الهاشل: العالم مقبل على تحديات اقتصادية جسيمة

  • 4/30/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

القبس الإلكتروني – قال محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل، في مقابلة مع قناة العربية، إن العالم مقبل على تحديات جسيمة مختلفة عن السابق، محذرا من أن «الماضي لن يكون مؤشرا جيدا للمستقبل»، في ظل ارتفاع مستويات الدين العالمي وتغير السياسات في الدول الكبرى وغموضها، ما سيلقي بظلاله على النمو العالمي، وبالتبعية على اقتصادات المنطقة. وأشار الهاشل إلى أن «السنوات العشر الماضية كانت مليئة بالتحديات، ابتداء بأزمة الرهون العقارية في الولايات المتحدة الأميركية، ثم أزمة الديون السيادية في أوروبا في ٢٠١٠، ثم حين داهمتنا الأزمة في عقر دارنا من خلال انخفاض حاد في أسعار النفط منذ ٢٠١٤». ولاحظ أن «هذه الأزمات، وخصوصا الأزمة المالية العالمية، كشفت عن ضعف إدارات المخاطر، وضعف معايير الحوكمة في المؤسسات المالية في العالم ككل، وألزمتنا وحتمت علينا نظرةً شمولية مختلفة، وإعادة (مراجعة) منظومة الرقابة بشكل كامل، ليس فقط في الشق الجزئي (micro)، بل أيضا على المستوى الكلي (micro prudential)». ولفت الهاشل إلى أن «البنك المركزي اتخذ إجراءات تحوطية متزنة منذ اندلاع الأزمة العالمية، مكنت القطاع المصرفي من تعزيز مكانته في الاقتصاد المحلي، حتى يستمر في القيام بدوره في الوساطة المالية في الاقتصاد، وأدت إلى دخول البنوك في أزمة انخفاض النفط من موقع قوة، واستمرارها في ممارسة دورها بشكل سليم في الاقتصاد». تحديات عالمية وأكد الهاشل أن «العالم مقبل على تحديات جسيمة ومختلفة تماما عما شاهدناه في السابق»، محذرا من أن «الماضي لن يكون مؤشرا جيدا للمستقبل». ومن تلك التحديات، أشار الهاشل إلى «ارتفاع حجم الدين العالمي إلى مستويات غير مسبوقة، عند نحو ٢٤٤ تريليون دولار أميركي، أي ما يعادل ٣٢٠ في المئة من الناتج العالمي الإجمالي»، موضحا أن هذا الرقم يشمل الديون السيادية وديون القطاع الخاص والأفراد. واعتبر أن «تحدي الديون كبير، خصوصا للدول والمؤسسات والأفراد المقترضين بعملات أجنبية، إذ مع ارتفاع معدلات الفائدة والسياسات النقدية الانكماشية في الاقتصادات الكبرى، وكذلك ارتفاع أسعار الصرف للعملات العالمية، سيزداد عبء سداد الديون بالعملات الأجنبية». ولفت الهاشل إلى أن من بين التحديات «التغير الكبير والجذري في السياسات في الدول الكبرى، وغموض هذه السياسات، والتركيز على النظرة الداخلية، وتعزيز النزعة الحمائية، و(بروز) الحرب التجارية بين الاقتصادات الكبرى». ورأى أن هذه العوامل «ستلقي بظلها على نمو الاقتصاد العالمي، خصوصا أن نعيش في اقتصادات صغيرة ومنفتحة على العالم، وبالتبعية سنتأثر بلا شك، عندما يحدث ركود أو تباطؤ في الاقتصاد العالمي سيؤثر ذلك على الطلب العالمي، وبالتالي يتأثر الطلب على النفط، وهو المورد الأساسي في اقتصاداتنا المحلية، وهذا بدوره سينعكس كأحد الآثار المباشرة على اقتصادنا المحلي». وأشار الهاشل إلى تحدٍ آخر هو «الثورات التقنية والتغيرات الجذرية في طلبات العملاء واحتياجاتهم، وهذا يحتم على المؤسسات المالية أن تنظر نظرة مختلفة تماما إلى احتياجات ومتطلبات العملاء، لتلبيتها بالشكل السليم والمطلوب». السياسة النقديةفي موضوع آخر، بيّن الهاشل أنه «ليس بالأمر اليسير رسم سياسة نقدية موائمة للظروف الاقتصادية المحلية في ظل نظام سعر الصرف المطبق في الكويت، والمرتبط بسلة من عملات الدول الكبرى التي تربطنا بها علاقات مالية وتجارية، خصوصا في الظروف الاقتصادية الراهنة، العالمية والمحلية». وأوضح الهاشل أن «السياسة النقدية الأميركية اتجهت نحو التقييد والانكماش في الفترة الماضية، وإن كان ذلك قد تغيّر مؤخرا في الاجتماعين الأخيرين للفيدرالي الأميركي في ديسمبر ٢٠١٨ ومارس ٢٠١٩، حيث تغير توجه السياسة النقدية نحو الصبر قليلا والانتظار لحين بروز بيانات أكثر تبين اتجاه الاقتصاد الأميركي». وبين أن سياسة التقييد الأميركية استمرت «على الأقل في الفترة منذ ديسمبر ٢٠١٥، عندما بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة مرة واحدة، ثم في ديسمبر ٢٠١٦ مرة أخرى، ثم في ٢٠١٧ ثلاث مرات، وفي ٢٠١٨ أربع مرات». وفي شرحه للسياسة النقدية الكويتية، قال الهاشل: «في الكويت رفعنا الفائدة فقط أربع مرات، وخالفنا الاحتياطي الفيدرالي خمس مرات أخرى، وذلك لتحقيق هدفين قد يكونان متعارضين في الوقت الراهن لكنهما من المتطلبات والثوابت الأساسية عند بنك الكويت المركزي. الهدف الأول هو تكريس جاذبية الدينار الكويتي وبقاؤه كوعاء موثوق ومجزٍ للمدخرات المحلية. هذا الهدف يدعو إلى رفع أسعار الفائدة عندما يرفعها الفيدرالي الأميركي، حتى نحافظ على هوامش إيجابية لصالح الدينار الكويتي. وفي المقابل، نحتاج لتوفير بيئة مؤاتية للنمو الاقتصادي، وتخفيف الأعباء عن المقترضين، وتشجيع القطاع الخاص على الاقتراض للمساهمة في النمو الاقتصادي. هذا يدعوك على الأقل إلى الإبقاء على أسعار الفائدة». وأضاف «لذلك كان أمام البنك المركزي معضلة وصعوبة في رسم سياسة نقدية، لكن بحمد الله وبإشادة من مؤسسات دولية أبرزها صندوق النقد الدولي، استطعنا رسم سياسة نقدية مؤاتية وموائمة للظروف الاقتصادية، حققت الهدفين معا، فمن جهة عززنا جاذبية الدينار كوعاء للمدخرات، وفي الوقت نفسه دعمنا النمو الاقتصادي من خلال مخالفتنا لأسعار الفائدة الأميركية». تحوّط لا تحفظ وفي ما يتعلق بالقطاع المصرفي، أوضح الهاشل أن «بنك الكويت المركزي يتبع سياسة متحوطة وباتزان. هي ليست (شد أحزمة) أو (تحفظ) كما يطلق عليها، وإنما سياسة متحوطة تنظر إلى الأوضاع بنظرة شمولية، وتأخذ في الاعتبار الأوضاع الحالية والمستقبلية كذلك، وتتدرج في تطبيق السياسات التحوطية بشقيها الجزئي والكلي. وبسبب هذه السياسات المتحوطة المتوازنة استطعنا أن نحصن القطاع المصرفي، من دون أي تدخل أو خطط إنقاذ من الحكومة، واستطاع القطاع المصرفي الاستمرار في القيام بدوره في الوساطة المالية في الاقتصاد المحلي، مرورا بكل الأزمات». وأكد محافظ البنك المركزي أن «القطاع المصرفي قوي ومتين، وتدل على ذلك مؤشرات السلامة المالية المتعددة». وردا على سؤال عما إذا كان البنك المركزي سيستمر في السياسة التحوطية أجاب: «درهم وقاية خير من قنطار علاج». وأوضح الهاشل أنه «إذا نظرنا إلى مربع السلامة المالية للقطاع المصرفي، من حيث الكفاية الرأسمالية والسيولة وجودة الأصول والربحية، نجد أنها جميعا تدل على متانة وكفاءة القطاع المصرفي”. وأضاف؛ ةفعلى سبيل المثال، الكفاية الرأسمالية الآن مستوياتها عند 18.3 في المئة كما في ٢٠١٨، وبما يفوق بكثير الحد الأدنى المطلوب وفق تعليمات البنك المركزي ومتطلبات بازل- ٣». وتابع الهاشل: «لدينا خمسة مؤشرات للسيولة جميعها مريحة، بما في ذلك المؤشرات الجديدة وفق متطلبات بازل – ٣. وكذلك بالنسبة لجودة الأصول، إذ انخفضت نسبة الديون المتعثرة إلى مستوى متدن لم نصله تاريخيا، عند 1.6 في المئة، وهذه النسبة تعبر عن مدى جودة الأصول في المحفظة الائتمانية لدى البنوك». وفي مايتعلق بالربحية، تحقق البنوك ربحية جيدة، بما يدعم دورها ويعزز الكفاية الرأسمالية لديها ويجعلها بمنأى عن الاحتياج لأي دعم من الخارج. وقد رأينا نمو الأرباح في العامين الماضيين بنسبة ١٤ في المئة و١٨ في المئة على التوالي”. وفي ما يتعلق بالوضع الاقتصادي في الكويت، رأى محافظ بنك الكويت المركزي أن «الاستقرار الاقتصادي يحتاج إلى الاستقرار النقدي والاستقرار المالي وإلى أمور أخرى كثيرة، أبرزها الإصلاحات الهيكلية والمالية والاقتصادية، التي نناشد السلطات دائما لتطبيقها، ليتحقق الرفاه للجميع».

مشاركة :