كان لافتا بعد سقوط نظام المشير عمر البشير الثلاثيني في الحكم أن بعض أنصار الإسلام السياسي كتبوا أنه عندما ذهب ضباط لإبلاغه بقرار تنحيته عن الحكم انصياعا لمطالب المعتصمين أمام وزارة الدفاع، وجدوه يؤدي صلاة الفجر في مسجد ملحق بمنزله. ولم يحتج على الإطاحة به، بل قال: حافظوا على الشريعة والبلاد، أي أن اهتمامه كان على الشريعة فقط. وفي نظر المتحزبين من الإسلام السياسي، ان هذه الكلمات قمة النزاهة والصدق والتضحية، ولم يكن يدور في خلدهم أنه كدس أموالا في بيته بعشرات الملايين، وكان الهدف من بقائه في الحكم هو المحافظة على أمواله وسلطان حاشيته، ونهب مقدرات البلاد بعد أن فرط بمساحة واسعة أكثر من ثلث البلاد لجنوب السودان، مقابل أموال وذهب كما قيل، وأشعل حروبا أهلية بين عرب مسلمين وأفارقة سودانيين مسلمين في دارفور وكردفان، وكان ديدنه الحرب لإشغال الشعب عن مشاكله، والاستمرار في الحكم ونهب الثروات مع حاشيته وأقاربه، بل انه أبلغ قيادة الأركان في آخر اجتماع أنه يجب التضحية بثلث السكان عند الضرورة حتى يبقى في الحكم. نذكر جميعا أن البشير بعد أن تنازل عن جنوب السودان قال قولا مشهورا، وهو: “الآن نستطيع تطبيق الشريعة في الشمال دون معارضة”.. فالتمسح بالشريعة هو ظاهري للايحاء للجهلة بأنه يخدم الدين، بينما هو يتاجر به، ولم نشهد من تطبيقات الشريعة الا جلد النساء في مراكز الشرطة دون محاكمة أو معرفة السبب سوى أنهن كن يرتدين سراويل تحت أثواب طويلة لا خدش للحياء فيها. عقلية استبدادية دموية لم تتعظ ممن سبقها، وهو المشير النميري الذي تمسح بالدين وأطلق على نفسه لقب أمير المؤمنين، وجلد شاربي الخمر، وتبين ذات يوم أن القاضي الذي يحكم بالجلد ضبط مخمورا في عهد أمير المدمنين، وليس المؤمنين، فحاشية المتظاهرين بالتدين هي الأكثر خرقا لتعاليم الدين، حتى عصف به الجيش السوداني بقيادة المشير سوار الذهب طيب الله ثراه الذي ازاحه وسلم الحكم للمدنيين، فجاء عمر البشير وكرر مساوئ النميري وأشد. فليس صحيحا أن حب الكرسي هوالذي يجعل الديكتاتور يتمسك بالحكم، بل المال. ولنا في سيطرة حماس على غزة مثالا واضحا، حيث تصادر أية مساعدات تصل الى غزة لصالحها، وتجبي ضرائب ولا تصرفها الا على أنصارها عملا بقول قادتها: “مال حماس لحماس”. وبرز في غزة بعد سنوات قليلة من حكمها أو ما تسميه “حكم الأيدي المتوضئة” ألف مليونير، ناهيك عن أبراج سكنية يمتلكها قادتها. وعودة الى الديكتاتور العربي في تونس، حيث شاهدنا أكواما من الأموال والمجوهرات والنفائس في قصر زين الدين بن علي. ولا نعلم ماذا كان في قصر الرئيس اليمني علي صالح من ثروات، لكنها استقرت الآن في قصر الحوثي الذي قتله. بينما هناك قادة ظُلموا واتُهموا زورا بتكديس أموال مثل “أبو عمار”.. حيث لم يعثر بعد وفاته على أي حساب له أو أموال، ومثله الخالد جمال عبد الناصر الذي ما زالت جماعة الإخوان تتهمه بتكديس الأموال، ولم يعثر معه الا على مبلغ بسيط في البنك كان يدخره مهرا لإبنته . أذكر هنا أن أكثر الناس أو القادة تطرفا في تطبيق العقوبات باسم الدين هم الأكثر فسادا، مثل قائد شرطة في طهران اشتهر بكونه الأشد قسوة في ملاحقة المومسات، وذات يوم ضبط متلبسا أو متشلحا في بيت دعارة ومعه ست من المومسات فتمت مومسته واقالته. بقي أن نقول: إنه توجد قرب الخرطوم قرية على النيل تسمى قرية “كمل نومك”، حيث توجد أسرة تحت الأشجار يستأجر من يريد النوم سريرا لتكملة نومه. ويبدو أن البشير سيكمل نومه في سجن كوبر .
مشاركة :