عاد الجدل في تونس بين الأحزاب السياسية بشأن تعديل القانون الانتخابي الذي كانت الحكومة قد طلبت من البرلمان إرجاء مناقشته بسبب غياب التوافق حول تحديد العتبة الانتخابية. وأعلن مكتب مجلس النواب (البرلمان) عن عقد جلسة عامة الثلاثاء المقبل، للنظر في مشروع قانون أساسي يتعلق بتنقيح وإتمام القانون المتعلق بالانتخابات والاستفتاء. وقال مصدر مطلع من مكتب لجنة الحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية لوكالة الأنباء الرسمية، “إن الحكومة طلبت تأجيل النظر في مشروع القانون من أجل تقديم مقترحات جديدة في فصول المشروع وخاصة منها الفصول الخلافية على غرار العتبة الانتخابية والفصل المتعلق بمنع التجمعيين من عضوية ورئاسة مكاتب الاقتراع”. وكانت لجنة التوافقات قد فشلت في التوصل إلى أي اتفاق بشأن الفصول الخلافية المقترحة من الحكومة، حيث تمسكت بعض كتل المعارضة بوضع عتبة انتخابية في الانتخابات التشريعية القادمة بـ3 بالمئة، في حين تصر كل من حركة النهضة وحركة نداء تونس على عتبة انتخابية بـ5 بالمئة. كما ظهر شق ثالث تمثل بكتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية اللتين طالبتا بالتخلي عن العتبة نهائيا وإجراء الانتخابات التشريعية على غرار سابقاتها دون عتبة. والعتبة الانتخابية هي الحد الأدنى من الأصوات التي يشترط القانون الحصول عليها من قبل الحزب أو القائمة، ليكون له حق المشاركة في الحصول على أحد المقاعد المتنافس عليها في الانتخاباوأعلنت منظمات وطنية وجمعيات وأحزاب وشخصيات مستقلة رفضها لمشروع تنقيح القانون الانتخابي. وأبرزت في بيان أصدرته في فبراير الماضي أن مشروع القانون يمس مسار الانتقال الديمقراطي قبل أشهر من موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية، ويكرس سلطة الأغلبية الحاكمة. كما اعتبرت أن هناك سعيا من خلال مشروع التنقيح لضرب القوى الديمقراطية، ومحاولة إسكات الأصوات الحرة وتكريس الاصطفاف السياسي والاستفراد بالحكم، وضرب التعددية والتنوع في البرلمان. وطالبت البرلمان بالتخلي عن المشروع المتعلق بتنقيح القانون الانتخابي، مؤكدة استعدادها للتصدي قانونا له في صورة المصادقة عليها باعتبار عدم دستوريته. ووقعت على البيان عدة منظمات في مقدمتها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) ومنظمة عتيد، إضافة إلى الأحزاب كالجبهة الشعبية والطليعة العربي والمسار الديمقراطي الاجتماعي وحزب العمال والتيار الشعبي وبني وطني وعدد من الأحزاب الأخرى وشخصيات مستقلة. وينص مشروع القانون الذي اقترحه رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وأحالته الحكومة في أكتوبر الماضي على البرلمان، على وضع عتبة أو سقف للأصوات المتحصل عليها مقابل مقعد في السلطة التشريعية يقدر بخمسة بالمئة. واتهم النائب بمجلس النواب التونسي عن التيار الديمقراطي غازي الشواشي حركة النهضة وما وصفه بـ”حزب الشاهد”، في إشارة إلى حركة تحيا تونس، بالضغط على رئيس البرلمان محمد الناصر لإعادة طرح مشروع تعديل القانون الانتخابي المتعلق بالعتبة للمصادقة عليه. وأدت الأزمة السياسية التي شهدتها تونس العام الماضي بسبب مطالب بإقالة الحكومة ورئيسها يوسف الشاهد، إلى تغيير الخارطة السياسية، حيث انسحب حزب نداء تونس الذي فاز بالانتخابات التشريعية الماضية لتحل محله حركة “تحيا تونس” المحسوبة على الشاهد..وتشكلت حركة تحيا تونس من مستقيلين من حزب نداء تونس الذين رفضوا مساعي إقالة الشاهد وعدد من الأحزاب الأخرى. واحتلت الحركة المرتبة الثانية في نتائج سبر الآراء الذي أعدته شركة “إمرود كونسلتينغ” ونشرته صحيفة المغرب المحلية مطلع أبريل الحالي. وأشار الشواشي في تدوينة نشرها الجمعة على صفحته بموقع فيسبوك إلى أن “ذلك تم رغم أنه لم يعد يفصلنا على الانتخابات التشريعية سوى 5 أشهر فقط”. ولم تعلن الحكومة عما إذا كانت قد أدخلت تعديلات على مشروع القانون، لكن تصريحات لبعض السياسيين ألمحت إلى تغيير العتبة إلى 3 بالمئة. وقال القيادي في حركة مشروع تونس حسونة الناصفي في تصريحات صحافية محلية، إن الاتفاق على إقرار العتبة في حدود 3 بالمئة يعد أمرا معقولا ولن يكون له تأثير كبير على نتائج الانتخابات أو على العملية الانتخابية. وأضاف أنه دستوريا وقانونيا لا شيء يمنع من مناقشة القانون قبل ستة أو سبعة أشهر من موعد الانتخابات. وكانت هيئة الانتخابات أعلنت أن الانتخابات التشريعية ستجرى في أكتوبر المقبل فيما ستجرى الرئاسية في نوفمبر. وقال النائب عن حركة النهضة الصحبي عتيق في تصريحات صحافية محلية الجمعة، إن تأخير البت في المشروع يؤكد حرص كافة الأطراف على التوافق بشأنه، لافتا إلى أن أغلب الأطراف لا تعترض على أن تكون العتبة في حدود 3 بالمئة.
مشاركة :