طالب نجل الفلسطيني المقتول في تركيا زكي مبارك، بتشكيل «لجنة دولية» لكشف ملابسات مصرع والده المحتجز داخل أحد السجون التركية، بزعم التخابر مع جهات خارجية، وفق الرواية الرسمية التركية التي قالت إنه «انتحر». ويتمسك نجل الضحية بأن يشمل التحقيق ظروف احتجاز، ووفاة والده في سجون أردوغان، مستنجدًا بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، في ظل المزاعم التي تروجها السلطات التركية بدايةً من اعتقاله بحجج واهية، ثم وفاته على هذا النحو المثير للشكوك. أهداف ولجان التحقيق (وبعثات تقصي الحقائق) الدولية يجري تكليفها من الأمم المتحدة، ويتزايد استخدامها للتصدي لحالات الانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، سواء كانت طويلة الأمد أو ناجمة عن أحداث مفاجئة. ومن شأن هذه اللجان تعزيز المساءلة عن هذه الانتهاكات ومكافحة الإفلات من العقاب، في ظل دعمها من قبل هيئات التحقيق الدولية التابعة لمجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان، والأمين العام والمفوض السامي لحقوق الإنسان. واتهمت عائلة الضحية الفلسطيني زكي مبارك (الذي كان معتقلًا في سجون الرئيس رجب أردوغان) السلطات التركية بقتله؛ وذلك «حتى لا تظهر براءته»، فيما وثق شقيقه (زكريا مبارك)، في مقطع فيديو، التأكيدات بمسؤولية السلطات التركية عن مقتل «زكي»، مشددًا على أن الرواية التركية حول انتحاره كاذبة. وقال شقيق الضحية إنه «حذر في وقت سابق من أن تقوم السلطات التركية بقتل زكي، حتى لا تظهر براءته"، مشيرًا إلى أن «لديه ملف القضية والمكالمات مع المحامين التي تؤكد براءة شقيقه»، وأن «العائلة ستنشر بيانًا في وقت لاحق حول القضية» يتنافى مع ما تروجه السلطات التركية حول «زكي مبارك وفلسطيني آخر المعتقلين لديها بتهمة التجسس لصالح الإمارات!». دعم وفي إطار عملها الأساسي، تقدم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان الخبرة والدعم إلى اللجان والبعثات الخاصة في هذا الشأن، لا سيما الإرشادات والمشورة بشأن منهجية التحقيق وتطوير أدواته، والقانون الدولي الواجب التطبيق. كما تنشئ المفوضية أمانات مجهزة بموظفين متخصصين، وتقدم الدعم الإداري واللوجستي والأمني، وتُجرِي الاستعراضات والعمليات القائمة على الدروس المستفادة. ومنذ عام 1992، قدمت المفوضية الدعم إلى اللجان والبعثات ونشرت 50 لجنة وبعثة تقريبًا. ومما يدعم اتجاه أسرة ضحية السلطات التركية زكي مبارك، أن هناك قواعد عامة ومبادئ أساسية في مُعامَلة السجناءِ، تشمل الاحترام الواجب لكرامتهم وقيمتهم المتأصِّلة كبشر، كما لا يجوز إخضاع أيِّ سجين للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المُهينة. وتنص الأنظمة الدولية على ضرورة توافر هذه المعايير لجميع السجناء. ولا يجوز التذرُّع بأيِّ ظروف باعتبارها مسوِّغًا له. ويجب ضمان سلامة وأمن السجناء والموظفين ومقدِّمي الخدمات والزوَّار في جميع الأوقات. حياد وتُطبَّق هذه القواعد بحيادية. ولا يجوز أن يكون هناك تمييز في المعاملة بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين، أو الرأي السياسي أو غير السياسي، أو المنشأ القومي أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد أو أيِّ سبب آخر. وتُحترَم المعتقدات الدينية والمبادئ الأخلاقية للسجناء. وتطبيقًا لمبدأ عدم التمييز في الممارسة العملية، تأخذ إدارات السجون في اعتبارها الاحتياجات الفردية للسجناء، وخصوصًا الفئات الأضعف في بيئات السجون. ومن اللازم اتخاذ تدابير لحماية وتعزيز حقوق السجناء ذوي الاحتياجات الخاصة. ويجب ألاَّ يُنظر إلى تلك التدابير على أنها تدابير تنطوي على تمييز. ولأن الحبس وغيره من التدابير التي تفضي إلى عزل الأشخاص عن العالم الخارجي، ولأنها تعتبر تدابير مؤلمة من حيث سلبها حقَّ الفرد في تقرير مصيره بحرمانه من حرِّيته؛ لا ينبغي لنظام السجون (إلا في حدود مبرِّرات العزل أو الحفاظ على الانضباط) أن يفاقم المعاناة الملازمة لمثل هذه الحالة. ولم تقدم تركيا أي دليل حتى الآن على الانتحار المزعوم، كما لم تقدم ما يثبت تجسس الضحية لصالح أطراف خارجية؛ ما يؤكد أن «زكي مبارك» لقي مصرعه تحت وطأة التعذيب، خلال محاولات مستميتة من «أمن أردوغان» لإجباره على اعترافات مزعومة تسيء لدولة الإمارات العربية، وأطراف إقليمية أخرى. مزاعم وزعمت السلطات التركية، في وقت سابق، أن «أحد المتهمين بالتجسس لصالح الإمارات، قد انتحر في السجن»، وسط تأكيدات إقليمية ودولية أن نظام أردوغان صاحب السوابق في تسييس القضاء، حاول توظيف الضحية وزميله بالصورة التي تم التعامل معها سابقًا مع قضية القس الأمريكي أندرو برونسون الذي وجهت له أنقرة الاتهامات نفسها (بأوامر مباشرة من أردوغان) قبل أن يعطي الرئيس التركي الضوء الأخضر للقضاء، فأفرج عنه في نصف ساعة فقط، وعاد إلى أمريكا. وتنص التشريعات والأنظمة الدولية أيضًا فيما يتعلق بـ«أماكن الاحتجاز»، على حماية السجناء داخل الزنازين، أو غرف الاحتجاز الفردية. ولا يجوز أن يوضع في الواحدة منها أكثر من سجين واحد ليلًا. فإذا حدث -لأسباب استثنائية، كالاكتظاظ المؤقَّت- أن اضطُرَّت الإدارة المركزية للسجون إلى الخروج عن هذه القاعدة، فعليها أن تتفادى وضع سجينين اثنين في زنزانة أو غرفة فردية. هذا وقد أبلغت السلطات التركية، السفير الفلسطيني لدى أنقرة فائد مصطفى، أن «الموقوف زكي يوسف مبارك، وجِد منتحرًا في مكان توقيفه بأحد السجون التركية». وكان الضحية محتجزًا في سجن «سيليفري» بإسطنبول، بعدما اعتقلته السلطات التركية قبل 10 أيام باتهامات مزعومة، فيما أمرت محكمة الصلح الجزائية المناوبة في إسطنبول، في وقت سابق، بحبس الموقوفين على ذمة التحقيق، بزعم «التجسس السياسي والعسكري، والتجسس الدولي»!!. خلط وزعمت شبكة «تي آر تي» المقربة من الأجهزة الأمنية المحلية، أن «المتهمين بالتجسس لصالح الاستخبارات الإماراتية اللذين اعتقلتهما السلطات التركية قبل أيام، كانا على صلة بالقيادي الفلسطيني محمد دحلان الذي يقيم في أبوظبي». يأتي هذا فيما وجهت النيابة إلى كل من سامر سميح شعبان (40 عامًا) وزكي يوسف حسن (55 عامًا) من الجنسية الفلسطينية، تهمة الحصول على معلومات سرية خاصة بالدولة بغرض التجسس السياسي والعسكري، دون أن تقدم أي دليل. بدورها، قالت التحقيقات (وفقًا للائحة الاتهام التي أعدها المدعي العام الجمهوري في إسطنبول المقرب من أردوغان) إن «المتهمين كانا على صلة بالقيادي المفصول من حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح (محمد دحلان) الذي يقيم في الإمارات، والذي تقول السلطات التركية إن لديها أدلة على تورطه في محاولة الانقلاب الفاشلة بتركيا في 15 يوليو 2016»، وهي الشماعة التي تعلق عليها السلطات التركية كل مزاعمها تجاه الخصوم في الداخل (تم بموجبها اعتقال وإنهاء خدمة أكثر من 175 ألفًا من القيادات والمسؤولين المعارضين في تركيا).
مشاركة :