلة سهل الاندفاع وتبني الآراء بالإضافة إلى أن إدراكاته غير مكتملة، لذا يقوم المرشد بتطبيق اختبارات الميل التي تقدم صورة واضحة حول مسمى شخصية الطالب والتي تحدد بشكل كبير المهن المستقبلية المناسبة كما توفر هذه الاختبارات قراءة واضحة نستطيع من خلالها جمع الطلبة من ذوي الاهتمامات المتشابهة في مجموعات ومن ثم تفعيل المهارات داخل هذه المجموعات، ومن الممكن أن يقوم المرشد بالإرشاد الفردي بحسب الحالة اذ نترك الأبواب مفتوحة بيننا وبين الطلبة للاستشارة من خلال الجلسات الفردية ويقوم كذلك المرشد بالتواصل مع ولي الأمر أو طلب حضوره بحسب الحالة.وتضيف أخيرا بأن عملية ارشاد الطلبة الطالب وتوجيهه لابد أن تضع قدراته ومهاراته وميوله والجوانب الإبداعية إلى جانب التحصيل الدراسي في الاعتبار كما تدعو أولياء الأمور إلى الانتباه المهارات والهوايات وعدم اهمالها بحجة أنها مدعاة للتقصير في التحصيل العلمي فكم من موهوب في مجال الرسم مثلا قد تم احتضان موهبته من ذويه إلى أن أصبح مهندسا معماريا، أي أن تطوير المهارة والاهتمام بها لابد أن يصقلها في نهاية الأمر.
مشاركة :