يتألق ركن المطبخ ضمن فعاليات «المغرب في أبوظبي»، المستمر بمركز أبوظبي للمعارض حتى 30 من أبريل الجاري، يومياً من على منصة الطهي المباشر التي تستقطب إليها جمهور الذواقة من مختلف الجنسيات. وتتناوب على تقديم عروض الطعام أشهر طاهيات الأطباق التقليدية أمازيغية الأصل في إطلالة على باقة من الأصناف التي طبعت النكهات المغربية منذ القدم.. ووسط أجواء تعبق فيها رائحة التوابل الممزوجة بالخضراوات الطازجة وأنواع الكسكس والطاجين وحساء الحريرة وحلوى كعب الغزال وسواها، تتوالى فنون الطهي بما لذ وطاب. مائدة متنوعة بالاطلاع على تاريخ المطبخ المغربي، تتضح الصلة الوثيقة بينه وبين طبيعة الحياة اليومية لشعب المملكة، بما يتوارثه من مهارات الجمع بين التأثيرات الأمازيغية والشرقية وعادات البحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي جعل المائدة المغربية تعد من الأكثر تنوعاً في المنطقة على تنوع ثرواتها الطبيعية وتقاليدها الاجتماعية، إذ ينقسم المطبخ المغربي اعتماداً على فصول السنة واختلاف المناطق، وقربها من الساحل أو الصحراء. ففي الأحياء البحرية يكثر استعمال الأسماك في أكلات الطاجين ومشوي السردين، فيما يشتهر أقصى الجنوب بالأكلات الصحراوية التي تعتمد على لحم الإبل والكسكس وحليب النوق والشاي التقليدي. المالح والحلو وتحدثت كبيرة الطهاة المغربية ذكية أيت بولحسن عن أصول الطعام المغربي وتأثيرات الفاتحين العرب الذين جلبوا التوابل من الشرق، وعلى إثرها ظهر هذا التمازج بين النكهات الحلوة والمالحة، وذكرت أن مما يميز مطبخ بلادها الإكثار من استعمال الزيتون والحوامض الآتية من تراث مطابخ البحر المتوسط السخية بالتوابل مثل الكمون والزنجبيل وسواها من النكهات التي تم تطويرها مع الزمن واتخذت الصبغة المغربية. ولفتت إلى الثراء في أنواع الخبز والمعجنات ومنها «الملوي» و«الحرشة» و«المسمن» و«الشباكية» و«البطبوط»، والحلويات المغربية الشعبية التي غالبا يتم إعدادها مع اللوز والعسل وترافق ضيافتها مع الشاي التقليدي بالنعناع، وقالت بولحسن إن أكثر ما يميز المطبخ المغربي الخلط بين المالح والحلو بما يفتح الشهية، وهذا ما لا تستطيع تحقيقه المأكولات العالمية الأخرى مع التركيز على نكهات الزعفران. «البسطيلة» و«الزعلوك» من جهتها، ذكرت الشيف شميشة الشافعي أن الموائد المغربية تتميز بزينتها وتنوع أصنافها والإكثار من استخدام التوابل التي لاتقاوم في أطباق «البسطيلة» و«المروزية» و«الزعلوك» و«البيصارة» و«البغرير» و«الرفيسة»، وقالت إن فنون الطهي المغربي تم توارثها عن الأسلاف بإتقان، وهي كلها مميزة بلا استثناء بالرغم من أن طبق «الكسكس» هو الأكثر شهرة على الإطلاق. وذلك لما فيه من مواد لذيذة تتفاعل مع بعضها في أشهى تكوين، مثل البصل المحلى بالعسل والحمص المغلي مع أشهى أنواع الخضار الملونة مثل الكوسا والجزر واليقطين واللفت، إضافة إلى ما يزينه من أصناف جانبية بدءاً بالباذنجان بنكهة الكمون والتوابل الممزوجة مع الفلفل والعدس والفاصولياء المطهوة على الطريقة التقليدية وعلى نار هادئة. مخزون ثقافي واعتبرت الطاهية المغربية رجاء بن موسى أن زيارة ركن الطهي ضمن «المغرب في أبوظبي» تكشف أمام الزوار جمالية الترحال بين المناطق المغربية وتذوق أطباقها بحسب البعد الجغرافي للمنطقة، وقالت إن التعرف إلى فنون الطهي المغربي يثري المخزون الثقافي لمحبي المملكة ممن يجدون فيها جانباً مكملاً للمشهد العام الذي يعرف فيه الشعب المتذوق للفنون على أنواعها. وأكدت أن الكثير من السياح يقصدون المغرب خصيصاً لتذوق أكلاتها ما بين المطبخ الحديث والمطبخ التقليدي، الذي يعتمد على أفران مصنوعة من التراب والطين وأوانٍ خزفية وترابية، ولا يخضع إلا لمقاييس تقديرية ويبقى الأكثر تميزاً وإقبالاً من السياح من مختلف الجنسيات. طبق «الطنجية» وأوضحت الطاهية عتيقة مرشد أن مدينة مراكش تشتهر بطبق «الطنجية» المطهوة بالفرن التقليدي، فيما تكثر في الدار البيضاء الأكلات الأجنبية مثل المعجنات الإيطالية والشعيرية الصينية وأنواع الفطر والأجبان و«البسطيلة» بفواكه البحر، إضافة إلى أصناف الأسماك واللحوم والدجاج المشوي المعطرة بنكهة التوابل والتي تطهى بمزيج بين التقليد والعصري. وتضيف: يحظى المطبخ المغربي بشعبية في كتب الطهي العالمية وفي كبريات المجلات المتخصصة وبرامج المسابقات على غرار «ماستر شيف» في نسخه المختلفة، التي غالباً ما تقترح زيارات للمغرب أو تدمج المتسابقين في تحضير أكلات تقليدية معروفة كالطاجين أو الكسكس.
مشاركة :