رفع الحوثيون في اليمن، أمس، الإقامة الجبرية عن رئيس الحكومة المستقيلة، خالد محفوظ بحاح وبقية الوزراء في حكومته الذين يخضعون لنفس الإجراء، وذلك في ضوء جهود بذلت خلال الساعات الـ48 الماضية، من قبل العديد من الأطراف وبينها المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بنعمر الذي زار بحاح مرتين يومي السبت والأحد الماضيين. وقال بحاح إنه «بعون الله، تم التوصل هذا اليوم الاثنين الموافق 16 مارس (آذار) 2015م، وبجهد مشكور من قيادات أنصار الله والمبعوث الدولي جمال بنعمر ودعوات المكونات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والجهود الدولية وجهد كل الخيرين من أبناء هذا الوطن على رفع الإقامة الجبرية النافدة منذ 19 يناير (كانون الثاني) 2015م عن رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح، وكافة الوزراء في حكومة الكفاءات المستقيلة». وذكر بحاح، في تصريح صحافي، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه لرفع الإقامة الجبرية تضمن «الحرية المطلقة بالتنقل داخل وخارج الوطن كحق إنساني ودستوري، ويأتي ذلك كبادرة حسن نوايا صادقة وبروح المسؤولية التي يلتزم بها الجميع للدفع إيجابا بالعملية السياسية الجارية حاليا تحت رعاية الأمم المتحدة». وأكد بحاح أن الحكومة المستقيلة في 22 يناير الماضي «نظرا للظروف الاستثنائية، تفسح المجال للمكونات السياسية بتحمل مسؤليتها الوطنية للخروج باتفاق يعمل على إعادة مسار الانتقال السياسي على ضوء المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة». ووجه رئيس الحكومة اليمنية «دعوة صادقة إلى كافة مكونات القوى السياسية والمجتمعية للحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن، والعمل بنوايا صادقة وجادة ومسؤولة لتجنب عواقب الارتداد السياسي الذي يجر البلد حاضرا ومستقبلا، دولة وشعبا إلى عواقب وخيمة لا قدر الله وإلى مآل مأساوي لن ينجو منه أحد». كما دعا إلى «الحفاظ على الدولة وعلى كافة أجهزتها ومؤسساتها المدنية والأمنية والعسكرية، والحفاظ على حيادها، بعيدا عن التدخلات والتجاذبات السياسية من أي طرف وتحت أي حجج، فهي الملاذ الآمن والحاضن الوحيد للجميع لخدمة هذا الشعب الصبور». وقال بحاح، في بيانه: «في الأخير أستودعكم الله لمغادرة العاصمة الحبيبة صنعاء إلى حين، متوجها لزيارة أسرتي، وبعد المكوث الإجباري لما يقارب الشهرين في منزلي والذي أصفه بالتجربة الفريدة في حياتي العملية، وأقولها حقيقةً بالفعل كان ذلك الأمر تجربة فريدة، فعلى الرغم من ألم المكوث في مكان واحد والحد من الحرية والقدرة على التحرك، إلا وفاء وعظمة أصدقاء تعرفهم وخبرتهم في السابق، وآخرين لا تعرفهم شاءت الأقدر أن تتعرف على معدنهم ونبل أخلاقهم حول تلك الآلام إلى تجربة رائعة، وهو ما يوجب علي تقديم جزيل الشكر والتقدير والعرفان لذلك التضامن الوطني اللامحدود من أولئك الرائعين والرائعات الذين كانوا يتوافدون أو يتواصلون من شتى بقاع اليمن وخارجها، وهذا من شهم ونبل وكرم وأخلاق مجتمعنا اليمني». وكانت «الشرق الأوسط» آخر من زارت بحاح في إقامته الجبرية بمنزله، أول من أمس، وأدلى لها بتصريحات خاصة، نشرت أمس، تتعلق بالوضع القائم في اليمن والتي أكد فيها أن مشكلة المركز (صنعاء) ستطول، وأن «اليمن معلول». ودعا أبناء الأقاليم إلى الاهتمام بها. على صعيد آخر، قال الرئيس اليمني الانتقالي عبد ربه منصور هادي إن وزراء في حكومة خالد بحاح المستقيلة سيعودون لإدارة شؤون وزاراتهم من عدن، وهو ما يعد رفضا من هادي لاستقالة الحكومة التي قدمها بحاح في 22 يناير (كانون الثاني). ولأول مرة منذ خروجه من العاصمة صنعاء عقد هادي، أمس، في العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن، أول لقاء تشاوري مع 10 وزراء من الحكومة، بينهم وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، ووزير الخارجية عبد الله الصايدي. وأوضحت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن اللقاء كان عاديا، ولم يتطرق إلى مواضيع سياسية، حيث استعرض هادي ما حدث للعاصمة صنعاء من قبل الحوثيين. وأشاد هادي بما سماه «الدور الوطني الكبير للوزراء»، رغم الظروف التي واجهتم، ودعاهم إلى أن يضطلعوا في المرحلة الراهنة لإدارة شؤون وزاراتهم من عدن، وذلك بعد أن تعطل العمل في العاصمة صنعاء جراء تداعيات الانقلاب والأزمة الأخيرة، بينما أكد الوزراء العشرة وقوفهم إلى جانب شرعية الرئيس هادي باعتبارها تمثل طوق النجاة لخروج اليمن من أزمتها وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني. وبحسب مصادر مطلعة، فقد حضر 10 وزراء من بين 36 وزيرا، هم قوام حكومة بحاح التي شكلت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، بحسب اتفاقية «السلم والشراكة». وأوضحت المصادر أن الوزراء الذين حضروا اللقاء، هم: وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي، ووزير الخارجية عبد الله الصايدي، ووزير الإدارة المحلية عبد الرقيب فتح، ووزير الصحة رياض ياسين عبد الله، ووزير الثروة السمكية فهد سالم كافين، ووزير النقل بدر محمد باسلمة، ووزير الأشغال وحي طه أمان، ووزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل سميرة خميس، وتميز اللقاء بحضور الصبيحي ببزته العسكرية، مما يعني عودته لممارسة مهامه في قيادة الجيش الذي شهد تدمير معظم معسكراته في الشمال، بينما لا تزال الوحدات العسكرية في 5 أقاليم محافظة على مقراتها وعتادها العسكري. وكشفت مصادر سياسية يمنية لـ«الشرق الأوسط» عن أن إدارة الرئيس عبد ربه منصور هادي تناقش التحضيرات الجارية لمؤتمر الرياض بشأن اليمن وأسماء من سيمثلون الرئيس هادي والحكومة وبقية الأطراف من الحراك الجنوبي، وذلك إلى جانب التحضيرات الجارية في الرياض لذلك من قبل مجلس التعاون الخليجي. وقالت مصادر يمنية إن هادي كلف مدير مكتبه السابق، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، الموجود في السعودية بمتابعة ملف تلك التحضيرات لانتقال الحوار بين القوى السياسية اليمنية إلى السعودية والذي من المتوقع أن ينطلق (الحوار) أواخر الشهر الحالي، غير أن قرارا رسميا لم يعلن بذلك. وفي سياق متصل، دعا الرئيس هادي جمهورية الصين إلى تفعيل الاتفاقيات التي وقعتها مع بلاده، التي تتضمن إدارة مشاريع استراتيجية في كل من عدن وصنعاء، وحمّل هادي السفير الصيني تيان تشي الذي التقى به، أمس، في عدن، رسالة شفوية إلى رئيس الصين، تتضمن مواضيع مرتبطة بإدارة ميناء شنغهاي للمنطقة الحرة بعدن، وإنشاء شركة نقل بحري خفيف ومتوسط بين البلدين، وتطوير وإدارة مصنعي الغزل والنسيج في صنعاء وعدن، وكذلك إعادة تأهيل مصنع 7 أكتوبر (تشرين الأول) بمحافظة أبين. وأكد هادي أن بلاده تتطلع إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الصين، وتفعيل الاتفاقيات التي تم توقيعها بين البلدين خلال زيارته الأخيرة للصين، وخصوصا الاتفاقيات في قطاع التجارة والموانئ والنقل والصناعة والكهرباء. من جانبه، أكد سفير الصين لدى اليمن، احترام بلاده لسيادة اليمن واستقلاله ووحدته، مطالبا الأطراف اليمنية بوضع مصلحة البلد فوق المصالح الأخرى، وأن تعمل على حل الخلافات بالحوار والتشاور وبشكل سلمي ووفقا للمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتحت رعاية الأمم المتحدة.
مشاركة :