تنطلق «حكومة إلى العمل» في لبنان، اعتباراً من اليوم وعلى أكثر من جلسة، في مناقشة مشروع موازنة العام الجاري، في حين ستكون مواقف القوى السياسية تحت المجهر لناحية المناقشات المسؤولة بعيداً عن المزايدات، وسيكون التأهّب سيّد المواقف، سواء من جهة القطاعات التي يمكن أن يستهدفها التقشّف، أو لجهة القطاعات التي يمكن أن يستهدفها طلب التمويل. وفي الحالين، فإنّ الحكومة ستكون محكومة بالمهل القصيرة لأنها لا تملك ترَف إطالة الوقت في الجلسات. وإذا كانت الموازنة ستجتاز بعد جلسات مكّثفة ستعقدها الحكومة محطّة مجلس الوزراء، فإنّ كرة النار هذه ستنتقل بعدها إلى ملعب مجلس النواب، حيث ستخضع لدراسة جديدة ستُمتحن خلالها متانة التوافق السياسي على السير بـالتدابير القاسية. ويبرز دور المجتمع الدولي، الذي سيعاين من كثب بنود الموازنة العتيدة ومعالمها، ليحدّد في ضوئها ما إذا كانت كافية لتفتح طريق أموال الدول المانحة واستثماراتها نحو بيروت. إلا أنّ عينه الأخرى ترصد أيضاً أداء لبنان، سياسياً واستراتيجياً. فهو لا ينفكّ يشدّد على ضرورة تقيّد مكوّناته بسياسة النأي بالنفس وبالقرارات الدولية وبوضع استراتيجية دفاعية. وفي السياق، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، في التقرير نصف السنوي الـ29 في شأن تنفيذ القرار 1559، من احتفاظ حزب الله بــ«قدرات عسكرية ضخمة ومتطوّرة»، ودعا الحكومة والجيش إلى اتخاذ كلّ الإجراءات الضرورية لمنعه من حيازة الأسلحة، والعمل من أجل تحويله إلى حزب سياسي مدني صرف. المشهد الداخلي وينصبّ الاهتمام، اعتباراً من اليوم، على العنوان الأهمّ في المرحلة الراهنة: إقرار الموازنة الجديدة في أقرب وقت، مع أكبر قدر ممكن من الإصلاحات، بعيداً عن منطق الشائعات والاستنتاجات حول تخفيضات من هنا وضرائب من هناك، قبل أن يكون في المتناول أيّ طرح ملموس، ليُبنى على الشيء مقتضاه. وفي الموازاة، تعدّ القطاعات العمالية والنقابات العدّة للتصعيد والتحرّك في الشارع، غداً بمناسبة عيد العمل، رفضاً لأيّ ضرائب إضافية أو تخفيضات تطال رواتبهم وتعويضاتهم، بات من المرجّح أن تلحظها أوراقها الموازنة، من ضمن سلّة «التدابير التقشّفية الصعبة» التي تحدّث عنها مراراً رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل. وفي المحصلة، فإنّ استعادة الثقة بين المواطن والشريحة الأوسع من القوى السياسية، ولاسيما تلك الممثّلة في مجلس النواب، باتت أولوية. وفي هذه النقطة بالذات يكمن الجوهر، ذلك أنّ اللبنانيين باتوا يتخذون من أيّ خطوة تُطرح، ولو كانت محقّة، موقف المشكّك، نظراً إلى التجارب البشعة التي قاسوا الأمرّين منها على مدى عقود. ملفّان ساخنان ومع انتهاء عطلة الفصح اليوم، ستُفتح الملفات الساخنة دفعة واحدة. والملفّ الساخن الأول، يتمثل بموازنة التقشّف وما تطرحه من صعوبات وتحديات على الطبقتين الوسطى والفقيرة، وباعتبارها أهمّ وأدقّ وأخطر موازنة في تاريخ لبنان. وفي قراءة لمشروع الموازنة الذي وزِّع على الوزراء، اعتبرت مصادر وزارية أنّ التحدّي في هذه الموازنة كان في تخفيض العجز إلى ما دون التسعة في المئة، وهو أمر، إذا ما انتظم الالتزام به في هذه الموازنة وفي الموازنات المقبلة، يكون قد وضع البلاد على سكّة الانتظام المالي، لناحية التوازن بين الإنفاق والإيرادات، ولناحية تحقيق نمو، بعدما كان في السنوات الماضية لا يتخطّى الواحد والنصف في المئة. أما الملفّ الساخن الثاني، فيكمن في الضغط الأمريكي على إيران وحلفائها، وهو أمر له تداعياته المباشرة وغير المباشرة على الواقع اللبناني. وفي هذا الإطار، لفت الحديث الناري للمبعوث الأمريكي الخاص بإيران براين هوك في واشنطن، فهوك، وبخلاف ما أشاعه الوفد اللبناني الذي زار العاصمة الأمريكية أخيراً، أكّد أنّ خيار فرض عقوبات على حلفاء حزب الله وإيران لم يسقط بالنسبة إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو. وبالتالي، فإنّ كلّ من يؤمّن الدعم المادي لـ«الحزب الإرهابي»، كما وصفه هوك، معرّض للمحاكمة الجنائية. وبناءً عليه، ارتفع منسوب التحذيرات من أنّ الأشهر المقبلة صعبة على لبنان، وأنّ الوضع الإقليمي المتفجّر قد تكون له انعكاسات صعبة في لبنان. طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :