تنظّم «الجمعية اللبنانية للسينما المستقلة - متروبوليس سينما»، بالاشتراك مع «المعهد الفرنسي في لبنان» والجمعية الثقافية «بيروت دي سي»، الدورة الـ15 من مهرجان «شاشات الواقع»، التي ستنعقد بين ٢ و١٢ أيار (مايو) المقبل في سينما «متروبوليس أمبير صوفيل»، الأشرفية (بيروت) و«سينما مونتاين» (المعهد الفرنسي). وتقدّم «شاشات الواقع» بانوراما متنوّعة من السينما التسجيلية، مع برمجة مؤلّفة من ١٧ فيلماً وثائقياً طويلاً و٤ أفلام تسجيلية لبنانية قصيرة، وتُعرض هذه الإنتاجات الحديثة الدولية والعربية واللبنانية بمعظمها للمرة الأولى في لبنان. كما يواكب بعض المخرجين عروض أفلامهم خلال المهرجان الذي يفتتح بفيلم Meeting Gorbachev لفيرنر هرتزوغ وأندريه سينغر، وفيه يلتقي المخرج الألماني هرتزوغ بميخائيل غورباتشوف، في سلسلة من المقابلات الشخصية الفردية مع الرجل الذي أنهى الحرب الباردة. وكان المهرجان فتح باب استقبال أفلام وثائقية لبنانية في كانون الثاني (يناير) الماضي، ومن ضمن الأفلام التي تقدّمت، تم اختيار فيلمين طويلين و٣ أفلام قصيرة، وهي: «عيناتا» لآلاء منصور، و«طريق البيت» لوائل قدلو، وThe Ghazze Experience لفراس الحلّاق، و«سوق الأحد: طرابلس» ليحيى مراد، و«نحو الشمس» لنور عويضة. ويتضمّن البرنامج أيضاً فيلم Matangi / Maya / M.I.A (إخراج ستيف لوفريدج) الذي يرصد عبر لقطات أرشيف خاصّة مصوّرة على فترة ٢٢ سنة، حياة نجمة البوب المشهورة عالمياً «إم.آي.إي»، وهي ابنة مقاوم من ثوار «التاميل» في سريلانكا هاجرت إلى إنكلترا، لتتسلق سلم الشهرة وتثير الجدل حول موسيقاها وظهورها العام ونشاطها السياسي. وحاز الفيلم جائزة لجنة التحكيم الخاصة لقسم الأفلام الوثائقية في «مهرجان صاندانس» ٢٠١٨. وفي «١٦ شروق»، يتبع المخرج بيار إيمانويل لوغوف رائد الفضاء الفرنسي توماس بسكوت خلال مهمته لمدة ٦ أشهر على متن المحطة الفضائية الدولية، ويحمل في حقائبه: الأعمال البصرية لأنطوان دو سانت إكزوبيري. وفي خضم التدريبات والإصلاحات ومراقبة كوكبنا الأزرق الصغير، يدور حوار بين رائد الفضاء والطيار، عن شاعرية المغامرة الفريدة للإنسان في الفضاء. ويجتاز المخرجون جينيفر بايشوال ونيكولا دو بانسييه وإدوار بورتينسكي في فيلم Anthropocene: The Human Epoch أنحاء العالم من التشيلي والصين إلى ألمانيا وكينيا لتوثيق أدلة وخبرة الهيمنة البشرية على الكوكب. ويعرض المهرجان فيلم Le procès contre Mandela et les autres (إخراج جيل بورت ونيكولا شامبو) الذي رشّح لـ «جائزة سيزار» الفرنسية كأفضل فيلم وثائقي عام ٢٠١٩. ففيما شهد العام ٢٠١٨ الذكرى المئوية لميلاد نيلسون مانديلا، اهتم الفيلم بالمحاكمة التاريخية للزعيم الأفريقي الراحل بين 1963 و1964، والتي حاز فيها مانديلا الدور المركزي، ولكن كان هناك ثمانية آخرون واجهوا، مثله، عقوبة الإعدام، وتعرضوا هم أيضاً لاستجوابات قاسية. المحفوظات الصوتية التي تم استردادها أخيراً لتلك الجلسات، تنقلنا مرة أخرى إلى معارك قاعة المحكمة. ويعدّ فيلم برناديت توزا ريتر A Woman Captured أحد أهم الأفلام الوثائقية الاستقصائية في السنوات الأخيرة، وهو يتناول ضحايا الرق أو الاستعباد المعاصر الذين وصل عددهم إلى ٤٥ مليوناً. ماريش، امرأة هنغارية، تخدم عائلة منذ ١٠ سنوات، تعمل ٢٠ ساعة في اليوم، من دون الحصول على أي راتب. هويّتها مصادرة، ولا يُسمح لها بالخروج من دون إذن مسبق. يساعدها وجود الكاميرا وحضور المخرجة على التحلّي بالشجاعة والثقة. وبعد عامين من التصوير، تقرّر الهروب. ويتبع الفيلم رحلة ماريش البطولية نحو الحريّة. وهو رشّح لجائزة أفضل فيلم وثائقي أوروبي عام ٢٠١٨. ويتابع المخرج هندريك دوسولييه في فيلم Derniers jours à Shibati، فترة السبعة أشهر الأخيرة لشيباتي، آخر حيّ قديم في مدينة تشونغتشينغ في الصين قبل هدمه. حاز الفيلم الجائزة الكبرى في المسابقة الفرنسية في مهرجان سينما الواقع، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في «مهرجان أمستردام الدولي للفيلم الوثائقي» عام ٢٠١٨. يذكر أن هذا العرض سيقام بحضور المخرج. وفي فيلم Living The Light - Robby Müller، تغوص المخرجة ومديرة التصوير كلير بيجمان في حياة وأرشيف روبي مولر، الذي يعد واحداً من أهم المصوّرين السينمائيين (رحل عام ٢٠١٨)، واشتهر بأسلوب عمله الذي يرتكز كثيراً إلى الضوء الطبيعي، وعلى تقنياته المبتكرة لاستعمال الكاميرا. ومن أشهر الأعمال التي صوّرها «باريس، تكساس»، و Down by Law وBreaking the Waves. ويحتوي الفيلم الوثائقي الشاعري على أرشيف خاصّ لمولر، صوّره على كاميرا hi-8 و«بولارويد»، كما يعرض شهادات لمخرجين عملوا مراراً مع مولر مثل جيم جارموش وويم وندرز ولارس فون ترير. يذكر أن الفيلم عرض للمرة الأولى في «مهرجان البندقية» ٢٠١٨ - قسم كلاسيكيات السينما، وألّف الموسيقى الخاصة به المخرج جيم جارموش والمنتج كارتر لوغان عبر فريقهم الموسيقي Sqürl. وينقلنا فيلم «غزة» (إخراج الإرلنديين غاري كين وأندرو مَكونيل) إلى مكان فريد بعيداً من متناول التقارير الإخبارية التلفزيونية، ليكشف عن عالم غني بشخصيات فصيحة ومرنة، تقدم لنا صورة سينمائية مغايرة لأشخاص يحاولون أن يعيشوا حياة ذات معنى ضد أنقاض الصراع الدائم. عرض الفيلم للمرة الأولى ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية لـ «مهرجان صاندانس» ٢٠١٩، وحاز أخيراً جائزة «أفضل فيلم وثائقي» في «مهرجان دبلن السينمائي الدولي» ٢٠١٩. يذكر أن العرض سيتمّ بحضور المخرج أندرو مَكونيل. وتكرّم هذه الدورة السينمائي جوناس ميكاس، رائد السينما الطليعية الذي رحل مطلع عام ٢٠١٩، عبر عرض واحد من أشهر أفلامه «مفقود، مفقود، مفقود». ويتكون الفيلم من مشاهد ست بكرات التقطت بين عامي ١٩٤٩ و١٩٦٣. وصل جوناس ميكاس وشقيقه أدولفاس إلى مدينة نيويورك من ليتوانيا، وحازا كاميرا «بولكس» مقاس ١٦ مم وبدآ في تسجيل حياتهما اليومية في هذا البلد الجديد. جنباً إلى جنب مع فيلمه «اليوميات والملاحظات والرسومات» (المعروف أيضاً باسم والدن)، يمثل «مفقود، مفقود، مفقود» بداية شكل جديد من أشكال صناعة الأفلام: فيلم اليوميات، السينما الحميمة للغاية والشخصية التي طورها ميكاس طوال حياته. هذا الفيلم هو سرد مؤلم للنزوح ولكنه أيضاً احتفال بالحياة والنور والأسرة واللقاءات الجديدة. ويسبق هذا العرض عرض مصوّر بعنوان: «العتبة» لرانيا اسطفان، يلتقي فيه الخيال العلمي بفنّ الفيديو. و«العتبة» عبارة عن فيديو من ١٢ دقيقة مصنوع بالكامل من مشاهد لفيلم الخيال العلمي المصري «قاهر الزمان» من إخراج كمال الشيخ، أنتجته عام ١٩٨٧ شركة الإنتاج المصرية «الرانيا فيلم». واحتفظت رانيا اسطفان بمشاهد من الفيلم تظهر فيها البوابات فقط، وهي تعيد تحرير لقطاته، لتكشف عن تعدد رمزية العتبة وأهميتها في أفلام الخيال العلمي وديناميات القوة التي تكمن في هذا النوع من الأعمال.
مشاركة :