الدوحة - الراية: كشف التحقيق الاستقصائي الذي بثته الجزيرة أمس تحت عنوان “الغداء الأخير” عن تورّط السعودية في اغتيال رئيس اليمن الشمالي إبراهيم محمد الحمدي في 11 أكتوبر 1977، وقال التحقيق إن إحدى وثائق الخارجية الأمريكية أكدت تورّط السعودية في اغتياله، وهو التورّط الذي أكده أيضاً الرئيس اليمني المخلوع علي صالح - قبيل مقتله - في لقاء تلفزيوني، أفاد فيه بأن المُلحق العسكري السعودي في صنعاء أشرف على عملية الاغتيال. وتناول التحقيق مسار تتبع الأحداث منذ سقوط نظام الإمامة الملكي باليمن في ثورة 26 سبتمبر 1962 وإلى لحظة وصول الحمدي للحكم، وما تلا ذلك من تطوّرات قادت في النهاية إلى اغتياله. وأكد أن الحمدي عُرف بطموحه إلى بناء يمن يسع الجميع، وهو ما جعله يُواجه العديد من الخصوم بالداخل والخارج، خاصة حين بدأ في مُعالجة الملف القبلي باعتباره يُهدّد الدولة المدنية التي يطمح لتأسيسها، وكذلك ملف إعادة هيكلة الجيش ليكون مُؤسسة وطنية غير قبلية ولاؤها للسلطة بدلاُ من مشايخ القبائل. وهو ما تجسّد في قرارات 27 أبريل 1975. وقال التحقيق: إن الحمدي استمر في الإصلاحات ومُراجعة ملفات الشؤون الداخلية والخارجية، وبنى علاقات مع الاتحاد السوفياتي وأوروبا، وكانت قمّة البحر الأحمر التي عُقدت في تعز 1977 من أهم مُبادراته الدبلوماسية الإقليمية. وقد سبقها بقليل توقيع اتفاقية مع رئيس اليمن الجنوبي حينها ربيع علي (سالمين) في فبراير 1977 لتشكيل مجلس يبدأ في خطوات عملية لتوحيد اليمن. ونقل التحقيق عن شهادة السفير إدوارد غنيم نائب رئيس البعثة الأمريكية باليمن سنة 1978 قوله: إن أعمال الحمدي أثارت خصومه داخلياً وخارجياً؛ فبدأت السعودية تنأى عنه خاصة بسبب سعيه لتأمين البحر الأحمر وبناء جيش وطني وتوحيد شطريْ اليمن، وكانت الرياض قلقة من كل ذلك لاسيما توحيد اليمن. وقال: إن خصوم الحمدي اجتمعوا جميعاً على الإطاحة به، وتم لهم ذلك باستقطاب ضباط كان قد منحهم ثقته الكاملة، وفي مُقدّمتهم رئيس أركان القوات المسلحة أحمد الغشمي، وقائد لواء تعز علي عبد الله صالح الذي تولّى رئاسة البلاد لاحقاً. وفي 11 أكتوبر 1977 كان الحمدي يستعد لزيارة عدن بدعوة من قيادة اليمن الجنوبي، وكانت الرياض ترفض هذه الزيارة خاصة أنها كانت ستتم فيها ترتيبات مهمة لتجسيد الوحدة اليمنية. تعدّدت الروايات بشأن طريقة تصفية الرئيس الحمدي بعد وصوله لبيت الغشمي الذي يقع قبالة مبنى السفارة السعودية في صنعاء. وحسب ما رواه للبرنامج عبد الله الحكيمي - الناطق باسم مجلس قيادة فترة حكم الحمدي - فإن وزير الشؤون الاجتماعية عبد السلام مقبل هو الوحيد الذي نقل ما جرى في بيت الغشمي لحظة وصول الرئيس الحمدي إلى وليمة الغداء. وبعدها بساعات أعلِن في وسائل الإعلام نبأ اغتياله في ظروف غامضة داخل بيت له علاقة بعاهرتين فرنسيتين. لكن إحدى وثائق الخارجية الأمريكية تؤكد حضوره لدعوة غداء الغشمي، كما تُثبت تورّط السعودية في اغتياله، وهو التورّط الذي أكده أيضاً الرئيس اليمني المخلوع علي صالح - قبيل مقتله - في لقاء تلفزيوني، أفاد فيه بأن المُلحق العسكري السعودي في صنعاء أشرف على عملية الاغتيال.
مشاركة :